لواء أ ح / محمود ضياء
زميل أكاديمية ناصر العسكرية العليا
قد لا يشعر عديد من المواطنين بأهمية الحوار الشهرى الذى يجريه السيد الرئيس مع الشباب، وقد يعتبره البعض مجرد تمثيلية هزلية لإحتواء الشباب، أو لإيهام المواطنين بمشاركة الشباب فى طرح الأفكار لإدارة الدولة، دون أن يتفهم أن هؤلاء قادرون على طرح العديد من الأفكار الجديدة خارج الصندوق والتى تحتاجها مصر خلال هذه المرحلة الحرجة من عمرها، على جانب أخر ألا تعد هذه اللقاءات بمثابة كشف حساب شهرى تقدمه القيادة السياسية للمواطنين كافة، وأحد أوجه المتابعة والمراقبة على السلطة التنفيذية.
بداية لو إستعرضنا المشاركين فنجدهم يمثلون كافة شرائح وقطاعات الشباب المصرى من شباب الجامعات والرياضيين والمثقفين وشباب الأحزاب والعمل السياسى، بالإضافة إلى العديد من الشخصيات العامة والخبراء المتخصصين الذين يشاركون كمتحدثين ومدراء للجلسات، من متابعتنا لمؤتمرات الشباب التى تم عقدها نستخلص ثلاث حقائق جوهرية، الأولى هى أن تقاعس بعض المسئولين خاصة التنفيذيين عن القيام بمهام وظائفهم بدقة وأمانة يستنزفون وقت الرئيس فى تفاصيل وأمور تزيد من أعبائه، فى وقت يفترض فيه أن يتفرغ تماما لوضع السياسات الإستراتيجية للبلاد خلال هذه المرحلة الدقيقة فى عمر الوطن، أما الحقيقة الثانية فتتمثل فى كسر حاجز الرهبة من الحديث مع رأس الدولة كما كان فى السابق، وإختفاء ظاهرة تكليف بعض الحضور بطرح أسئلة معدة مسبقاً، بل نجد نقاشات وحوارات قوية فيها إختلاف فى رؤى الشباب عن المسئولين بالدولة، وحتى مع الرئيس نفسه، وتقبله بصدر رحب الأفكار والأطروحات الصائبة وقيامه بتدوينها وتكليف الجهات المختصة بتنفيذها ويتابع التنفيذ، بل ويأمر بتشكيل لجان من الشباب للتنفيذ والمتابعة جنباً إلى جنب مع المسئولين، وأخيراً تبرز الحقيقة الثالثة جلية وواضحة بتمسك الرئيس بنهج الشفافية والمكاشفة والمصارحة للمواطنين وحرصه على عدم إخفاء الحقائق مهما كانت قاسية، لإيمانه بأن المصداقية فى التعامل وعرض الحقائق كاملة هى أفضل الوسائل لتعزيز الثقة بين القيادة والمواطنين، وإدراكهم لحجم التحديات التى تواجهها الدولة المصرية، الأمر الذى يساهم فى تقوية الإرادة لدى المواطنين على تحمل ضغوطات المرحلة، وتقديم التضحيات، ومساندة الأجهزة والمؤسسات التنفيذية خاصة التى تقوم بمهامها، ومعاونة الدولة فى القيام بالدور الرقابى على الإجهزة المقصرة، وفضحها، وبما يساهم فى إقصاء الفاشل، أو المقصر.
ولعل من أكثر القرارات التى أثلجت صدرى وعكست بصورة كبيرة وعى وإدراك القيادة السياسية لمتطلبات ومقتضيات ومفردات الأمن القومى، هى الحفاظ على دورية إنعقاد تلك المؤتمرات، وإصرار السيد الرئيس على حضور كافة فعالياته بنفسه، وعقدها بالتناوب بين محافظات الجمهورية، فلا يتم عقدها بالعاصمة فقط، أو بمدينة السلام “شرم الشيخ” الحاضنة لمعظم المؤتمرات خلال الفترة الأخيرة لسهولة تأمينها، الأمر الذى يساهم فى توصيل رسائل مباشرة وغير مباشرة للداخل والخارج حيث يعكس هذا ما تتمتع به مصر من إستقرار وأمن، وأن كافة المحافظات التى كانت مهمشة فى السابق فى قلب وعقل القيادة السياسية، وأنه قد أن الأوان لأن تحظى كافة المحافظات بالتنمية والتطوير لتجاوز سلبيات الماضى التى كانت تركز على العاصمة دون غيرها، مما أوجد فجوة كبيرة فى الخدمات كافة “تعليمة – صحية – إجتماعية – 00” بين المركز والمحافظات الأخرى خاصة فى صعيد مصر، كذلك يعكس قدرة جهاز الشرطة والأجهزة الأمنية المختلفة على تأمين الحشد الكبير من القيادات والشباب فى كافة ربوع الوطن، رغم ما يتحملونه من أعباء محاربة الإرهاب الغاشم، ومردودات ذلك الإيجابية على عودة السياحة إلى مصر والتى تعد أحد المصادر الرئيسية للدخل القومى وللعملة الصعبة، فضلاً عما توفره من سرعة حل كثير من القضايا العالقة والتعرف على المشاكل بأرض الواقع.
إذا ما علاقة المؤتمرات الشهرية بالأمن القومى، ألا يساهم عرض الحقائق فى القضاء على الشائعات التى تستهدف الوقيعة بين المواطنين والقيادة السياسية، وأيضاً فى زيادة تشابك النسيج الوطنى والولاء والإنتماء للوطن، وإحتواء الشباب وتوجيهه التوجيه الصحيح المفيد للدولة بدلاً من إستقطابهم بواسطة الجماعات المتطرفة وبث سموم أفكارهم، إشعار الشباب بدورهم فى بناء مصر الحديثة، فرصة لإعداد الكوادر الشبابية القادرة على قيادة البلاد خلال السنوات القادمة، تذليل العقبات الإدارية التى تعرقل تنفيذ مشروعات تساهم فى خفض نسبة البطالة، حرية التعبير عن الرأى فى وجود رأس السلطة التنفيذية تعطى إنطباع بقدرة الشباب على التغيير وأن لهم صوت أصبح مسموعاً فلماذا اللجوء للعف أو المنابر غير الشرعية للتعبير عن الرأى طالما هناك أذان تسمع وقرارات فورية يتم إتخاذها لتلبية المطالب المشروعة والممكنة التنفيذ فى توازن كامل بين الأحلام والطموحات والإمكانيات، كل هذا وغيره ألا يساهم فى تعزيز الأمن القومى، والحد من إنتشار الإرهاب أفة هذه المرحلة، ودحض الإفتراءات المتعمدة لتشويه صورة الإنجازات التى تتحقق على أرض الواقع، ألا يساهم إرتفاع درجة الوعى العام لدى المواطنين والتنبه إلى خطورة ما يتم نشره على مواقع التواصل الإجتماعى وفى بعض وسائل الإعلام فى الحفاظ على الأمن القومى، وأخيراً يجب على القيادات التنفيذية كل فى موقعه أن تحذوا حذو السيد الرئيس فى الإستماع إلى مواطنيهم بنطاق محافظاتهم وعقد لقاءات دورية مع الشباب والمواطنين والإستماع إلى أفكارهم وأرائهم، والنزول ألى أرض الواقع لمتابعة تنفيذ القرارات التى تصدر فى المكاتب المكيفة هل دخلت حيز التنفيذ أم أنها حبيسة الأدراج، كذلك الأمر يتطلب قيام أصحاب الخبرات ببلورة ما يتم طرحه من أفكار من قبل الشباب وتحويل الأحلام إلى واقع يمكن تنفيذه، كما أدعوا المسئولين بوزارات التربية والتعليم، والتعليم العالى، والشباب والرياضة، والثقافة، والمؤسسات الدينية بعقد مثل هذه اللقاءات مع الشباب وتوعيتهم وتوجيههم وتشجيعهم للتعبير عن رأيهم بشجاعة وحرية للقضاء على حالة السلبية والخوف من الحوار مع المسئولين أو الحوار غير الهادف العشوائى، خاصة وأننا فى حاجة إلى أفكار الشباب والتى عادة تكون خارج الصندوق، وتتجاوز حدود النمطية بغية النهوض بالوطن العزيز 00 حفظ الله مصر وشعبها وجيشها.