الأدب و الأدباء

حقيقة الأنسان

بقلم زينب عبده

إن الله تعالى جعل الانسان في العالم المتوسط بين ملكه وملكوته
يعني لم يجعله ملكيا يعني مثل البهائم والجمادات وباقي الاشياء
ولا ملكوتيا مثل ملائكه
ولكنه جعله انسان مركب بين ملك وملكوت
يعني وضع فيه الشهوه الموجوده بالبهائم فاشترك معهم فيها
وجعل لك نور العقل الموجود بالملائه ليدرك به
يعني
ان الله تعالى خلق الملائكه وخلق لهم العقل دون الشهوه
وخلق البهائم وخلق لهم الشهوه دون العقل
وخلق الانسان مركب من عقل وشهوه
فمن تغلب عقله على شهوته
تغلب روحانيته على بشريته
ونوره على ظلمته فيصير يشبه الملائكه
ومن تغلبت شهوته على عقله
تغلبت بشريته على روحانيته فيصير يشبه البهائم
فالله تعالى
جعلك ايها الانسان في العالم المتوسط
ليعلمك جلالة قدرك بين مخلوقاته
ويميزك عنهم بالمجاهده
ولذلك قدمك لحمل الامانه
وجعلك جوهره نفيسه تطوى عليك اصداف مكوناته
جوهره مصونه بصدف نفيس وهو الكون باسره
فأنت ياقوتة في صدف
الارض تقلك والسماء تظلك
والجهات تكتنفك
والحيوانات تخدمك
والجمادات تدفع عنك
وانت في وسط الجميع
الافلاك دائرة بك
والشمس والقمر ميزان لما أنت فيه
تزين لك الليل والنهار
والحر والبرد
فأنت جوهرة هذا الصدف
فالأكوان كلها عبيد سخرها الله لك
وانت عبد الحضره فاطلبها
وفي الاثار
يابن ادم خلقت الاشياء من اجلك
وخلقتك من اجلي
فلا تشتغل بما هو لك عن من انت له
فالروح اذا تصفت وتطهرت من كدورات الحس
عرجت الى عالم الجبروت
فلم يحجبها عن الله ارض ولا سماء
ولا فلك ولا عرش ولا كرسي
بل يصير ذلك في جوفها شيئ بسيط
لذلك قيل
الصوفي الحقيقي
لا تقله ارض ولا تظله سماء
فما دام الانسان محصور في سجن الاكوان فهي حاكمه على قلبه
وهو مستخدم وخادم لها بدل ان تكون خادمه له لانه فقد نور البصيره
ولانه هو يعشقها وهي بغنى عنه
فاذا زهد بالاكوان وشهد المكون تصير هي،خادمة له
وهوحاكم عليها
هي تعشقه وهو يعشق خالقها
هي مفتقره اليه وهو غني عنها
هي تحرص عليه وهو زاهد فيها
هي تخافه وهو في امن منها
حتى الجنه تشتاق اليه وهو غني عنها
وحتى النار تهابه وهو لم يشعر بها
ففي الحديث
انه يوم القيامه
تقول النار جز يامؤمن فان نورك اطفئ لهبي
فمن شاهد المكون وكان معه
كانت الاكوان كلها مملوكه لديه
يتصرف بها كيفما شاء
لانه حينئذ خليفة الله في،ارضه
فالكون كله عند همتك اذا تعلقت همتك بالله
يقول تعالى في الحديث القدسي
عبدي
اجعلني مكان همك اكفيك كل همك
ولذلك صعب معرفة الاولياء بين الناس
لظهور وصف البشريه عليهم
فقلوبهم مطهره من الاوصاف المذمومه
ولكن قد يصدر من الاولياء اهل القلوب
الغضب والقلق
والتدبير والاختيار
لان الله بحكمته سترهم بوصف البشريه
ولكن سرعان ما تختفي هذه الصادرات
لان قلوبهم تختلف عن قلوب باقي البشر 

زر الذهاب إلى الأعلى