أحيا الشيخ محمود ياسين التهامى مساء الأمس ليلة ختام مولد مولانا الحسين كرم الله وجهه، وتوافد مئات الآلاف من مختلف بقاع العالم، من مريدى سيدنا الحسين ومن محبى التهامى والإنشاد الدينى، كان الحشد أسطورى، ليس فقط العدد الضخم الذى من الصعب أن تجد نصفه فى أى احتفالية أخرى، لكن الحماس والاندماج الذى ينبع من القلوب، الحالة الوجدانية التى يقذفها الشيخ محمود بالقلوب، جعلت من الليلة حفل أسطورى.
والشيخ محمود التهامى هو الابن الذى سار فى البداية على درب أبيه الشيخ ياسين التهامى، هذا الشيخ العملاق الذى صنع من موهبته ظاهرة أبهرت الجميع، ثم تميز الشيخ محمود حين أصقل موهبته بالتعليم والدراسة بعد تخرجه في كلية اللغة العربية بجامعة الأزهر، ثم الماجيستير فى علم النفس ، والعديد من الدراسات فى الموسيقى و أدخل كل الآلات الموسيقية، وكذلك المقامات حديثة ، فأصبح الإنشاد الدينى على يديه متطورًا .
وجمع الشيخ محمود بين الإنشاد الديني بتراثه ووضع معه أسلوب علمي حديث ، وانتقى الكلمات بحسه الراقي، ورددها بصوته المتفرد، وأخرج معانيها بثقافته الواسعة ، وبذلك خرج محمود ياسين التهامى ليس عن عباءة أبيه أشهر منشدى مصر فقط ، بل خرج عن عباءة كل من سبقه من منشدين العالم العربى ، ليصير بدوره من أهم أصوات الوطن العربى فى الإنشاد الدينى ، كذلك انتصر لمهنة الإنشاد، حين حقق لها مكاسب لأول مرة ، منها إنشاء نقابة للمنشدين من أجل الحفاظ على الإنشاد الدينى والتراث المصري، وصار أول نقيب للمنشدين.
وجعل الشيخ محمود من نفسه شخصًا متميزًا واقفًا على أرض صلبة ، واستطاع أن يصل إلى الناس جميعًا ، سواء الأميون أو عامة الناس ، وصولا إلى أكثر الناس وعيا وثقافة ، فقد قدم فنًا مميزًا تتفق عليه كل فئات المجتمع ، تميزه حنجرته القوية ، و صوته العذب ، واحساسه الدافئ ، ذلك الإحساس الذى يجعله فى أحيانًا كثيرة لا يحفظ القصائد ولكن يتعايش معها فينشدها بإحساسه مضيفا عليها نفحات إيمانية فى لحظات التجلى والاندماج مع السميعة ، الذين فى حضرته يهيمون بدورهم فى أجواء من الروحانيات الصافيه التى تغسل نفوسهم وتنقيها وتبعدها عن كل الشرور وتجذبها إلى كل ما هو خير