أخبار مصر

حسن بخيت يكتب الاعلام و الأخلاق ..

احجز مساحتك الاعلانية

 

ساقتني الأقدار وأنا أدير ريموت التلبفزيون لمتابعة الأخبار ومعرفة كل ما يجري في المجتمع ولأخذ قسط من الراحة بعد عناء وتعب الحياة اليومية , فتنقلت من قناة لأخري
لأري اعلام بلا هوية, وبلا هدف،وبلا أخلاق ، والإعلام قد يكون قنبلة موقوتة تشحن البعض بأفكار هدامة وسيكولوجيات زائفة يصنعها من أجل تحقيق أهداف ومصالح فردية، وقد يكون منبعاً للثقافة والفكر والعلوم، ربما استطعنا من خلاله إذا اتصف بالثقافة والفكر أن يلعب دور حيوي ومركزي في تشكيل الرأي العام والوعي الوطني الذي تتخذ على اثره القرارات والمواقف من المسائل الخلافية التي تعيشها البلاد سواء كانت سياسية أو اقتصادية, وخاصة بعد الثورة والحرية المفرطة ، ومن ثم يعتبر الاعلام بمثابة سلطة رابعة.

المتأمل في وضع القطاع الاعلامي وخاصة بعد الثورة قد يلاحظ بأن الثورة حررت الاعلام في حين لم نشاهد اعلام هادف ، بل نلاحظ اعلام أيديولوجي تغلب عليه المصالح الشخصية والمكاسب المادية حتى أصبح المواطن البسيط يعي بطريقة مباشرة لأي تيار سياسي وايديولوجي ينتمي لتلك الوسائل الاعلامية .

أعطني اعلاما بلا أخلاق أعطكم شعبا بلا ضمير

ففي الوقت الذي يحتاج فيه الشعب الى السعي لتكريس ثقافة لم الشمل والبحث عن نقاط الائتلاف والالتقاء تعمل وسائل الاعلام اما على زرع الألغام السياسية والفتن الطائفية والمذهبية تنكيلا بذلك التوجه السياسي أو ذاك متناسين بذلك متطلبات الشعب والذى أنهكته الحالة الاقتصادية وصعوبة المعيشة .

وأصبح الاعلام من وسيلة لتشكيل وجدان الجماهير ووعيها وثقافتها، إلى وسيلة لإثارة الغرائز الجنسية، ومن رسالة سامية تعتمد على الإبداع إلى أعمال لم تعد تستهدف سوى الربح والتجارة، هكذا تحول الفن المصري عبر رحلة تطور للأسوأ تأثر خلالها بالانفتاح نحو الغرب والعولمة، حتى تحول إلى “مؤامرة” ضد الإنسانية، لا تخلو من الكلمات الخارجة والإيحاءات الجنسية، ووصلات الردح في الأعمال الدرامية.

وبعد أن كان لمصر دور ريادي في الاعلام العربي أصيبت الان بانتكاسة، وأصبحت تتعرض لأبشع مؤامرة ينسج خيوطها اعلاميون ورجال أعمال بقنواتهم الاعلامية ومنتجون وفنانون ومخرجون ومؤلفون، والضحايا هم الأطفال والشباب، الذين تتلوث عقولهم بهذا الاعلام الهابط، وخاصة الجانب الفنى والدرامى الذي يؤثر بالسلب على سلوكيات المجتمع، وأصبح يرسخ ثقافة الجريمة، بإفساد عقول أجيال كاملة، ومسخ هوياتهم ومحو ثقافاتهم وإفساد أخلاقهم.

، فلو تحدثنا علي برامج ( التوك شو) وما يحدث بها على الهواء مباشرة. يعد كارثة بكل المعانى ، فالشعار الرسمى لمثل هذه البرامج هى الشتم واللعن والسب والتلفظ بالكلمات البذيئة النابية عبر الميكرفونات وأمام الكاميرات على الهواء مباشرة دون احترام لضوابط وقوانين الاعلام المتحضر .. ولم يقتصر الأمر على مثل هذه التجاوزات الخطيرة ، بل وصل الأمر إلى الإعتداء على المشارك بالضرب بالأيدى والأرجل ، وأحيانا قلب طاولات الاستوديو ، وكثيرا يلجأ المحاور ومعد البرنامج إلى إيقاف البرنامج وقطع الارسال المباشر ، وهذا الامر لا يدل أبدا على ثقافة وتحضر هؤلاء الاعلامين وضيوف البرنامج .

أما عن قنوات السخافة والخرافة والتي تحمل في طياتها كل أنواع الخزعبلات والشعوذة وما أكثر انتشارها علي القنوات العربية والفضائية وعبر الأقمار الصناعية والتي تقوم ببيع الوهم للمواطن البسيط من خلال اعلانات فاشلة وكاذبة تحت مسمي الدين وتعلن عن شيوخ لفك الأعمال وجلب الحبيب ورد المطلقة وتيسير الحصول علي الزوجة الثانية وارضاء الزوجة الأولي وجلب الرزق .الخ

وعن قنوات المنشطات الجنسية والتي تجعل من الرجل العادي عملاق يحمل قوة 6حصان مع توفير بعض المثيرات الغريزية كالرقص والعري والعهر فحدث ولا حرج .
يحدث ذلك في قنوات مجهولة المصدر والهوية وللأسف الشديد تبث جهارا نهاراً علي أقمار مثل النايل سات ونورسات. وعرب سات , ومثل هذه القنوات لا صلة لها بفكر أو دين , فهي قنوات مدسوسة تدعو للسحر والشعوذة ولا تمت للدين أو الأخلاق بشيء بل تصدر صوراً سلبية للمجتمع لتخريب وتجريف العقول.. حتي أصبحت الخرافة جزءاً من ثقافة البعض لدرجة أنه ينفق علي تلك الخرافات وقد يستدين للانفاق علي مثل هذه الأمور.

أما عن الدراما والسينما والتى أصبحت تعتمد على الغرائز الجنسية والاعمال الاجرامية كالقتل والبلطجة وتجارة المخدرات والتى أدت إلى تشويه جميع المهن؛ من رجل الأعمال، وضابط الشرطة، والمضيفة، ورجال الدين، والمدرس، وشيخ الأزهر، والطبيبن وأستاذ الجامعة، وجميع الحرف، ولا نعرف لمصلحة من يتم هذا التشويه المتعمد لشخصيتنا المصرية؟ المعروفة بالتسامح والسلام والطيبة، والتي كان لأصحابها السبق في إقامة أول حضارة عرفتها الإنسانية، ثم مساهمتهم على مدار التاريخ في بناء وتقدم الدول.

وبعد أن كانت الأسرة المصرية تتجمع على سفرة واحدة؛ لمشاهدة الأفلام والدراما على التلفاز، لما بها من قيم وثقافة، وكذلك الخروج سويًا إلى السينما لرؤية أحد الأفلام، أصبح الوضع الآن مختلفًا، لم يعد باستطاعة الأسرة أن تفعل ذلك؛ خشية أن يخدش الفيلم او المسلسل حياءهم لما به من إباحيات، وألفاظ خارجه، فمن الكليبات الفاضحة، وانتشار قنوات الرقص، إلى الأفلام السينمائية التي بها من الألفاظ الخارجة ما نستحيي أن نذكره، ما يشير إلى أننا وصلنا إلى مرحلة من الإسفاف والابتذال والإفلاس، تحت دعوى حرية الإبداع، وأن هذا هو الواقع الذي يعكسه الفن.

وإذا كانت مناقشة الواقع هي رسالة الفن، فلماذا لم يتجه الكتاب والمؤلفون والمنتجون أيضًا نحو دراما تعالج تفكك الأسر المصرية وتصدعها؟، وتناقش أسباب ارتفاع حالات الطلاق، والمشكلات التي يعاني منها الأطفال نتيجة تعنت الطرفين، ومحاولة كل طرف منهما تشويه الآخر، وتناقش مشكلات الشباب كالبطالة، وتأخر سن الزواج ، مشكلة البطالة وطرق حلها ، الخ

وحيث تمر مصر الآن بمرحلة بناء، أصبح الوضح الحالي بحاجة ماسة إلى اعلام هادف بهوية وطنية تخلو منه المصالح الشخصية والأهواء النفسية ، لكى يساهم في شحذ الهمم للعمل والتنمية والبناء، ويرتقي بالمجتمع، ويعيد ثقافتنا وهويتنا العربية والمصرية التي فقدناها، وسط سيطرة هذا الاعلام الفاشل على عقول العامة وخاصة الجانب الفنى وتلك الأعمال الهابطة في الدراما والسينما، والتى انتشرت فى المجتمع كالنار في الهشيم.

السؤال هنا الذى يطرح نفسه

لماذا يسيطر حفنة من “التجار” على الإنتاج الفني بشكل عام في غيبة الرقابة، الأمر الذي تسبب الآن في تحول الاعلام بصفة عامة والفن بصفة خاصة إلى سلعة غايتها الربح والمكسب فقط، ما ترتب عليه تدني الذوق العام، وانحدار الأخلاق العامة للمجتمع، ما ينذر بانهيار المجتمع ككل، في غياب مؤسسات التعليم والتثقيف وتضاؤل دور الأسرة.

إننا نعانى من الفشل الإعلامى ، لأنه إعلام بلا هدف ، ولا رؤية ، ولا حتى آدنى مقومات العمل الإعلامى المحترم ، حتى باتت صورة العربى والمسلم فى الإعلام الخارجى والعالمى هو المتخلف والمستبد والارهابى والمنحط إنسانيا وأخلاقيا”..
نشعر بالحزن الشديد لكل ما نراه ليلا ونهارا من هؤلاء الجهلة المتخلفين والذين ينقلون صورة سلبية وسيئة عن مجتمعاتنا العربية للعالم أجمع ، .
وللأسف هذه هى الحقيقة ، فقد أصبح الإعلام المصرى مصدرا” للإكتئاب لكل طبقات المجتمع .
وهنا أتساءل أين الجهات الرقابية ومن يحاسب هذه القنوات التي تدمر العقول.. لابد من تفعيل دور الأجهزة الرقابية وأن تقف شرطة المصنفات الفنية بالمرصاد لهؤلاء وأن تقوم وزارة الاستثمار التي تخضع لها معظم هذه القنوات من خلال قوانين المناطق الحرة التابعة لها بإيقافها.
ويجب أن يعاقب صاحب القناة الذي يسمح بعرض مثل هذه التفاهات والقاذورات بالسجن المشدد مع إغلاق القناة وإنشاء جهاز مستقل بوزارة الاستثمار لمراجعة ما تبثه هذه القنوات من سموم.
وفي النهاية يجب أن يلتزم الجميع وعلي رأسهم النايل سات ونورساتوعرب سات وغيرها من الأقمار العربية بالمسئولية الاخلاقية ويتكاتف كل في مجاله لمحاربة هذا المد الفضائي الذي لا علاقة له بدين أو شرع ,أو عرف ,أو قانون .

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى