مقالات واراء

حريق مصر الثاني

احجز مساحتك الاعلانية

وليد المصري يكتب

( ما أشبه اليلة بالبارحة )
26 يناير 1952 حريق مصر الأول حيث إندلعت النار في عدة منشآت في القاهرة وفي خلال ساعات التهمت النار نحو 700 محل وسينما وكازينو وفندق ومكتب ونادٍ في شوارع وميادين وسط البلد .
في 9 مايو 2016 حريق مصر الثاني كما أطلق عليه جماهير الفيس بوك الغاضبة , والذي لا يزال مستمر – 10 حرائق كبري في أماكن متفرقة في مصر في 24 ساعة . حيث بدأ بحريق شارع الرويعي بالعتبة، بوسط البلد، والذي نتج عنه اصابة اكثر من 79 مواطن وتفحم ثلاثة مواطنين . وقد شهدت محافظة سوهاج والمنيا والواحات والعاشر من رمضان بالشرقية، والطوابق فيصل حرائق متفرقة .
في حريق مصر الأول كانت مصر تعاني من الملكية الفاسدة وانتشار الفقر والجهل والمرض والامية , وفوق هل هذا هناك مستعمر أجنبي ينهب قوت المصريين ويحولهم الي خدم لدي المندوب السامي البريطاني , وهنا كان حريق مصر الأول هو بمثابة هزة شعبية جعلت الجميع يفكر في قضية الوطن , وخرجت ثورات ضد معاهدة 1936 حتي تم إلغاؤها وتم حصار الانجليز في منطقة القناة وهذا بفضل الارادة الشعبية . الأن في حوادث حرائق اليوم الوحد والتي أطلق عليها البعض حريق مصر الثاني – هل سيعيد المصريون النظر في كافة قضايا الوطن ويعود الشعب ليكون جزء من المشهد ؟ الوضع المصري لا يختلف كثيراً بين عهد الملكية , وبين الواقع الذي نعيشه اليوم فلا يزال المواطن المصري يعاني من الفقر والظلم والاستبداد والاعتقال والجهل والمرض والامية , وفوق كل هذا يوجد المستغل المصري وهم طبقة من التجار المسعورين أصحاب المال والأعمال أو تستطيع أن تقول هم زراع الاستعمار في المنطقة , وهنا يظهر مدي تحول أدوات الحرب بين الدول الكبري فالحرب الاقتصادية توفر الكثيرمن الاموال وتفرض سيطرة أكبر بقوة الواقع ولقمة العيش , وفي نفس الوقت الشعوب الفقيرة والأقل وعيا هي الأكثر إقبالا علي شراء السلاح الكافي لتحريك سوق السلاح العالمي وإنعاشه .
أخي المواطن .. هل تعلم أن 160 ألف مصرى فقط يملكون 40 % من ثروة مصر – هذا ما ورد في تقرير التنمية البشرية العربية الصادر عن الأمم المتحدة عام 2007 – مقابل 36 مليون مصرى يعيشون بأقل من 360 جنيه فى الشهر .
الي متي ستظل الطبقات الحاكمة تنكر الحقيقة , فلكي لا تبدي فشل في الماضي تقرر أن ترتكب حماقات في الحاضر , وفي كل الاحوال من يدفع الثمن هو الشعوب , ومن يموت في الثورة أو الحرب علي الارهاب هم أبناء الشعب .
يجب أن يعلم الجميع أن هناك ثمة خطأ ما في هذا البلد ويجب إصلاحه , لأن هناك جيل كامل من شباب مصر يصل تعداده الي 30 مليون نسمة من أبناء المصرين لا يجمعهم فكر أو ايدلوجيا ولكنهم أبناء الواقع المصري الذي صنعته أيديكم , وقياداتكم .. نعم – نحن أبنائكم وقررنا أن نعيد ترتيب إدراككم من جديد لأن الاشياء التي تمتلكوها أصبحت تمتلككم !
إن السلطة ليس لها قيمة بدون جماهير تمنحها الشرعية والدعم والمساندة والمشاركة في الانتاج والتنمية والحرب ضد اعداء الوطن – ان أعداء الوطن ومن يحاول هدمه هم هؤلاء الذين يملكون المليارات الحرام فهم وحدهم القادرين علي توفير وطن بديل في 48 ساعة , ولديك أمثلة عديدة أبرزها حسين سالم صديق مبارك الوفي , وغيره من مليارديرات المعونة الأمريكية الذي انتفخوا بالاموال بدون قصة كفاح يفخر بها أحدهم ويكون قادر علي مواجهة الجمهور ليصبح مثل و قدوة علي المستوي الاقتصادي – هؤلاء هم من يحاولون هدم الوطن لكن المواطن البسيط قليل الحيلة الذي لا يملك غير هذا الوطن ولن يجرؤ علي هدمها , ولن يقبل أيضا التنازل عنها في يوم , ولن يتخلي عن حلم تحريرها .
ان الطبقات الحاكمة ليست الا تعبيراً عن صلابة الارادة أو رخاوة الجسد .. فالشعب المصري الذي قاوم الصهاينة والعدوان الثلاثي وحرر الوطن العربي من الاستعمار هو نفسه الشعب الذي عقد سلام مع اسرائيل , والقيادة السياسية عبارة عن فرز لوعي المجتمع ومدي قوته . يجب أن يعلم من يحكمنا أن قوته تأتي في مجتمع حر قوي عفي إن خاف يوعي وإن وعي ما يخاف .
الأن وبعد مسلسل حريق مصر الذي لم تنتهي فصوله بعد , ولا يعرف أحد من ورائه , ومن نفذه . أيضا وجود سلسلة من الحرائق بهذا الشكل في ظل عجز أجهزة الدولة عن التنبؤ أو تحديد المشكلة يطرح تساءلأ هل سيكون حريق القاهرة الثاني بمثابة خلخلة للمصريين تجعلهم يخرجون ليسقطوا معاهدة التنازل عن ” تيران وصنافير ” ؟ هل سيعيد التاريخ نفسه ؟ هل سيعود الوفد يقود الفدائيين من أجل تحقيق استقلال مصر ؟ هل سيخرج ظباط أحرار يؤمنون بأركان ثورة الأباء في يوليو 1952 ويحترمون إرادة الشعب القائد والمعلم في ثورته ( 25 يناير – 30 يونيو ) ؟ هل سيعود للمصرين حقوقهم في هذا الوطن , ويتوحد الجميع حول مشروع وطني جديد يبني حضارة عربية جديدة علي هذه الأرض التي لا تعرف إلا الحياة .

زر الذهاب إلى الأعلى