في الآونة الأخيرة كنت في حديث مع بعض الشباب .. منهم من يدرس بالمرحلة الثانوية ومنهم من يدرس بالمرحلة الجامعية وأثناء الحديث وجدت عدم معرفتهم المعلومات الكافية عن قناة السويس وولفريد بلنت والفترة التي قضاها الاحتلال البريطاني في مصر .
إلى هؤلاء الشباب ولكل من يعلم أقول أن قناة السويس تصل البحر الأبيض المتوسط بالبحر الأحمر وبدأت أعمال حفر القناة في عام 1859 باستخدام السخرة لمدة 5 سنوات وقدر عدد العمال المصريين الذين عملوا بصفة دورية 60000 كل شهر وافتتحت قناة السويس للملاحة الدولية رسميا في 17 من شهر نوفمبر1869 والمبالغ التي ساهمت بها مصر حوالي 17 مليون جنية وتمثل ضعف رأس مال الشركة .
ارتبطت قناة السويس بالوضع السياسي في مصر حيث كانت أحد التحفظات الأربعة في تصريح 28 فبراير 1922 وفي معاهدة 1936 نص على أن يرخص للحكومة البريطانية باستبقاء قوات عسكرية لها بجوار القناة لضمان الدفاع على هذه القاعدة وفي المحادثات التي بدأت عام 1953 كان تنظيم جلاء القوات البريطانية عن قاعدة القناة محور هذه المفاوضات التي انتهت بالجلاء التام في 3 أبريل عام 1956 وفي 26 يوليو أعلن الرئيس جمال عبد الناصر تأميم قناة السويس ولذا كان العدوان الثلاثي على مصر في شهر نوفمبر عام 1956 وتم جلاء القوات المعتدية في 23 من شهر ديسمبر عام 1956 كما لعبت قناة السويس دورا هاما في حرب أكتوبر 1973 م .
أما ولفريد بلنت فهو الذي ناصر الزعيم أحمد عرابي منذ بداية ثورته وسعى لإنقاذه من الإعدام وأحضر محاميان منهما برود لي الذي ألف كتابا بعنوان – كيف دافعنا عن عرابي وصحبه – ووصف عرابي بأنه أقرب الكتب لمعرفة حقائق النهضة القومية المصرية وقد قال عنه : ( لقد كانت فكرتي في البداية عن عرابي أنه رجل جامد .. متعصب الفهم .. يحركه الحقد الأهوج فإذا بي بعد عشر سنين اكتشف فيه فطنة سياسية وتحررا فكريا وروحا إنسانية و يقظة علمية ومعرفة مبهرة لتاريخ الثورات وفهما واعيا للحرية ) .
أما الاحتلال البريطاني لمصر فقد بدأ في 11 يوليو عام 1882 بعد ضرب مدينة الإسكندرية بقنابل الأسطول وقد سبق لبريطانيا أن أرسلت حملة بقيادة الجنرال فريزر لاحتلال رشيد في عام 1807 ولكنها فشلت وفي 18 ديسمبر عام 1914 أعلنت بريطانيا الحماية على مصر وبانتهاء الحرب العالمية الأولى تجددت الحركات الوطنية التي تحولت إلى صدام دموي بين الشعب وقوات الاحتلال وتمخضت عن تصريح بريطاني صدر في 28 فبراير 1922 ثم تلت فترة طويلة تميزت بسلسلة من المفاوضات السياسية لتسوية الخلافات بين مصر وبريطانيا بدأها عبد الخالق ثروت عام 1927 بالتفاوض مع تشمبرلين ثم سعد مع ماكدوتالد ثم عدلي مع كرزون ثم محمد محمود مع هندرسون وتتابعت المفاوضات حتي انتهت بتوقيع معاهدة 1936 ثم تلت ذلك مفاوضات جديدة بتعديل معاهدة 1936 استمرت دون طائل حتى منتصف شهر أكتوبر عام 1951 حين أعلنت مصر إلغاء المعاهدة وكان جوهر الخلاف ولبه قاعدة القناة البريطانية التي كانت تضم 80000 من العسكريين عدا العتاد الحربي الكبير وتم الجلاء بصفة نهائية عام 1956 و بذلك طويت صفحة الاحتلال البريطاني لمصر الذي دام 73 عاما و 8 أشهر و14 يوما .
على الجهات المختصة تقديم المعلومات للشباب وتحفيزهم على القراءة .