ها قد وصلنا للحجيم الذي كان يُرعبنا حتى التفكير فيه. وها قد أصبحتِ أماً لغير أولادي.
بعد مرارة سبع سنوات و ثلاثة أبناء أنجبتُهم فيها كانت ابنتي البكر التي حملت اسمكِ أقربهم لقلبي، ورغم أنّها فلذة كبدي البكر التي أسميتها عليكِ لكنني لم أستطع أن أحبّها مثلكِ لا هي ولا حتى أمّها.
وكنتُ أنتظر أن يحمل ابنك الأوّل اسمي كما فعلتُ أنا، لكنّكِ لم تفعلي.
طيلة السبع سنوات التي مضت كنت دائماً أراقبك صباحاً رفقة زوجكِ تصطحبان ابنكما أسامة للمدرسة. وكانتا ابنتاي تذهبان وحيدتان وتارة أخرى مع والدتهما.
فرّطت فيهما لأجلكِ وأنا متيقن أنّه لاريب في أنّك قد نسيتني.
كانا يومي الجمعة والسبت اللذان لا أراك فيهما أتعس أيام أسبوعي بل وحياتي كلّها!
فقد كنت معتاد على غيابكِ ليوم واحد كحد أقصى لصالحية قلبي.
سبع سنوات مرّت ومكانتكِ في قلبي لم يزعزعها أيّ إنس بعدكِ.
لم يكن هيامي لكِ يزداد لأنّه كان دائماً كبير بالحجم الذي ليس له زيادة ولا اتساع!
كنتُ السبب في موت زوجتي التي أُرغمت عليها فلم أكن لها يوماً زوج جيّد.
وكنتُ السبب في تيتُم ابنتاي إيمان ونهى.
لكن ولدي الأصغر مؤمن كما قلتي لي أنّك ستسمين ابننا لم يكن يدرك شيئاً.
أمّا أنتِ كنتِ ولازلتِ وحدكِ التي تغزين كل حيثياتي.
أقسم بمن خلق الحبّ أنّي أحببتكِ وكنتِ معركتي التي دائماً ما أستشهد فيها ووحدكِ تُحييني. كنتِ أملي، شفائي، رئتي الثالثة وجزئي النائي السعيد في غياهب هذا الكوكب.
عندما يجرّني الزمن إلى الوراء قبل سبعة أعوام عجاف من اليوم، أكاد أجزم أنّك لستِ إيمان اليوم!
غيّرتك الحياة كثيراً.
وعزّة ربي إنّي أتكبد وجعاً بدونكِ. إنّي أتنفس شيئاً لا يشبه الأوكسجين البتة.
كيف لكِ ألاّ تبالي لهذه الدرجة، كيف لكِ أن تصبحي قاسية اتجاهي أنا !
تدفنني حيّاً فكرة أنّك لم تبحثي عنّي ولم تسألي عن حالي طيلة سبع سنوات!
كنتِ كاذبة عندما أقسمتِ أنّك لا تحتملين غيابي!
..
لكنني لم أكذب عليك يوماً. ولم أكن كاذباً عندما قلت أنّك حبّي الأعمى الذي عمى قلبي قبل عيناي.
وهاهو العُمى الذي سببته لي سيجعلني أغادر أطفالي، أغادر نفسي، وأغادركِ أبداً.
وسأبقى أدعو اللّٰه بإلحاحٍ فلرُبّما تكونين لي مابعد الحياة الدُنيا