اسليدرالأدب و الأدباء

حانة الشيطان

احجز مساحتك الاعلانية

كتب : صلاح الربيعي

كان في طريقه لأحد البساتين التي تقع على أحد ألانهار الكبيرة في اطراف المدينة التي يسكنها٠٠وصل عند الضهيرة وقد أنهكه الحر فاخذ مكانه تحت ضل شجرة كبيرة أغصانها تتدلى على ضفة النهر كان مكان مناسب لممارسة هواية المفضلة التي يبرع فيها٠٠ فأخرج عدة الصيد ووضع الطعم ورمى بالسنارة بعيدا لتستقر بجوف الماء ماهي الا لحظات وقد علق الطعم كان صيد ثمين٠٠

أستمر بالصيد الى العصر٠٠مع انه كان منشغل الا أنه شعر بأن هناك من يراقبه من بعيد فلم يهتم للأمر٠٠ جمع عدته وهم بالذهاب لبيته خصوصا انه أصطاد الكثير من الاسماك٠٠ وقرر أن يعود كل يوم لنفس المكان لأنه بعيد لايعرفه بقية الصيادين٠٠ استمر على هذه الحال فترة من الزمن لم يرجع منه يوما خالي الوفاض٠٠ الامر الذي جعله يتحمل مشقة الطريق لأجل أن يحظى بذلك الهدوء والاسترخاء بعيدا عن صخب وضوضاء المدينة ناهيك عن الصيد٠٠ وذات يوم وبينما هو جالس ممسك بطرف خيط سنارته وأذا به بأمرأة واقفة فوق رأسه لم يتمكن من رؤية ملامحها٠٠

وقد كانت متشحة بالسواد كأنها اليل أختفت بلمح البصر٠٠ فتش عنها في الارجاء فلم يجدها وكأنها تبخرت في الهواء٠٠ فقال في نفسه ماذا دهاني هل أنا في حلم أم أنني فقدت التركيز وأصبحت أتخيل أشياء لاوجود لها٠٠حاول أن يقنع نفسه وما أقنعها فقرر أن يستعلم عن قصة ذلك المكان ولماذا هو خالي٠٠فذهب من فوره لأقرب بيت فوجد بعض الصبية يلعبون فسألهم أريد أكلم شخص كبير بأمر هام٠٠وبعد لحظات خرج عليه رجل كبير في السن عليه علامات الهيبة والوقار ٠٠

أستقبله بأبتسامة وطلب منه دخول الدار وبعد الترحيب٠٠ ساله عن سبب قدومه٠٠ فقال له انا أسكن في قلب المدينة وأمارس هواية صيد الاسماك جئت الى هنا عن طريق الصدفة٠٠ فوجدت بستان مطل على النهر فقلت لنفسي انه أنسب مكان للصيد لخلوه من الناس ولكونه هادىء ٠٠في البداية شعرت بأن أحدهم يراقبني قلت لنفسي ربما يكون مجرد طفل مشاكس من أهل المنطقة وجودي أثار فضوله فقرر مراقبتي٠٠

لكن في هذا اليوم وبينما كنت ماسك بخيط سنارتي٠٠وأذا بأمرأة متشحة بالسواد ملامحها حزينة وغاضبة تقف فوق رأسي٠٠التفت لأرى ماذا تريد وأذا بها وقد أختفت كأنها خيال يراه نائم ٠٠فذهلت وأضطربت ولماهدأت وأستجمعت قواي قررت الخروج من المكان والبحث عن أقرب بيت لأستعلم منه حقيقة ذلك الامر٠٠ وبما أنكم الاقرب لجأت اليكم٠٠فقال له الرجل الحمد لله على سلامتك يابني ٠٠واردف قائلا في الحقيقة انا مندهش لكونك لم تصاب بالجنون مثل البقية الذين سبقوك في الدخول الى هذا الشؤوم وأني لأستغرب من كونك خرجت منه سالما ٠٠فقال له الصياد الهذا الحد هو خطر ٠٠

فأجابه الرجل وأكثر من ذلك أنه مزعج أيضا ويبعث الرعب في نفوس نساءنا وأطفالنا حتى أني قررت بيع مزرعتي والانتقال لمكان اخر٠٠لكن كل من يأتي ليشتري ويسأل الناس ويعرف تلك القصة يعدل عن الشراء ٠٠ مما اضطرنا للعيش بخوف وقلق وترقب٠٠فبادره حسنا سيدي هلا أخبرتني ماقصة هذه المرأة فقد شوقتني لمعرفة ذلك السر الغريب٠٠فقال له الرجل العجوز قبل أن أخبرك أنصحك بعدم العودة الى هنا مرة أخرى ٠٠

فقال له حسنا سيدي سأفكر بالامر ٠٠فقال له أعلم يابني بأن صاحب هذا البستان كان صديق لي.. رجل طيب من أهل الخير ٠٠يعيش مع زوجته وأبنته بعد أن فقد أثنان من أبناءه في الحرب٠٠ كان غني عنده مصانع وأملاك٠٠لايوجد عنده أقارب فقط أبن أخيه٠٠كان شاب فاسد لعوب يحمل كل الصفات الذميمة٠٠

كان يطمح بالزواج من بنت الرجل طمعا في ثروته٠٠لكن أباها كان رافض تلك الفكرة لأنه يمقته بسبب سوء اخلاقه٠٠لكن الشاب كان مصرا على الزواج من أبنته ولو عن طريق القوة وحدث بينهما أكثر من شجار٠٠وذات يوم اصاب الرجل مرض أقعده الفراش وعجز معه الاطباء وساءت حاله٠٠وبعد أيام قليلة ادركته المنية فحزنت زوجته وأبنته على فراقه حزن شديد٠٠وبعد مدة من الزمن لم تجد زوجة الرجل من سبيل الا أن ترضخ لطلب الشاب من الزواج من بنت عمه بعد حجم الضغوط التي مارسها عليهم متذرعا بأنه حريص ويجب عليه رعايتهم من بعد رحيل رب العائلة٠٠

فكان له ما أراد تزوج الفتاة وصار الامر الناهي والمتحكم٠٠ فماكان من الفتاة الى التسليم والخضوع ٠٠وفي غضون أشهر قليلة بدد ثروة الرجل وباع عقاراته واملاكه ولم يبقي على شيء غير البستان الذي يقيمون فيه٠٠وبعد أن كان بيت الرجل محراب لتقواه وعبادته وخشوعه جعله ملجا للسكارى والعابثين وحوله لشبه حانة يعاقر فيها الخمر ولعب القمار مع مجموعة من شاكلته٠٠

وذات يوم رأيت سيارة شرطة خرجت من عندهم وبصحبتهم زوج الفتاة وبعد رجوعه سألته من باب العلم لأني جارهم فأدعى بأن زوجته وأمها خرجتا من البيت منذ صباح الامس ولم يرجعا لحد هذه الساعة مما أضطره لتقديم بلاغ في مركز الشرطة للبحث عنهم٠٠بدوري أستغربت الامر لأن المرأة مريضة فكيف لها الخروج من البيت لكن هذا ما أخبرني به فتركته وذهبت لشأني وبعد مدة ليست بالطويلة بدأنا نسمع أصوات صراخ وأستغاثة وذلك الامر عادة يكون بعد منتصف اليل ٠٠ ويستمر الى بزوغ الفجر ٠٠وشاع الخبر في أرجاء المنطقة بأن ذلك البيت تسكنه الجن مما جعل زوج الفتاة يهجره ٠٠وكل من يدخل اليه يخرج منه في حالة هستيرية تدفعه للجنون ٠٠

وأصبحت تضهر في المكان وقد رأيناها اكثر من مرة٠٠ كل ذلك ونحن لانعلم حقيقة الامر ومالذي حدث للفتاة وأمها ٠٠حتى أنه عرضه للبيع فلم يقترب منه أحد لكثرة القصص المرعبة التي يتناقلها الناس ٠ وأردف الرجل العجوز هذا كل مااعرفه في مايتعلق بأمر تلك الفتاة التي تدعي بأنها ضهرت لك على جرف النهر٠٠ بدوره شكر الرجل وأستأذن للأنصراف فودعه ومضى في طريقه ٠٠

كان يوما شاقا وغريب وما أن وصل البيت دخل في نوم عميق ٠٠وبينما هو نائم وأذا بنفس المرأة تقف عند رأسه ولكن هذه المرة لايبدوا على ملامحها الغضب لكنها حزينة ٠٠نهض من نومه بين المستغرب وبين المرعوب يفكر لماذا أنا بالذات ومالذي تريده مني ٠٠تكرر ذلك الامر معه لاكثر من ليلة.. كانت تزوره في المنام لكنها لم تكن تتكلم ٠٠

وذات حلم بادرت بالكلام وقالت لماذا لا اراك تأتي لممارسة الصيد عندنا هل حقا أقتنعت برواية ذلك الرجل العجوز جارنا لقد كان معذور لأنه مضطر ليموه عني لكنه لم ينخدع بمزاعم زوجي كما خدع المحققين ٠٠

عندها قرر الرجوع وكان متيقن من أنه سيتوصل لمعرفة الحقيقة ٠٠وذات يوم ضهرت له من بين الاشجار ولما دنت منه القت عليه التحية أدرك من فوره بأنها حية ترزق وليست ميته حسب مزاعم جارهم ٠٠وفعلا كان ظنه بمحلة وقالت لاتخف لست شبح ولاجن انما انا أنسية مثلك وأنت الان في أملاكي ٠٠قلبي اطمأن لك منذ اول مرة رايتك فيها لذلك ساخبرك بماجرى معي أنا والمسكينة امي ٠٠

ذات ليلة كان زوجي مجتمع مع أصحاب السوء في بيتنا يعاقرون الخمر ويلعبون القمار لكنه خسر الكثير ولم يتبقى معه فلس واحد فأشتاط غضبا وأقترح عليهم التنازل لهم عن البستان مقابل مبلغ من المال لعله يعوض به خسارته ٠٠فجاء يعرض علي ذلك الامر٠٠ فقلت له هل جننت أين نذهب أنا وأمي المريضة لوطاوعتك في ذلك الامر فجن جنونه وأنهال علي بالضرب٠٠ فأستنجدت بأمي وكانت أمرأة مريضة ٠٠

توسلت به أن يكف عن ضربي ويتركني وشأني٠٠ لكنه تمادى ودخل في حالة من الهستيريا وأخذ سكين كانت بقربه وقام بطعن امي طعنة قتلتها على الفور٠٠ والتفت الي وبادرني بطعنة افقدتني الوعي لكنها لحسن الحظ لم تقتلني ٠٠وطلب من أصحابه السكارى مغادرة المكان فورا٠٠قام بسحبي ومن ثم سحب جثة أمي ورمانا في النهر وتخلص من اثار الدماء حتى لايترك دليلا ربما قد يدينه٠٠

اخذني التيار الى الجرف القريب من. منزل جارنا العجوز وكان صديق أبي رحمه الله اقصد الرجل الذي كنت قد سألته عن قصتي ٠٠كان ويعتبرني بمثابة أبنته وجدني في الصباح وعالجني وتكتم على الامر خوفا علي من زوجي ٠٠والذي بدوره أخبر الشرطة برواية أختفاءنا لتكتمل خطته٠٠

لقد أتفقت مع الرجل أن نستدرجه للأيقاع به بشر أعماله وأفتعلنا قصة الاصوات لكي نخيف الناس لو فكر احدهم بشراء البستان من جهة وضمان عدم بقاء زوجي فيه من جهة أخرى ونجحنا بذلك ٠٠وقد كنت أرتدي ثوبي الملطخ بالدماء وأغير هيئتي لأبدو كالاشباح وأدخل عليه وهو نائم وأحدث جلبة لأوقظة حتى يراني وكان يموت رعبا؟ كررت ذلك الامر اكثر من مرة فخاف وهرب ٠٠

وبما انك أصبحت تعرف سري أريد أن اطلب منك المساعدة ٠٠فقال لها انا معك وسأفعل كل مابوسعي لأمكنك من تحقيق هدفك والوصول لغايتك٠٠سرها ذلك وشكرته ٠٠وطلبت منه ان يدخل بيتها وأرشدته على مكان خزنة سرية مليئة بالنقود والسبائك الذهبية تعود لأباها٠٠طلبت منه الذهاب لمكتب العقارات الذي وضع فيه أوصاف البستان ومساحته لغرض بيعه ويقينا سيرسلون بطلبه لغرض عقد صفقة البيع وبذلك سنعرف عنوانه ٠٠ نفذ كل ماطلبته منه والتقى زوجها وأتم صفقة الشراء وعرف مكان أقامته ثم ذهب ليخبرها بما حصل ٠٠

فرحت وقالت لقد اكل الطعم والان أذهب وأخبر الشرطة بكل ماتعرفه وارشدهم على مكانه٠٠وفعلا ذهب لمركز الشرطة وأخبر المحقق بكل شيء٠٠فأمر الضابط افراد الشرطة بالاقاء القبض على المجرم وجلبه لغرض التحقيق معه ٠٠وطلب منه أدلة تثبت صدق دعواه فأرشده على مكان جارهم حيث تسكن معه تلك المرأة ٠٠

وأصطحبوها معهم هي والرجل العجوز لأستكمال التحقيق وأثبات الجرم٠٠في البداية انكر زوجها أن تكون له أي صلة بأختفاء زوجته وامها لأنه كان يظن أنهما تقبعان معا في قاع النهر لكنه أنصدم عندما أستدعى المحقق زوجته وطلب من الحرس أحضارها لغرفة التحقيق وما أن وقعت عيناه عليها حتى أنهار وأعترف بجريمته ٠٠

والفضل يرجع لجارها صديق اباها الوفي وذلك الشاب الطيب الذي ساقته الاقدار اليها وعلى الرغم من أنه غريب لكنه بموقفه النبيل هذا احن عليها من أبن عمها زوجها الذي لم يرعى صلة الرحم فيها وعاملها بوحشية هي وأمها٠٠لكنه وقع بشر أعماله ونال جزاءه العادل وكأنه كان يراهن دائما على الخسارة ٠٠هذا حال كل من يتجرد من أنسانية ليكون مجرد عورة لا تسترها الثياب .

رئيس التحرير

المشرف العام على موقع العالم الحر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى