أخبار عاجلةأخبار مصرأهم الاخباراسليدرالأدب و الأدباءالثقافة

رجل في حيـــــــاتي _ قصة قصيرة _ جيهان حكيم

احجز مساحتك الاعلانية

                                                 1

لم أفكر في عدد الذين تقدموا للزواج منى ، ولكنى كنت أبحث عن أستثناء واحد يتناغم مع رومانسيتي التي كانت تكبر وتتعاظم فيكبر بداخلي ذلك المجهر الذي أرى من خلاله مالا يراه أحد
كنت أبحث بين الوجوه عن رجل يغرم بي ،
رجل يحتضن طفولتي بأمان بين كفيه ، يربت على كتفي بدفء يهمس فى أذني بشوق ، رجل يقترب من روحي لا من جسدي
كنت حين أنظر إلى الواحد منهم أجدهم يرتدون أقنعة سميكة بألوان وأحجام مختلفة فتركبني الحيرة من أمرهم وأمري
إذا لا أنا بقادرة من الانسياق عنوة إلى مقصلة زواج مستحيل ، ولا بمتمكنة من التخلي عن ذلك الإحساس الساكن بداخلي بأن الرجل الذي أريده هو محض خيال 
 
                                     
                                             (2)

تماماً كما في كل مرة 
توصيني أمي بالرقة والأناقة فيما البسه
ولا تكف عن أن تزود قناعتي بالخطيب الجديد فهي تستشعره غير كل من سبقوه ، تصفه بأنه ذكى وأنيق وشديد الوسامة وفخر النسب وسألحق به إلى الخارج ،هكذا كان الاتفاق
 بينما يتناهى صوت أبى يعلن عن غضبه ويلطمني على وجهى بكماً هائلاً من كلمات وأوامر تستفز روحي
” لا تحدثى الفوضى  وتختلقي الحيل كعادتك “
ثم يصفني بالجلادة المشاكسة التي تشوه أي رجل بمهاترات لا مبررلها  
                             
                                            (3)

المحه وسط الجميع يجلس على كرسيه بشكل لا يخفى غروره ، 
يحتسي قهوته مُختالاً بِخاتمه المُرَصَّع
يضبط ربطة عنقه بين الحين والحين
يتأملني ، يزوى ما بين عينيه ليحسن التحديق ويدقق التفاصيل في ثنايا جسدي وكأني سلعته !
لم يدهشني تصرفه فأنا أعتبرذلك بديهة من بديهيات الذكور
فهذه افعال الرجال لامحالة في كل زمان ومكان
لم يطل الوقت فبعد أن تركونا بمفردنا مكثنا لحظات دون كلام
ثم أشار بيده متسائلا ببعض التبسم :
” سمعت أنك كنت ِمتفوقة في دراستك “
بمرارة :
” كنتِ ! “
بدأ الحوارطويلاً وسمجاً بعد أن سألته عن سبب أختياره لي
فأجاب :
” أفراد عائلتي يرون إنكِ مناسبة ”   
” وكيف تراني أنت ؟ ” 
” أراكِ جميلة  “
عاودتني مرارة الشعور بأنني مجرد طاووس فقلت :
” نعم ، للعرض فقط ” 
كنت أعلم علم اليقين أنه سيتجاوز الكلمة
” ولكن ربما لا أشبه ما قد سمعته عني”
” لا أظن ذلك  ”  
في بعض الأحيان يتصورن أن شكلي الهادئ المسالم مدخل لصفحة خاوية يمكنهم أن يتلوا عليها المتاح وغير المتاح       
فهم لا يمانعون إطلاقاً عند الحديث معي من الإصغاء  
ولكن يتحفظون بأن أكون سيدة تفكيري !!
” هكذا حدثتني نفسي “.
بهدوء همست له :
” ماذا يعنى الزاوج لك “
لماذا تسألين هذا السؤال ؟
” ليكن ميثاقاً بيننا “ 
” الزواج هو الوسيلة الوحيدة المباحة والمتاحة للإنجاب “
” وماذا عن ( السكن والمودة والرحمة ) “
” هذا حقي الذي يجب أن  و..  ”
 ولكنى قطعت كلامه :
” وحقها أيضاً ( ولهن مثل الذى عليهن بالمعروف )
بعصبية شديدة :
” لا أحد يملي علي ماذا يجب أن أفعل ومالا يجب “
لا يحب الرجال الكثير من الحق لأنهم يريدون أن يؤمنوا بأن كل الحقوق مكفولة للزوج فقط فواجهته بثقة قاطعة :
” لكنه قرأن كريم “
” ما الأمر، ماذا هناك؟؟ “
قالها ومازال الأستغراب يملاء ملامحه ثم أستطرد قائلاً :
” كأنكِ وكيل نيابة يستجوبني “
في تلك اللحْظة ، ابْتعلتُ ضَحكَتي لأننى عرفت أجاباته سلفاً
لذا عمدت الي موضوع مغاير تماماً فقط بدافع الثقة أن الموقف أصبح يسير لصالحي
وعلى عكس توقعاته سألته :
” وماذا عن الرومانسية “
” ماذا أفعل بها “  
” أتحملها حقيبتك “
رد بنبرة ساخرة :
” تحمل حاجياتي “
” الا تعرف عبد الحليم ”
هز رأسه قائلاً :
” ايعجبك “
” نعم “
” دعكِ منه ومن أغانيه “
“لماذا؟”
“أنا بحكم سني وخبرتي في الحياة؛ أقول لك انها مجرد حكايات غبية سخيفة “
” مع تلك الحكايات أقفز خارج الزمن “
” كونى كالبنات , فقط قولي نعم و …. “
لم يفاجئنى وهو يعدد الممنوعات والأنتقادات والملاحظات فقلت :
” لكني لست مثلهن “
 قطب حاجبيه وقال :
” إلى هذه الدرجة انتِ عنيدة “
“بل أمقت السّكنة بعيداً عن أرضي وبيتي “
بعصبية شديدة :
” إلا تتعبين “ 
” مم “
” من الجدل”
” كلا “
                          
                                    (4)

يدخل في مزايدة علنية ناظراً الى ساعة يده :
” تعلمي أني كبير الثروة  ”  ( كررها مراراً )
” نعم وكثير الزواج وسريع الطلاق “
” ما معنى كلامك هذا “  
في ثقة متناهية :
” الزوجة ليست انسان ألي ينفذ الأوامر”
لمْ يأبَه لما أقول، وتابع بإصرار:
 المهم أن تكوني معي “”
” ولكن الأهم أن تجد مفتاحي “ 
 ” لا أفهم “
” أنت تريد زوجة بطريقتك وأسلوبك أنت “
” أكيد “ 
” وأنا لا أتقن هذا الدور”
كالبالون المنتفخ  يكاد ينفجر، مهووسا بنفسه لحد الثمالة  :
” لم يحدث يوماً أن فتاة رفضتني ” 
” لكني رفضت أفضل منك ”  
 في أستنكار غاضب :
” ما .. ماذا ؟؟ أتدركين ما تقولين ؟ ” 
” نعم أُدرك ذلك “
” اسمعي .. النساء كثيرات “
” والرجال أكثر “
أستحالت نبرة الصوت الى معدن بارد وحاد جداً :
” كوني أخترتك هذا يعنى أنكِ محظوظة “
ضحكت في سري
” لماذا “
” معي ستصبحين ملكة “
حبست أنفاسي ترقباً للحظة الأنقضاض الأسدية ، وقلت منهية الحوار:
” لا أريــــــــــد أن أصيــــــــــر ملكة “
                      
                                        (5)
وبالرغم من رجاءات أمي المتكررة ووابل العتاب واللوم من أبي والكم الهائل من التدخلات والنقاشات من الأهل والتي كانت تصل إلى حد الصدام أحياناً ، وتشخيص الكثير منهم لي بحالةٍ مرضيةٍ مستعصية
الا أنني كنت قد وجهت نفسي ودربتها حتى طاعت وأعتادت أنهاء تلك المواقف بسرعةٍ ، وبشكلٍ مبهر دون أن يَطْرِف لي رمشٌ!
كنت أتخذ قرارعدم الزواج وقد تخلفت على وجهي أبتسامة طفلة تطرب لخلاصها وتنتشي

 

الإعلامية جيهان حكيم

كاتبة حرة وأدبية حصلت على العديد من الجوائز في القصة القصيرة ، نائب رئيس مجلس إدارة مجلة المجتمع سابقا ، نائب رئيس تحرير جريدة الأمة ، رئيس القسم الأدبي بجريدة العالم الحر ،كاتبة مقال الرأى بجرائد عدة منها جريدة العالم الحر _ صوت الوفد _جريدة الوتر _ نبض الشارع وغيرهم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى