قصيدة : خلف دلف الحديثي
هزّي بجذعك يا نخيل مليّا
يَسّاقط الرطبُ النديّ شهيّا
فتلمّه أنثى الجنائنِ عندَها
لتصيحَ في روحِ المعابد هيّا
هذا الهوى فينا يلاحق ليله
فيتيهُ موّالا به روحيّا
فكانّ كفّ الوحي مدّ بكفّه
ليظلّ سعف المشتهى محنيّا
ويمدّ ظلّ الإنتظارِ بجرفِهِ
والمعبدُ المسحور يرفلُ ضيّا
فيقيم مأدبة السماءِ بنفسِهِ
ويمدّ نهرَ الغيبةِ الورديّا
ويدسّ في جيبِ الغروبِ بلونه
ويرى به ما لا يروَنَ خفيّا
فيمدّ أشرعة الحنين بما بها
حول الضفاف ويستريحُ شجيّا
وجنوب قلبي فيه قلبك قد جثا
وشدا بآيات البكاء جثيّا
وقرا لسر الكاف هاء همومه
وهوى على ياء الحنين بكيّا
وعيونه جابت لصاد صراطه
فسرى برائحة الجنون عليّا
فاهتزّ عود البوح فابتكر الغنا
فشدا بخافية الامور جليّا
أغوى ملائكةَ النهارِ بعزفِه
وروى بمزمارِ الخلود سريّا
وبه اناب الماء عن ايقاعه
فكساه من ثوب السرور حُليّا
فأقام في بابِ الكهانةِ وقتهُ
والنور شعشعَ حولَهُ خزفيّا
حلم روته لنا الليالي وانتهى
وبها استحال كما يريدُ نبيّا
فنداك ارجحني على شرفاته
معك اقتسمت رؤى الجمال سويّا
هزي فروح الله في اعذاقه
ولغير ثغرك لن يكون نديّا
انا من معينك صرت نبع محبة
وسوى فراتك لن يكون هنيّا
أنا لا نفاد فكل نبضك في دمي
وبه امتزجت ببعض روحك شيّا
ابدا هواك ولا شبيه لروحه
يبقى يزخ لي السناء سنيّا
انا ما شكوت لك الهزيع تزلفا
لكن قلبي ظلّ فيّ وفيّا
كلمتني فوجدت ذاتك ذاتها
تحكي بغاشية الجنوح قصيّا
وجهي بمهد الليل يحكي ما به
ويذيع قرآن الحياة حييّا
من الف لون سوف أجمع صرختي
واقول يا اني اردتك فيّا
من قاعِ روحي سوف أعلن للملا
غرقي وإني قد كسرتُ يديّا
وهناك حيث عيون حرفي لا ترى
إلا شموساً غادرتك عشيّا
سحرٌ يحاصرُني ويلبسُ جبّتي
فيقيمُ بيتاً وارفاً علويّا
وعلى فمي ترتاحُ ألف قصيدةٍ
وأنا قواميس تذيع رويّا
وأنا بثغر الأبجدية لثغة
ملأت بهمسة نارِها رئتيّا
ولذا سأبقى في حياتي طائراً
وأنا سأبقى بعد موتيَ حيّا
وسأمتطي للريح أحمل هيكلي
وحدي وتحملني بهْ كتفيّا
مدّي لكفّكِ فالرّياحُ تَحجّرَتْ
وبها تعرّى شكلُنا الشّمعيّا
ما كنت يوما صوت موسى في الهدى
او كنت في طبع الهداة وليّا
بدمي اصلبوني كي أصيح بكذبتي
هزّي بجذعك يا غيوم مليّا