بقلم المهندس/ طارق بدراوى
هو أول وأقدم جامع يبني في مصر وفي قارة أفريقيا كلها وخارج حدود شبه الجزيرة العربية والعراق والشام وتم بناؤه عام 21 هجرية الموافق عام 642م في مدينة الفسطاط العاصمة الجديدة لمصر والتي بناها الصحابي الجليل عمرو بن العاص بعد أن حررها من الرومان وذلك تنفيذا لأوامر الخليفة عمر بن الخطاب الذى طلب من عمرو بن العاص البدء في إنشاء وبناء عاصمة جديدة لمصر بدلا من الإسكندرية عاصمتها القديمة وبحيث لايكون بين العاصمة الجديدة لمصر وبين المدينة المنورة عاصمة الخلافة الإسلامية ماء اى نهر أو بحر ولذلك أختار عمرو بن العاص عاصمته الجديدة شرق النيل وفي المكان الذى نصب فيه خيمته عند دخوله مصر ويطلق علي المسجد عدة أسماء اخرى غير جامع عمرو بن العاص فهو الجامع العتيق وتاج الجوامع ومسجد الفتح ومسجد النصر وجامع مصر وقطب سماء الجوامع ….
وكانت مساحة المسجد الأصلية 25×15 متر وكانت جدرانه من الطوب اللبن وسقفه محمول علي أعمدة من جذوع النخل وكان البناء بسيطا بدون محراب أو منبر أو ماذنة وكانت أرضيته مفروشة بالحصباء ولم يكن له صحن يتوسطه وكان له 6 أبواب بواقع بابين في كل ضلع من أضلاعه فيما عدا ضلع جدار القبلة وكان به بئر تسمي البستان كان المصلون يستخدمون ماءه في الوضوء …..
وقد تعرض الجامع للعديد من التغييرات والتعديلات والتوسعة بداية من عصر الولاة مرورا بعصور الدولة الأموية وحتي دولة المماليك وحتي عصرنا الحالي وكان أول من زاد في مساحته والي مصر مسلمة بن مخلد الانصارى في أوائل عصر الدولة الأموية في عهد الخليفة الاموى الأول معاوية بن أبي سفيان عام 53 هجرية الموافق 672م حيث ضم إلى مساحته الطرق التي كانت تفصله عن منزلي عمرو بن العاص وعبد الله بن الزبير وأضاف إليه عدد 4 مآذن كما أصبح له صحن مكشوف وزخرف جدرانه وسقفه …..
وبعد حوالي 30 عاما وفي عهد ولاية عبد العزيز بن مروان لمصر زاده مساحة أخرى من الجهة الغربية وبعد ذلك بحوالي 10 سنوات قام قرة بن شريك والي مصر بإعادة البناء من جديد وأضاف إليه مساحة منزلي عمرو بن العاص وعبد الله بن الزبير وبني له محرابا أجوف مثل المسجد النبوى الشريف بالمدينة المنورة ووضع فيه منبر بمقصورة كالمسجد الأموى في دمشق …..
وفي زمن الدولة العباسية في عهد الخليفة العباسي هارون الرشيد قام والي مصر موسى بن عيسى بتوسعته من جديد عام 175 هجرية ومن بعده في عهد الخليفة المأمون قام والي مصر عبد الله بن طاهر بزيادة مساحته فأصبح 120×100 متر وأعاد تجديد وبناء سقفه وأصبح يتوسطه صحن كبير وعدد 13 باب بواقع باب في جدار القبلة وعدد 3 أبواب بالجدار الموازى لجدار القبلة وعدد 4 في الجدار الذى علي يمين المصلين وعدد 5 في الجدار الذى علي يسارهم …..
وفي عهد الدولة الطولونية في عصر خمارويه بن أحمد بن طولون تعرض المسجد لحريق هائل وتم إعادة البناء ومن بعده في عصر الدولة الفاطمية وفي عهد الخليفة المستنصر بالله أمر بعمل مقصورة للإمام وتجميل المحراب وجدار القبلة ثم جاء عصر الدولة الأيوبية حيث تولى صلاح الدين الأيوبي تجديده وترخيمه حتي أصبح المسجد كله مفروشا بالرخام وفي عصر المماليك وفي عهد الظاهر بيبرس قام بعمل تجديدات وترميمات بالمسجد ومن بعده قام السلطان الناصر محمد بن قلاوون بإعادة أعمار المسجد بعد تعرضه لزلزال عنيف وفي عام 1211 هجرية قام مراد بك بإعادة بناء المسجد بعد أن مالت أعمدته وتهدمت جدرانه وجدد سقفه وفرشه بالحصير واناره بالقناديل …..
وفي عصر الأسرة العلوية أكمل محمد علي الناقص من اروقته وما كان قد بدأه مراد بك ثم في عهد الملك فؤاد بعد حوالي 100 عام وفي عام 1926م أصلح أعمدته وعقوده وأكمل هذا العمل إبنه وخليفته الملك فاروق وزاد بأن حدد في نقوشه وزخارفه وبعد ذلك ومنذ عدة سنوات تم تجديد المسجد تجديدا شاملا تحت إشراف هيئة الآثار المصرية ووزارة الأوقاف ويبقى أن نقول إن من أشهر من أم المصلين وخطب في الناس بجامع عمرو الإمام الشافعي والليث بن سعد والعز بن عبد السلام ومحمد الغزالي ويشتهر المسجد في السنوات الأخيرة بإقامة صلاة العشاء والتراويح في شهر رمضان من كل عام ويؤمها لفيف من كبار الأئمة في مصر ويفد إليه المصلون من جميع أنحاء القاهرة والجيزة ويمتلأ بهم المسجد عن آخره ويفترشون الطرقات والشوارع حول المسجد في مشهد اسطورى بديع لاتراه إلا في الحرمين الشريفين بمكة المكرمة والمدينة المنورة …..