بقلم / مجاهد منعثر منشد
قال تعالى : ( فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ )
كل مسلم يقر بأنّ الإِمَام الحسين (ع) سليل النبوة وسبط النبي (ص) وابن بضعته الزهراء (ع) من صلب يعسوب الدين وقائد الغر المحجلين الإِمَام علي المرتضى (ع) , فلا يتجرأ أحد على إنكاره أو إنكار فضله ومناقبه أو ثورته ونهضته من أجل إحياء الشريعة السماوية .
ومن ينكر ذلك منهم فهو الموالي لعبيد الوثن ومؤيد لمعاوية ويزيد وأزلامهم . والمنكرين تخونهم الارادة نتيجة تشبثهم بحطام الدنيا والسيطرة على مقاليد السلطة والحكم , و إلا جميع المذاهب الاسلامية تقدس الإِمَام وتعظمه ليس ذلك فحسب , بل لا يكاد أن يخلو كتاب حديث أو صحاح من ذكر سيد الشهداء أبي عبد الله الحسين (ع) .
والسؤال الذي يدور في الاذهان ,لماذا تهتم فئة مسلمة دون غيرها من المذاهب بأحياء شعيرة استشهاده ؟
والجواب : أنّ كل مذهب من المذاهب الاسلامية يتقيد بضوابط الاصول الثابتة والفروع التي فيها بعض الاختلافات ,فهناك من يعتقد بها وآخرون لا يهتمون ببعضها .
ولذلك من الفروع الاصيلة عند المذهب الجعفري أو الاثني عشري (مسألة الامامة) , ولهذا يعتبر الإِمَام الحسين المفترض الطاعة هو ثالث الائمة المعصومين (عليهم السلام ), ولذلك هذا المذهب يعود لبعض الاحاديث والاخبار والروايات الواردة عن أئمة أهل البيت (عليهم السلام ) والتي تدعو لزيارة الإِمَام الحسين (ع) وثوابها في الدنيا والاخرة , وكونهم يرون في إحياء أمر أهل البيت (سلام الله عليهم ) الذي من أهم طرقه زيارة الإِمَام الحسين (ع) إحياءً لقيم العدل والحق ، وشحذاً لروح الفداء والتضحية في سبيل الله, فمنها قول رسول الله (ص) : (( يا بن عبّاس , مَن زاره عارفاً بحقّه , كُتب له ثواب ألف حجّة وألف عمرة )) .
وينسب إليه (ص): (( هبط عليّ جبرئيل (ع) فقال : يا محمّد … فيقيمون رسما لقبر سيّد الشهداء … تحفّه ملائكة , من كل سماءٍ مائة ألف ملَك في كل يوم وليلة , ويصلّون عليه ويطوفون عليه ويسبحون الله عنده , ويستغفرون الله لمن زاره ويكتبون أسماء مَن يأتيه زائراً مِن أمّتك متقرباً إلى الله تعالى وإليك)) .
ويقول الإِمَام الباقر (ع) : (( مُروا شيعتنا بزيارة قبر الحسين (ع) فإن إتيانه مفترض على كلّ مؤمن يقرّ للحسين (ع) بالإمامة من الله عز وجلّ )).
و يقول الإِمَام الصادق (ع) : (( وكّل الله بقبر الحسين (ع) أربعة آلاف ملك شُعثٌ غُبر يبكونه إلى يوم القيامة , فمَن زاره عارفاً بِحقه شيّعوه حتى يُبلغوه مَأمَنه , وإن مَرِض عادُوه غُـدوةً وعَشيّة , وإنْ مات شهدوا جنازته واستغفروا له إلى يوم القيامة)).
هذه هي بعض الاحاديث والاخبار ومن أراد تفاصيل فضل الزيارة وثوابها يراجع مقالنا (زيارة وزوار الإِمَام الحسين (ع) في الأحاديث الشريفة).
وبعد أن فهمنا موقف المسلمين والمذهب الاخير نذكر نموذج قد كانوا قومه من الذين تغذوا على تربية العداء لآهل البيت (عليهم السلام) ومن موالي معاوية ويزيد , وقصته ذكرها القاضي التستري في مجالس المؤمنين , و في ديوانه المحقق من قبل د. سعد الحداد .
ذاك هو أبو الحسن جمال الدين علي بن عبد العزيز بن أبي محمد بن نعمان إبن بلال (الخِلَعيّ) الخفاجي .
كان والده من قرية تدعى قرية أيوب من قرى الحلة المزيدية , وولد بالموصل يتعيّش في الخِلَع بسوق الاربعاء بالموصل.
إنّ أمّ الخِلَعيّ كانت قد نذرت إن رزقت ولداً تبعثه لقطع طريق السابلة من زوار الإِمَام السبط الحسين (ع) وقتلهم.
فلما ولدته، وبلغ أشدّه ابتعثته جهة نذرها، فلما بلغ نواحي (المسيب) على مقربة من كربلاء المشرفة طفق ينتظر قدوم الزائرين، فاستولى عليه النوم، واجتازت عليه القوافل، فأصابه القتام الثائر، فرأى فيما يراه النائم، كأنّ القيامة قد قامت، وقد أُمر به إلى النار ولكنّها لم تمسّه لما عليه من ذلك العثير الطاهر، فانتبه مرعوباً من نيته السيئة، وعدل عمّا كان ينويه من فعل تلك الرذيلة، فهبط الحائر الشريف ردحاً واعتنق ولاء أهل البيت.
ويقال أنّه نظم البيتين المشهورين:
إذا شئت النجاة فَزُر حسيناً
لكي تلقى الإله قرير عين
فإنَّ النار ليس تمسُّ جسماً
عليه غبار زوار الحسين
وأخيراً أوقف الشاعر الخليعي شعره في مديح ورثاء النبي المصطفى وآل بيته الأطهار (عليهم السلام). فوصف بشاعر أهل البيت.