الأدب و الأدباءالثقافةحصرى لــ"العالم الحر"

ثلاثية وذيل 1936 ” أحمد زكريا الأمير ” قصة قصيرة

فى ليلة أكثر هدوئا من تلك الليلة التى تعصف السماء فيها بسحابها و تمطرنا بماء نعيمها التى لا نجد لها مصرفا فتظل مغرقة طرقنا قطعة لها الى ان يصرفها أصحاب الصرفة فى البلاد .. الشوارع حينها مضائة بالقناديل مضفية

على الشوارع روح سلبت بغير قصد او بقصد عبر الزمان .. كورنيش الأسكندرية هو بطلها حين كانت الأسكندرية عروسا للبحر الأبيض المتوسط فى خدرها قبل ان تتحول الى أرملته التى ترك لها خمسة أبناء صغار ورحل عنها غير مخبر الى أين .. يمشى لطفى أفندى مطأطئ الرأس انتكاسا بعدما قطعت سنية هانم كعب الغزال كما كان يطلق عليها أمله فى الزواج منها تلك التى هانت عليه نفسه فى سبيلها فتقرب من والدها محمود بك الطواحينى رغم كرهه الشديد له و معرفته بخباياه الدنيئة حتى جاءت تلك اللحظة التى فاتحه فى أمر ابنته المصون فرفض طلبه بمهانة شديدة و طرده من قصره بدعوى أنه جرنلجى لا يصلح لخطبة ابنة الأكابر .. حينها مشى على الكورنيش عل ذلك يخفف عنه محنته بأناقته التى فاقت الحد الطبيعى حينها و ببذة من صوف انجليزى فاخر النوع و مقلم على طراز الموضة الفرنسية و ساعة ذهبية من ماركة الجرس متصلة بسلسلة ذهبية أيضا و تنتهى فى جيب السديرى الذى تحته قميص حريرى اشراه من محلات شيكوريل ليكون لائقا بالنسب العريق يربط عنقه مومباخ علاوة على طربوشه المكوى .. تحت قناديل الكورنيش تقفن فتياة الليل بألوانهن الفتانة و أصولهن المختلفة ما بين فرنسا و بلاد الشام و ايطاليا و ارمينيا و الجريج كلهن مزخرفات مائلات مميلات ينتظرن جنود الانكلييز أو ربما يصادفن من هو مثل صاحبنا مكسور الهوى كى يصلحن شأنه بضحكاتهن الرقيعة .. ظل ماشيا غير عابئ بهن حتى بدأت احداهن بندائه ” يا باشا ” عند تلك الكلمة بدأ يبطئ من حركة مشيه فأدركت تلك المومس الماكرة خباياه .. لم يكن من أصحاب المعالى و البشوية لكنه يريد أن يكون لذا هى نقطة الضعف اذا .. ” يا باشا يا صاحب المعالى تجيش يا باشا و أنا أروقك و أزيح عنك الهموم ” حينها كانت تلك الكلمات الساذجة كفيلة بجعله يرضخ لها هكذا تفوقن المصريات بالرغم من تلك الجنسيات الأخرى الكثيرة ” البلدى يوكل ” و هذا هو السر الذى لم تتفهمه الأخريات و انتهت قصة الحب بتلك الليلة مع بعض من صنوف الخمور المحلية و منقوع البراطيش .. و أصبح فى اليوم التالى يبحث عن بك أو باشا أو حتى أفندى يملك قدرا من المال كى يلقى شباكه على ابنته المصون … هذا الشعور بالسخف الذى تسلل اليك من القصة هو ما صدرته لنا أفلامنا العربية عن تلك الحقبة ترى أهذه هى الحقيقة ؟ … 1956 مشى محمود أفندى مفعما بالحياة مثل صبى على شاطئ البحر تسكنه روح الثورة المجيدة و يقينا نابع من تجارب دول أخرى بالنصر حتما بالرغم من العدوان الثلاثى الذى أوشك على ضرب مدن القنال و تلك التوعدات التى تتوعدها انجلترا خاصة بعد الجلاء مؤمنا بقضية وطنه و مؤمنا بعبد الناصر قائد و زعيما يمشى واثق الخطوة نحو قصر ممدوح باشا السكاكينى و الذى لم يعد يملك شيئا غير ذلك القصر الموضوع تحت الحراصة فبعد تأميمه و انتزاع كل أملاكه و توزيعها على الفلاحيين البسطاء كى تنتصر لهم الثورة فانتصرت الثورة أخيرا و بنى كل فلاح بيتا صغيرا على تلك الأرض و زرع افدنته الخمسة بكل ما أوتى من عزيمة .. آن الأوان أن ترضى ابنة الباشا بمحمود افندى ابن الفلاح المسكين لأنه أضحى أهلا لها بعد الثورة المجيدة لكن أخوها البرنس محمدين لن يرضى بتلك الزيجة لكن ان شائت البرنسس حب محمود سوف تنحى أخيها و أبيها جانبا و سترضى بمحمود المسكين الفقير لتعش معه حياة طيبة هادئة بعيدة عن عجرفة أهلها الغير مبررة .. لكنها حين عرضت على محمود افندى ان تهرب من ابيها و تتزوجه رفض محمود افندى ذلك لأنه خلوق و صاحب مبدأ .. فمشى حزينا بائسا يشكو مآسيه للبحر و البحر يغضب بموجات متلاطمة الى أن قرر ان ينضم الى المقاومة الشعبية لقتال العدو و يشاء القدر ان يجد البرنسس التى احبها تعمل فى مشفى ايضا هناك و تمرض مصابى الحرب و تعالجه حين يصاب برصاصة غادرة من العدو الباطش .. فتعود مشاعره المكبوته و يصرح لها بحبه الذى لم ينتهى و لم تنطفئ ناره الى اليوم فتصارحه هى الأخرى و تنتهى القصة بأن يتزوجا و يظلا مقيمين فى منطقة القنال بعد ما ان انتهت الحرب و انتصرنا .. و يتزوجا و يضعا صورة لعبد الناصر الذى جمع الشمل لقلبين ما كان لهم ان يجتمعا لولاه و لولا ثورته المجيدة و ينجبا طفلتهما الأولى و يسمونها نضال ثم ابنهما يسمونه جمال … هذا الزيف بالحماسة الذى اعتلاك الآن سيودى بك الى خيبة الأمل حين تعرف أن الواقع كان مغايرا بمجرد ما تكتب كلمة النهاية … 1986 دوما ما تبدأ قصص الحب فى معمل الكيمياء هكذا قالت السيدة فتحية أبو الفتوح ناظرة مدرسة جميلة أبو حريد الثانوية بنات بكفر البطيخ و والدة السيد حامد حمدى محمود مدرس الكيمياء العائد توا من الكويت بعدما أحضر بعد غربته كل شئ يمكن ان يكون مصدرا للرفاهية فى البيت العصرى بداية من الكسيت ابو بابين و حتى المروحة بثلاث سرعات هنا قررت السيدة والدته ان ترشح له مدرسة شابة هى الاستاذة اعتماد السيد حسين مدرسة الكيمياء حديثة التخرج و التى تسلمت توا ايضا وظيفتها كمدرسة بالمدرسة و بالرغم من الفرق الشاسع بين عمريهما غير ان الرجل لا يعيبه غير جيبه كما قال جبرتى عصره و وحيد زمانه السيد والد الاستاذة اعتماد و ذيل قوله بأن فارق السن خمسة عشر عاما فقط لا يعد فارقا كبيرا ففارق السن بينه و بين والدتها عشرون عاما و بالرغم من ذلك لا تجد بينهما غير الود و الحب أليست هى من تطهو له الحمام المحشى الذى يحبه و محشى الكرنب و الفطير البلدى أليس هذا حبا ؟ .. عليها أيضا أن تتعلم كيف تحب زوجها و تطهو له ما لذ وطاب آه ما أشقى الحب هذا الزمان .. يمكنك أن تطلق لخيالك العنان لتخيل هذا اللقاء الثلاثى ما بين الوالدة حضرة الناظرة و الأستاذ ملئ الجيب الذى ظل محتفظا بتلك الجلاليب التى احضرها معه من الكويت الى يومنا هذا أعنى 2015 و العروس البلهاء حينها الأستاذة اعتماد و تدرج الموقف ما بين اعداد القهوة و حتى تكسير البندق بأسنانها الذى احضره زوجها المستقبلى من الكويت و الذى ظل محتفظا به أيضا الى أمدا بعيدا ….. النهاية 2006 لن تبدأ قصة الحب أصلا لأن ذلك اللفظ أصبح ثقيل الظل فى تلك الأيام لذا سأترك لك الأمر و لخيالك ربما تتصفح الجرائد على الانترنت لترى كم الجرائم التى تحدث بين الأزواج علاوة على نسبة الطلاق و التعدد و التضاد و التخالط و الجمع بين زوجين و عدم الالتفات الى اشهر العدة و النصب باسم الزواج .. و الفقر و اطفال الشوارع و جرائم الأطفال و الاغتصاب و التحرش و القتل و الشذوذ ……..

احمد فتحي رزق

المشرف العام

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى