بقلم / أحمد وهبي حسين
إننا ﻻ نستغرب وﻻ نحزن حين نشير إلى اﻻرتفاع الذي حققته دخول أصحاب المشاريع والثروة، ﻻ بالعكس هو الصحيح فهذا اﻻرتفاع ترك أثرا في الواقع مسيرة ألمانيا من الفقر الذي خييم عليها عقب الحرب العالمية الثانية الى مجتمع تعمه الرفاهية ويسوده الخير الوفير في قرون الزمن التالية على هذه الحرب .
كما أن المجتمع الذي يفرط في تحميل سفينة عنصر العمل أعباء ﻻ قدرة لها على تحملها يجب أن يأخذ في الحسبان غرق هذه السفينة ولهذا السبب تشبه الشكوى من البطالة شكوى المدخن المفرط في التدخين من نوبات السعال التي تنتابه صبيحة كل يوم.
فتعاليم الحرب العادلة ﻻ تستند إلى مبدأ ثابت بل هي على اﻷحرى تقاليد تطورت على مدار القرون السابقة وﻻ تزال في استجابة للظروف المتغيرة التي يتناولها العديد من المعلقين الذين يركزون على جوانب مختلفة منها بيد أنه في إطار هذه التقاليد المتغيرة توجد مجموعة من المبادئ المتفق عليها بشكل كبير في صياغتها عبر القرون بهدف تقديم إرشادات للتفكير حول الحرب.
من مبادئ الحرب العادلة توافر النية الحسنة واحتماﻻت النجاح وخدمة قضية عادلة وأن تكون مرضية وﻻ تستهدف بالعمد لغير المقاتلين.
ومع دخول البشرية القرن الحالي فقد شكل المجتمع العالمي في نظام تتربع فيه الوﻻيات المتحدة اﻻمريكية في موقع احتكاري لقطب واحد ، ثم اليابان والمملكة المتحدة وفرنسا وألمانيا في موقع قلب العالم حول مركز العالم المتمثل في القطب اﻻحادي
ثم تتوزع سائر دول العالم حول هذا القلب قربا أو بعدا عنه حسب امكاناتها اﻻقتصادية والتكنولوجية وتزداد بعدا مع فقرها في هذين العنصرين مع عدم عدالة التشتت حول مركز العالم وقلبه ﻻن معظم دول العالم تقع بعيدا عن هذا القلب
بل إن هذه الدول تزداد بعدا عن هذا القلب مع مرور الزمن في حركة متسارعة تتناسب طرديا مع التقدم العلمي لدول القلب وطرديا أيضا مع دول فقرها المطرد اقتصاديا وتكنولوجيا ، فكلما زاد معدل سرعة اﻻبتعاد عن هذا القلب …
فهي حركة ثنائية متبادلة بين دول قلب العالم خاصة مركزه والدول الهامشية ، إذ أن معدل التقدم العلمي واﻻقتصادي مما يبعد قلب العالم عنها ويبعدها هي نفسها عن قلب العالم في حركة مزدوجة بين الجانبين ومزدوجة اﻻتجاه أيضا فكل من الجانبين يسير في اتجاه مضاد لﻵخر.
كما أن أكبر تحدي يواجه العالم هو تحدي العلم في القرن الحالي والذي يشكل نمط التفكير العلمي العقﻻني لدي قطاعات واسعة من نوع اﻻنسان العاقل ، إذ أن التفكير غير العقﻻني مازال سائدا حتى في الدول المتقدمة علميا في وقتنا الحالي …. وإذا تمكن اﻻنسان من تناوله أدواره الحياتية بأسلوب العلم في حل المشكلات التي تواجه حياته فوق هذا الكون لتغيرت اﻻيديولوجيات وادى ذلك لزيادة دفع التقدم العلمي وإنتاج التكنولوجيا.
لذا تحاول السياسة تحدي العلم كما أن العلم بدوره يتحدى السياسة … فالسياسة تحاول أساسا أن تستخدم العلم لخدمة آلياتها الحربية وبذلك تذهب اﻻعتمادات المالية الكبيرة لتطوير تكنولوجيا التسليح كجزء من التفكير العقﻻني الذي يسعي ﻻبادة اﻻنسان لنفسه ولنوعه وفي الوقت نفسه يتحدى العالم السياسة بإيجاد تكلفة عالية للنزاعات المسلحة مما يؤدي إلي تدمير اﻻقتصاد والحياة اﻻجتماعية …
وبالتالي يستمر التحدي المتبادل بين العلم والسياسة في تطوير مفهوم العدالة اﻻجتماعية.
ومن المتوقع أن يزداد تعاظم تأثير عاملين مهمين : العلم واﻻقتصاد … فقد تحول العلم منذ نهاية القرن العشرين إلى مشروع اقتصادي عالى الربح بل يتوقع أن يتزايد الجذب اﻻقتصادي للعلم وجذب العلم لﻻقتصاد مع توالي التقدم العلمي والتكنولوجي خاصة في مجال التكنولوجيا الحيوية واﻻتصاﻻت والطاقة.
وسيكون على النظام السياسي اكتساب مرونة في التكييف مع التغييرات اﻻقتصادية والعلمية خاصة وأن التقدم العلمي سيرتقي بمستوى البشر سوى من الناحية اﻻجتماعية أو البيولوجية ويزيد معدل تبادل المعلومات بين اﻻفراد والمجتمعات والدول مع زيادة اﻻتصاﻻت غير المباشرة عن اﻻتصاﻻت المباشرة وسيعمل ذلك على حرية اتخاذ القرارات بناء على معلومات وبدأ لﻷفراد والمجتمعات واﻻنظمة اﻻنسانية.