تقرير سنوي حول حملة “ثلاثاء لا للإعدام” في إيران

تقرير سنوي حول حملة “ثلاثاء لا للإعدام” في إيران
مع بداية عام 1404 الهجري الشمسي (مارس 2025) ، تسلط الأضواء على واحدة من أبرز الحركات الاحتجاجية التي شهدتها السجون الإيرانية خلال العام الماضي: حملة “ثلاثاء لا للإعدام”. هذه الحملة، التي انطلقت في 29 يناير 2024 من داخل سجن قزلحصار، تحوّلت من إضراب غذائي محدود إلى حركة جماهيرية داخل السجون شملت 38 سجنًا في عموم البلاد، وشكّلت تحديًا مباشرًا لسياسة القمع والإعدامات الجماعية التي ينتهجها النظام الإيراني.
من سجن واحد إلى 38 مركزًا اعتقاليًا
بدأت الحملة باحتجاج مجموعة من السجناء السياسيين في قزلحصار، الذين أعلنوا الإضراب عن الطعام احتجاجًا على تسارع الإعدامات. لكن سرعان ما امتدت هذه الخطوة إلى سجون أخرى. ففي الربع الأول من عام 1403 (مارس–يونيو 2024) ، انضمّت 9 سجون إلى الحملة، وفي الربع الثاني (يونيو–سبتمبر 2024) وصل العدد إلى 21 سجنًا، ثم ارتفع إلى 27 سجنًا في الربع الثالث (سبتمبر–ديسمبر 2024) ، لينتهي العام بمشاركة 38 سجنًا في الأسبوع الواحد والستين من الحملة، ما يعكس تصاعدًا نوعيًا في حجم وتأثير هذا الحراك.
الإعدامات في عام 1403 (2024–2025): ارتفاع مروّع
شهد عام 1403 (2024–2025) ارتفاعًا غير مسبوق في عدد الإعدامات. وفقًا للتقارير الحقوقية، تم تنفيذ 1,152 حكم إعدام خلال هذا العام، ما يمثل زيادة بنسبة 41.6٪ مقارنة بعام 1402 (2023–2024). ومن بين الضحايا، سبعة سجناء سياسيين أُعدموا دون محاكمات عادلة، في إطار اتهامات ملفقة.
النظام لم يعد يستخدم الإعدام كأداة قضائية، بل كوسيلة لترهيب المجتمع وإسكات المعارضين. لكن، وعلى عكس ما كان يتوقعه النظام، لم تُسكت هذه الممارسات صوت الاحتجاج، بل غذّته وزادت من صلابته.
السجون المشاركة في الحملة
من أبرز السجون المشاركة في حملة “ثلاثاء لا للإعدام” حتى نهاية عام 1403 (مارس 2025):
- طهران وكرج: سجن إيفين (جناح النساء، 4 و8) ، قزلحصار، السجن المركزي بالكرج، سجن طهران الكبرى، سجن خورين ورامين.
- أصفهان وقزوين: سجون دستگرد، أسدآباد، أراك، چوبیندر.
- خوزستان وفارس: سجون شيبان، سبيدار (رجال ونساء)، نظام شيراز، عادلآباد.
- الجنوب والشرق: برازجان، رامهرمز، بم، كهْنوج، طبس.
- الشمال: مشهد، جوين، گنبدكاووس، قائمشهر، رشت، رودسر، حويّق.
- الغرب والشمال الغربي: خرمآباد، ديزلآباد، أردبيل، تبريز، أورمية، سلماس، خوي، نقده، مياندوآب.
- كردستان: سقز، بانه، مريوان، كامياران.
الدعم الدولي وتأثير الحملة
مع توسّع رقعة الحملة داخل السجون، بدأت أنظار المنظمات الحقوقية الدولية تتجه إليها. من أبرز الداعمين:
- الدكتور جاويد رحمان، المقرّر الأممي السابق، الذي اعتبر الحملة رمزًا للمقاومة ضد القمع.
- ماي ساتو، المقرّرة الحالية، التي وصفتها بأنها تعبير عن “التزام لا يتزعزع بالعدالة وحقوق الإنسان”.
- منظمة العفو الدولية، هيومن رايتس ووتش، وعدة منظمات أوروبية وأميركية أصدرت بيانات دعم علنية، مطالبةً بوقف الإعدامات والانتهاكات في السجون الإيرانية.
أهمية الحملة داخليًا وخارجيًا
حملة “ثلاثاء لا للإعدام” أثبتت عدّة حقائق جوهرية:
- أن السجون ليست أماكن صامتة، بل نقاط انطلاق للمقاومة رغم القبضة الأمنية.
- أن التضامن بين السجناء، سواء سياسيين أو عاديين، يمكن أن يتحوّل إلى حراك وطني.
- أن النظام يفشل في إسكات المعارضين حتى خلف القضبان.
- أن الضغوط الدولية تُحدث أثرًا فعليًا، وتزيد من عزلة النظام.
- عام 1404 (مارس 2025 – مارس 2026): عام التحوّل المحتمل
في ظل هذا الزخم، يُتوقع أن يشهد عام 1404 (مارس 2025 – مارس 2026) تصعيدًا في الحملة، سواء داخل السجون أو في الشارع الإيراني. السجناء أعلنوا عزمهم على توسيع دائرة الاحتجاج وجلب مزيد من الدعم الدولي. وتلوح في الأفق مؤشرات على أن هذه الحملة قد تتحوّل إلى نقطة تحوّل مركزية في النضال ضد الإعدامات في إيران.
إنها مقاومة تتنفس من خلف القضبان، لكنها تصرخ في وجه القمع، وتُثبت أن إرادة الحياة أقوى من آلات الموت.