شهدت إيران خلال الأسبوع الماضي موجة واسعة من الاحتجاجات الشعبية، حيث نزل المواطنون في مختلف المدن إلى الشوارع للمطالبة بحقوقهم الأساسية، والتنديد بالفساد والنهب واستغلال موارد الوطن. وشارك في هذه المظاهرات المتقاعدون، والعمال، والطلاب، ومواطنون من شرائح متعددة، متحدين في سعَيهم لتحقيق العدالة والكرامة.
بدأت الاحتجاجات بتجمعات واسعة للمتقاعدين في مدن مثل جيلان، خرمآباد، چهارمحال وبختياري، مازندران، طهران، أصفهان، كرمانشاه، بيجار، أهواز، إيلام، زنجان، همدان، سنندج، تبريز، وغيرها. في أصفهان، طالب متقاعدو قطاع الفولاذ بحل مشكلاتهم المعيشية، مرددين شعارات مثل: «لن نرتاح حتى نحصل على حقوقنا». وفي كرمانشاه، هتف المتقاعدون*«سمعنا الكثير من الأكاذيب ولم نرَ أي عدالة»، حاملين لافتات تطالب بالتطبيق الكامل للوائح التنفيذية وإصلاح حالة التأمين المتدهورة.
وفي طهران، احتشد المتقاعدون التربويون أمام وزارة التربية والتعليم يوم الاثنين للمطالبة بصرف رواتبهم المتأخرة. وردت قوات الأمن بالقمع الوحشي، مستخدمة الغاز الفلفلي لتفريق التجمع، إلا أن المحتجين صمدوا وهتفوا: «يا عديمي الشرف!» و«صرخة ضد هذا الظلم!».
وشهد الأسبوع أيضاً استمرار احتجاجات عمال مصنع “جوكا” للأخشاب الذين تجمعوا أمام البوابة الرئيسية للمصنع بسبب عدم دفع رواتبهم ومستحقاتهم. وفي يوم السبت 18 يناير، بدأ سائقو الشاحنات عند معبر قصر شيرين وباشماق في مريوان إضراباً احتجاجاً على تدني الأجور وظروف العمل الصعبة والغرامات الباهظة، واستمر الإضراب حتى يوم الخميس.
وفي يوم الأحد 19 يناير، نظم متقدمو طلبات السكن في تعاونية “مارال پيشرو” تجمعاً أمام إدارة الطرق والتنمية العمرانية في سيرجان للمطالبة بتسليم الأراضي التي وُعدوا بها. وفي نفس اليوم، تظاهر مرضى ضمور العضلات الشوكي (SMA) وأسرهم أمام وزارة الصحة في طهران، مطالبين بتوفير الأدوية الضرورية رغم برودة الطقس القارسة.
كما أشعلت أزمة التلوث البيئي في أراك احتجاجاً واسعاً للمرة السادسة، حيث طالب المواطنون باتخاذ إجراءات فورية لمواجهة تفاقم التلوث نتيجة إهمال النظام وسياساته الصناعية الكارثية. وفي طهران، احتج طلاب جامعة العلوم الطبية على رداءة جودة الطعام داخل الحرم الجامعي، مما تسبب في حالات تسمم غذائي. وعبر الطلاب عن غضبهم بوضع أطباق الطعام الفارغة في ساحات الجامعة كرمز لاعتراضهم.
وفي محافظة فارس، نظم مشغلو محطات الكهرباء الإقليميون، المعروفون بـ”القبعات الصفراء”، يوم الأحد 19 يناير وقفة احتجاجية تنديداً بالفجوة الكبيرة في الرواتب. وفي كرج، احتج رجال الإطفاء على تخفيض رواتبهم، بينما تجمع موظفو الطوارئ الطبية في خراسان الجنوبية يوم 22 يناير أمام مبنى المحافظ احتجاجاً على أوضاعهم المالية المزرية. وفي يوم الأربعاء 24 يناير، تظاهرالمنهوبین و ضحايا الاحتيال من شركة “كلباران” في دزفول، مطالبين باستعادة أموالهم المنهوبة.
مع تصاعد الفساد وغياب المساءلة الحكومية وزيادة الفقر والضغوط الاقتصادية، تتسع دائرة الاحتجاجات في إيران يومًا بعد يوم لتشمل المزيد من شرائح المجتمع. من العمال والمعلمين إلى المتقاعدين والطلاب وغيرهم، الجميع ينزل إلى الشوارع للتنديد بالظلم وسوء الإدارة. هذا التوجه يعكس تزايد الاستياء الشعبي، ومع استمراره، يمكن التوقع أن تتحول هذه الاحتجاجات إلى انتفاضة كبرى أو حركة احتجاجية شاملة على مستوى البلاد.