الأدب و الأدباء

تحسين الأداء لتطوير الذات 

احجز مساحتك الاعلانية

بقلم

د. سعاد الفضلى

كلمة ( ذات ) في اللغة هي مؤنث كلمة ( ذو ) بمعنى صاحب، التي هي أحد الأسماء الخمسةالتي ترفع بالواو وتنصب بالألف وتجر بالياء.وبالتالي فمعناها ( صاحبة ). قال تعالى: ( والسماء ذات البروج ) أي صاحبة البروج. وكذلك قوله تعالى: ( وحملناه على ذات ألواح ودسر ) وقوله تعالى: ( غير ذات الشوكة ) وقوله تعالى: ( وتضع كل ذات حمل حملها ) إلى غير ذلك.
كما تأتي كلمة ( ذات ) بمعنى الظرف، كما قال تعالى: ( ونقلبهم ذات اليمين وذات الشمال ) وكما تقول: ( رأيت فلاناً ذات يومٍ ).
فهذا أصل الكلمة في اللغة.
أما في اصطلاح من تكلم في العقائد فالمعنى بالذات خلاف الغير، أي حقيقة الشيء. ولعلهم اصطلحوا ذلك ليعبر به عما هو أعمّ من الصفات. فالذات هي الحقيقة الكلية والصفة هي العرض القائم في الموصوف. فذات الإنسان هي كل ما فيه من صفات ومواد، بينما صفاته هي المعاني القائمة به من شجاعة وجمال وذكاء ونحوها.
بقى لنا أن نقف قليلا عند مفهوم السيرة الذاتية السيرة الذاتية أو بيان السيرة، هي وثيقة تتضمن موجزًا أو قائمةً بالوظائف ذات الصلة بالخبرة والتعليم. السيرة الذاتية هي أول لقاء بين صاحب العمل المحتمل وطالبي الوظائف، وتستخدم عادة لفرز المتقدمين، وغالبًا ما يعقبها مقابلة في حالة البحث عن عمل وهذا يعني إن السيرة الذاتية هي التحصيل العلمي والخبرات التي يكتسبها المرء كي ينطبق عليه الإنسان المناسب في المكان المناسب ويخضع للتجربة فترة زمنية كي يثبت في الوظيفةما معناه حرص الإنسان على تحسين وضعه العلمي وتقيم مؤهلاته كي يرسم لنفسه صورة مشرفة فماذا عن سيرة الإنسان وتحصيله في الحياة وما يكتسبه من قيم يميل إليها إما عن هوى أو قناعة خاصة , أو يستقيها تبعا لعقيدة معلومة وفي نفس الوقت تبذل كل ما وسعك لطرد قيم أخرى لأنك لا ترغب فيها ولم يكن ذلك حصيلة يوم أو يومين بل يبدأ غرس الذات وتطويرها وأنت طفلا ثم فتى يافعا وكهلا تعايش عمرك وكل يوم يستجد لك مغزى جديدا يقتحم حياتك ويضيف شيئا إلى مكونات نفسك الداخلية يتفق مع مكونات ذاتك الفطرية مضافا اليها استعدادك الفطري لاستقبال الصفات سلبا أم ايجابا فسيرة الإنسان الذاتية بإعتقادي هي ليست فقط تلك الوثيقة الورقية التي تضم تحصيلك والخبرات والاهتمامات والمواهب بل محصل شخصيتك يعني ذاتك الخاص بك والتي ترسم المعالم الخارجية والصفات الأصلية والتي لا يمكن لاي شخص التعرف عليها إلا بالعشرة الطويلة
والسوال الذي يطرح نفسه الآن هو: هل يستطيع الإنسان أن يطور ذاته لماذا يتغير ؟ و لِمَ لا يثبت على ما نشأ عليه ؟وهل التغير ضروري لتطوير الذات
ألا تستقيم حياة الإنسان و تسير من دون تغيير ؟ أم أنني أتغير إذن أنا أعيش
هل لأن كل ما حولي و ما بداخلي يتغير فعليَّ إذن أن لا أغرد خارج السرب كما يقولون ؟ أو يكفيني هذا لاقتنع بالتغيير ؟ ليس التغير السطحي بل التغير الذي يمس النقاط التي تحدد سير سلوكي في الحياة كيف افهم التغيير … ما معنى أن أتغير
أن استجيب فقط للتأثيرات سواء كان التغيير سلبياً أم إيجابياً أم لا بد أن أؤثر بالآخرين وأتأثر بهم و حتى لا يكون وهماً أعيشه … كيف أدرك أنني تغيرت ، و أي معايير اعتمدها و يمكنني التقييم على أساسها هل أقيم نفسي هل يساهم الآخرين بتغير ذاتي إذا قلت ذاتي فليس للآخرين شأن بتغيرها إذا لماذا لا ابادر أنا بالكشف عن ماهية وأسرار تلك الذات لأن الإنسان الناجح هو الذي يدرك قيمة الطاقات التي أودعها الله سبحانه وتعالى فيه وبناء على هذا التقيم لذاته وهذا الإحساس والشعور يتخذ القرار المناسب حول كيفية استخدام هذه الطاقات ومن ثم يقيم هذا الاستخدام وبذلك يكون الشخص قادرا على أن يرسم صورة لنفسه وهي عبارة عن مجموعة السلوكيات التي تصدر عنه وتحدد صفاته فالنفس البشرية كما يقول علماء النفس معقدة التركيب ولكل إنسان مجموعة من المبادئ والقيم التي تتحكم في طريقة تفكيره ومن ثم مشاعره ورغباته والسلوك الصادر عنه وعلى هذا الأساس يكون المقصود (بتطوير الذات) هو محاولة تحسين الأداء للذات نحو الأفضل فتربية النفس على المثل العليا والأخلاق الفاضلة هو تطوير لها وإن التطوير الذاتي له مدلولات كثيرة فتربية النفس هو تطوير لها وإدراة الإنسان لذاته إدارة إيجابية هو تطوير وارتقاء بالإنسان ومن الواقع أن يتم تطوير الإنسان تلقائيا منذ ولادته فتقوم الأسرة والمدرسة والمجتمع بتطوير الإنسان وتربيته وتنشئته على الأخلاقيات وتعويده على سلوكيات تمنحه خصالا واضحة المعالم ومع النمو والكبر تكون لكل واحد منا نظرته الخاصة في عملية تطوير ذاته قد تؤثر الظروف المحيطة به سلبا وإيجابا ويبقى تدخل الإنسان في تطوير ذاته هو من أهم وأجل الأعمال التي يقوم بها الفرد ليتمكن من رسم معالم شخصيته والتي يتم من خلالها تقيم الآخرين له فليس المهم أن نقيم أنفسنا غافلين كل المعايير التي تتحكم في إصدار أحكام التقيم لذات الشخص أو تقيم الآخرين له ولا شك أن الله سبحانه أودع في ذات الإنسان مهارات وقدرات يجعلها تساهم في تطوير الإنسان لذاته وهذا ما أكده أفلاطون في فلسفته أن تربية الإنسان لذاته لها وقعها في النفس أكثر بكثير من تربية الآخرون له ..ولذلك نؤيد أن يطور الإنسان ذاته ويكسبها سلوكيات إيجابية ونبذها للسلوكيات السلبية وحقيقة انه من العارعلى الفرد ان يقول حينما يصف سلوكياته السلبية انه هذا ما تربى عليه !! اين اذن ارادته في التغيير ؟؟واي فائدة ترجى منه ليغير الآخرين او يؤثر فيهم ان لم يقو على تغير نفسه وذاته والتمكن من السيطرة على ما يقوم به من سلوكيات كي تتوافق مع المعطيات الإيجابية لبناء الذات فإن أول خطوات هذه العملية الصعبة هي الإيمان بإمكانية تطوير الذات فأنت وما تعتقده في تقيم نفسك فإذا اعتقدت وثبت فكرة المستحيل في تطويرنفسك فأنت بالتالي تجعل هذا التطوير مستحيلاً.هنا تكون قد سلمت نفسك لليأس وأصابك الاحباط وسيطرت عليك الاحاسيس السلبية التي ستهدمك من الداخل تدريجيا وبذلك تكون قد ساهمت في تدمير ذاتك لذلك يجب أن نركز على إن هذا التطوير ينطلق من الذات ..اي من ارادة ذاتية في التغيير والتطوير فمهما حاولت الاستفادة من الآخرين وصرفت الأموال الطائلة لم تكسب شيئا إن لم يكن الدافع من الذات بينما إذا كان الإيمان نابعا من الداخل بأهمية وإمكانية التطوير وإذا ما تحقق هذا الإيمان بإمكانية التطوير،سيحدث في حياتك تغيرات إيجابية في كل المجالات كتطوير للروح بالتربية وتطوير للعقل بنور العلم والمعرفة وتطوير للنفس بكريم الخلق وتطوير الفكر بالثقافة وتطوير لعلاقاتنا مع الآخرين من خلال فهم ذواتنا اولا ثم تقبل الآخر كما هو ثانياً وتطوير لجملة المهارات باكتساب المزيد منها فإذا ما أخذنا بنظر الاعتبار تلك النواحي مجتمعة بإنها الأركان الأساسية في الحياة اصبحت فكرة تغير الذات واردة جدا لذلك تعد العلاقات الانسانية القائمة على الحب و الوفاء و الأخلاص والتضحية و الأعتراف المتبادل مــــــن اجمل العلاقات والروابط البشريــــة الجميلة التي تنشأ بين افراد الجنس البشري ، سواء كانت هذه العلاقات بين الاباء والابناء ، او بيـــن الزوج و الزوجه ، او بين المسؤول ورعيته ، او بين الحبيب و محبوبته ، ولكن من المؤسف أحياناً في أن تتحــــول بعض هذه العلاقات الانسانية الى علاقات تمركز حول الذات ، و أن تتحـــــول هذه الروابط المشتركة الى علاقـات كارثية ، و الى مجرد احاسيس ومشاعر باردة يسودها الفتور والخمول أن التمركز حول الذات كما يراه علماء النفس و منهم (رايس) عاملاً مسمماً للحياة المشتركة بين حياة الفرد و حياة الآخرين من خلال ما قدمه من ثلاث مظاهر تبدأ بسوء الفهم حيث ينشأ التشوش و سوء الفهم ، الارتباط في العلاقات بين الفرد المتمركز وبين الآخرين لان الشخص المتمركز حول ذاته لا يستطيع الاقتناع بأن الآخرين يتصرفون بطريقة مختلفة عنه بالفعل و هذه المظاهر التي تتمثل في التمركز ستقود عاجلاً او آجلاً الى تحطيم اي علاقة تربطه بالأخرين، لأن سوء الفهم التواصلي الناجم عن التمركز يحدد علاقته بالآخرين .
من هذا المنطلق يتضح أهمية تطوير الذات بالخروج من المركزيةالذاتية إذ أن تطوير الذات مهم سواء على المستوى الفرد أو المجتمع .. ولا يمكن أن يستقيم وضع الأسر والمجتمعات ما لم يكن تطوير الإنسان لذاته بشكل فعال ومستمر فكلما حرص الإنسان على تطوير ذاته كلما أصبح له شأن كبيرواصبح انسانا متميزاً في المجتمع وكلما ضعف كلما قل شأنه في المجتمع لذا يجب الاهتمام بتطوير الذات للافراد إذا ما نشدنا مجتمعا متطورا

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى