اعداد : عادل شلبى بقلم : الشيخ الدكتور أحمد خليفة نياس ـ السينيغال
تقديـــــــــــم:
الهدف من تحديد وتحديث مفهوم الخلافة الكونيّة هو معرفة العلاقة بين ثلاثي الوجود: اللّه ـ الإنسان ـ الكون بكلّ ما في تلك العلاقة من توازن وانسجام ويقين.
الإنسان كائن ضعيف جسديّا لكنّه فعّال فى محيطه وذلك تحقيقا لهدف خلق لأجله , قدرته على التفكير هي صانعة لفارق بينه وبين باقي الكائنات والتي بفضلها منحه الله الوكالة ليكون سيد الكون ,
هذه الوكالة تسمّى باللّغة العربيّة خلافة والتي تعنى ممثّل أو مساعد بكلّ ما فيهما من تمكّن بمهارات التسيير.
الله خالقا والإنسان مسيّرا ومخيّرا والكون مستجيبا.
ممّا ذكر نستنتج أهميّة الإنسان الذي هو أوّل خليفة تاريخيّ يعيّنه اللّه على الأرض.
هذا التعيين أثار احتجاج باقي المخلوقات بما فيهم الملائكة حيث قاد زعيمهم إبليس أو الشيطان تمرّدا على الطاعة المطلقة لله , لكن مع ذلك منحه الخالق ترخيصا باستغلال نقاط ضعف الإنسان لإغوائه ولدفعه لارتكاب المعاصي ليكون أو لا يكون ضحيّته. عمل إبليس كفعل “الهاكر” الذي ينشر الفيروسات لإعطاب وتعطيل برمجيات الكمبيوتر.
من هنا نفهم شخصيّة آدم ودوره في الحياة وهذا سيساعدنا على فهم كتاب اللّه ومعرفة أهدافه.
آدم ؟
الإنسان مخلوق إلاهى كان يعيش في بيئة توفّرت فيها عوامل التوازنات الماديّة والروحيّة وتسمّى الجنّة , يعرّفه القرآن بأنّه كائن سماوي مخلوق من طين لزاج تجتمع في تكوينه عدّة مواد عضويّة , يتغذّى من الضوء اعتمادا على طريقة التّبادل الضوئى المسمّاة “فوتوسنتاز” ويتكاثر بالاستنساخ , فحوّاء استنساخ لآدم.
فى الجنّة توجد مادّة لا يتلاءم استهلاكها مع حياة الإنسان فيها , حذّر الله آدم من الاقتراب منها وهي ثمرة مصدر غباء تحيل متناولها من البشر من كائن ذكيّ إلى كائن غبيّ .
عصى آدم أمر ربّه فكانت عقوبته إنزاله من جنّة الفضاء إلى فضاء على الأرض.
الأرض؟
الأرض كوكب كان مخصّصا لحياة الحيوانات التي منها الديناصور.
عاش الديناصور طيلة المرحلة الجوراسيّة لينقرض بعدها لإفساح مجال العيش الملائم للآخرين والذين منهم البشر والحيوانات الثدييّة,
ففي هذه المرحلة وهي تستقبل الإنسان شهدت الأرض تخلّصا من الحيوانات الضخمة والعملاقة .
على أرض الواقع شكّل الحطّ من آدم دافعا له ليتطوّر بحثا عن تكامل وانسجام مع محيطه الأرضي الجديد الجامع للإنسان والحيوان والنّبات.
استقبلت هذه البيئة الجديدة آدم كمدان وقادم لقضاء عقوبته عليها وهي في الواقع إعادة تعليم له ليتعلّم الفرق بين الحياة في الجنة وبين الحياة على الأرض.
الأرض مجال حيويّ لتنامي الميكروبات والبكتيريا وتكاثرها , كما تحوي على أغذية سامّة كفيلة بالقتل البطئ دون شعور بها لذلك معدّل عمر الإنسان قصير ولا يفوت في غالبه المائة عام.
ضرورة التكاثر حتّمت على الإنسان التّزاوج بين ذكره وأنثاه في تناسل يحافظ على استمراريّة نوعه على الأرض.
التـــّزاوج ؟
خلق اللّه كل شئ في زمن خالد ولا متناهي فيه عهد برنامج إدارة الحياة إلى زمن مقسّم إلى ثلاثة أبعاد: الماضي والحاضر والمستقبل . وهنا سنولى أهميّة كبرى لمستقبل الإنسان.
التّزاوج جزء من عمل روتيني يقوم به الفرد والذي بصرف النظر عن المتعة القصيرة والمخدّرة والعابرة التي يشعر بها فإن ما تبقّى فيه ألم وعذاب ومعاناة.
بعد المرور بما ذكر ينهى الإنسان مدّة عقوبته على الأرض ليحزم بعدها أدباشه ويعود من حيث جاء,أي مرحلة ما بعد الموت.
غزو الفضاء ؟
مهمّة الإنسان أو خليفة الله في الأرض هي المعرفة والتفاعل مع الكون تأثيرا وتأثّرا بتوظيف ما خلقه الله فيه لتحقيق استمرارية الحياة. لتحقيق ذلك اهتدى البشر إلى اكتشافين هامين كان لهما تأثير رئيسي على سير حياتهم وهما الاستنساخ وسرعة الحركة في الفضاء.
إلى الآن لم يجد الإنسان حلاّ لمشكل الغذاء (نباتيّا كان أم حيوانيّا) وهذه المعضلة كبحت كثيرا طموحه للسيطرة على الطبيعة.
عند غزوه للفضاء وجد الإنسان حلاّ لكبر حجم ووزن الغذاء وذلك عن طريق الضغط والتكثيف بجعل الأكل كبسولة صغيرة سهلة الاستعمال ومغنية من جوع.
تجدر الإشارة إلى أهميّة التقدّم العلمي في تحقيق تغييرات كبيرة علي نمط حياة الإنسان والتي منها تكييف الجزئيات عن طريق الحمض النووي.
ما ذكر سيسهّل عمليات غزو الفضاء وبالتالي تمكين الإنسان من أداء مهامه كخليفة للّه على الأرض.
الآفــــــــاق ؟
بمجرّد إتقان الإنسان للاستنساخ والسيطرة عليه سيتمكّن من إرسال ملايين بل مليارات من البويضات المخصّبة فى المخابر والمحتضنة بواسطة أجهزة الكمبيوتر. ستظهر أجيالا تلقائيّة خارقة الذّكاء وستعمّر الكواكب.
ستظهر اكتشافات واختراعات سنكون بفضلها قادرين على إحداث طفرات تمكّن من ظهور رجال من حجر أو حديد وآخرين قادرين على الصّمود أمام قساوة الطّبيعة وذلك بالتكيّف معها بما يضمن استمرارية الحياة.
واجب الإنسان الرئيسي مستقبلا هو التكيّف ومزيد التّكيّف.
جسم الإنسان ؟
على الأرض يستخدم الإنسان أربعة أطراف وهم اليدين والساقين والذين ربما يتمكّن من الاستغناء عنهم في الفضاء, ربّما ستعوّضهما أطرافا اصطناعيّة كأطراف العدّاء الجنوب إفريقي.
لابدّ من التذكير أنه كلّما استغنى الإنسان عن الغذاء الأرضي كلّما طال عمره واقترب من صفر طبيب وصفر دواء ومن عمر يقاس بآلاف السّنين.
ما قيل يفتح باب تطوّرات جسدية كبيرة في الإنسان مع اكتشاف طرق جديدة لاستنساخ الذكور والإناث قد تقرّب الإنسان من الحياة الأبديّة بتكامل تام ودون تناقض مع الغيبيات الإلهية,كما سيكتشف الإنسان أبعادا جديدة في الكون غير المتعارف عليها الآن.
مستقبلا سيصبح من الممكن جدا إحياء الأموات عن طريق حامضهم النووي الذي يمكن الاشتغال عليه في المخابر.
لقد سبق القرآن العلم فى قراءة الوجود لأن العلم قراءة بطريقة فوضويّة واعتمادا على منشورات غير مكتملة.
آدم ونهاية العقوبة ؟
في سنّ السّتّين تلقّى الرسول صلّى اللّه عليه وسلّم الوحي فيما يخصّ آدم الحقيقيّ.
في مفاهيمنا يعتبر آدم مخلوق من آدم, وآدم الحقيقيّ هو الرسول عليه السلام.
بعد ثلاثة سنوات من نزول الوحي أسرى سيدنا محمد عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليم ليلا من مكّة إلى القدس في ساعة من الزمن في نفس وقت طائرة تسير بسرعة دون سرعة الصّوت, ومن
هناك عرّج نحو السّماء لمقابلة خالقه.
في الرحلة تفاصيل مهمّة أهمّها إن الرسول لم يمتط ظهر جمل ولا صهوة حصان للتّنقّل بل استعمل سفينة “فضائيّة” في اسمها أكثر من دلالة: البراق (بضمّ الميم) أو البراق (بفتح الميم) والذي يعنى البرق باللّغة العربيّة .
لذلك ولمرّة واحدة قام الإنسان برحلة إلى ما وراء الفضاء الأرضي في رحلة معاكسة لرحلة الإنسان الأول “آدم” وبسرعة تضاهى سرعة الضوء.
هذه الرحلة نقطة تحوّل كبيرة في حياة الإنسانيّة وخاصّة لنا نحن المسلمين.
يتواصل نزول الوحي بعد رحلة الإسراء والمعراج.
يقول الله تعالى: يوم تبدّل الأرض غير الأرض والسّماوات. منذ خمسة عشر قرنا اختصرت الآية الكريمة مستقبل الفضاء والإنسانيّة وفى آية أخرى يقول المولى عزّ وجل : ونادى أصحاب الجنة أصحاب النار أن قد وجدنا ما وعدنا ربنا حقّا فهل وجدتم ما وعد ربّكم حقّا قالوا نعم فأذن مؤذّن بينهم أن لعنة الله على الظالمين… صدق الله العظيم.