نشرت موقع تاون هال مقالًا للكاتب والسفير الأمريكي السابق لدى لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة، كين بلاكويل، بعنوان “الوقوف مع الحقيقة والنزاهة في مواجهة التضليل”.
يناقش بلاكويل في هذا المقال حملة التضليل التي تستهدف البروفيسور جاويد رحمان، المقرر الخاص السابق للأمم المتحدة المعني بحالة حقوق الإنسان في إيران، والتي تهدف إلى تشويه سمعته كمحاولة لإسكات الأصوات الناقدة للنظام الإيراني.
ويشير المقال إلى أهمية تقرير البروفيسور رحمان حول الجرائم ضد الإنسانية التي ارتكبها النظام الإيراني، بما في ذلك مجزرة عام 1988، ويبرز الجهود التي يبذلها النظام الإيراني للهروب من المساءلة عبر حملات تشويه وتضليل. ويدعو بلاكويل المجتمع الدولي إلى رفض هذه التكتيكات ودعم الحقيقة والعدالة من أجل إنهاء الإفلات من العقاب في إيران.
في عالم تتحدى فيه الأنظمة القمعية باستمرار دعاة حقوق الإنسان، تسلط حملة التضليل ضد البروفيسور جاويد رحمان، المقرر الخاص السابق للأمم المتحدة المعني بحالة حقوق الإنسان في إيران، الضوء على الأساليب التي تلجأ إليها الدول الاستبدادية مثل إيران لإسكات المعارضة. وتهدف هذه الحملة إلى تشويه سمعة أحد المدافعين المخلصين عن حقوق الإنسان.
ترجمة المقال ادناه
خلال فترة ولايته كمقرر خاص للأمم المتحدة بشأن حالة حقوق الإنسان في إيران، تابع البروفيسور رحمان الحقيقة بلا هوادة على الرغم من منعه من دخول إيران ومواجهته للترهيب المستمر. وكشف تقريره التاريخي، الذي وثق جرائم الإعدام في الفترة 1981-1982 ومجزرة عام 1988 كجرائم ضد الإنسانية وإبادة جماعية، حقائق مقلقة تسعى إيران إلى قمعها.
وكان البروفيسور رحمان أحد المتحدثين في مؤتمر عُقد في باريس في 24 أغسطس بعنوان “الذكرى السادسة والثلاثون لمجزرة 1988. إيران: المساءلة عن جرائم الفظائع”. وانضم إليه أكثر من عشرة من العلماء القانونيين البارزين والقضاة والمقررين الخاصين السابقين للأمم المتحدة.
ومن بين المتحدثين كان البروفيسور تشيلي إبو-أوسوجي، الرئيس السابق للمحكمة الجنائية الدولية، والبروفيسورة ليلى سادات، الخبیرة العالمية المعروفة في جرائم ضد الإنسانية، والبروفيسور ويليام شاباس، الخبير الرائد في الإبادة الجماعية. كما تحدثت السيدة مريم رجوي، الرئيسة المنتخبة للمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، في المؤتمر.
وترکت وحشية النظام بصمة عميقة في التاريخ الشخصي للسيدة رجوي: فقد كانت شقيقتها وزوج شقیقتها من ضحايا عهد الإرهاب للنظام الإيراني.
وأشعل المؤتمر غضب النظام الإيراني لأنه سلط الضوء على سجله المروع في حقوق الإنسان الذي يمتد لأربعة عقود، مما دفعه إلى بدء حملة تشويه لا أساس لها. وكانت هذه الحملة تهدف إلى تقويض مصداقية البروفيسور رحمان، وتحويل الانتباه بعيدًا عن نتائجه المهمة. تضمنت الحملة اتهامات لا أساس لها بأنه قبل مكافآت أو رسومًا على التحدث، وهي تكتيك مثير للقلق يعكس يأس النظام من الهروب من التدقيق. كما يقول المثل: “إذا لم تعجبك الرسالة، اقتل الرسول”.
وتُعد التكتيكات التضليلية المستخدمة ضد البروفيسور رحمان جزءًا من نمط قديم. تاريخيًا، كلما قامت أصوات بانتقاد إيران أو المطالبة بالمساءلة، تم استهدافها بادعاءات تتعلق بالفساد المالي، خصوصًا فيما يتعلق بمشاركتهم في المؤتمرات المرتبطة بالمقاومة الإيرانية. وتهدف هذه الاستراتيجية إلى نزع الشرعية عن الأصوات المعارضة والحفاظ على الوضع الراهن للإفلات من العقاب.
والأكثر إثارة للقلق هو أن هذه الاتهامات التي لا أساس لها يتردد صداها أحيانًا من قبل أطراف خارج إيران، بالنسبة لهم يبدو أن الدفاع عن حقوق الإنسان مجرد تجارة أكثر منه التزامًا بالتغيير. هذه الأفعال لا تساعد النظام فقط في تجنب المساءلة، بل تفسد أيضًا الخطاب العالمي لحقوق الإنسان. يجب على المجتمع الدولي أن يدرك ويرفض هذه التكتيكات باعتبارها جهودًا يائسة من النظام لحماية نفسه من عواقب أفعاله.
وفي بيان له، رفض البروفيسور رحمان بشدة هذه الاتهامات الكاذبة والمختلقة، بما في ذلك تلقيه “أي نوع من المكافآت أو الرسوم على المشاركة في المؤتمر الذي عُقد في 24 أغسطس 2024 في باريس”، مضيفًا: “من الصادم أن أولئك الذين يوجهون مثل هذه الاتهامات لديهم القليل من الاحترام لنزاهتي وسمعتي، فقط لمجرد مشاركتي في مؤتمر كان له صلة مباشرة بتقريري عن ‘جرائم الفظائع’.”
شدد البروفيسور رحمان على أن “النظام الإيراني (ومؤيديه) يحاولون من خلال حملة التشهير هذا التهرب من المساءلة عن جرائمهم”. وحث المجتمع الدولي على “التركيز على نتائج وتوصيات هذا التقرير وضمان العدالة والمساءلة لضحايا ‘جرائم الفظائع’ وإنهاء الإفلات المستمر من العقاب في إيران”. كما تعهد باتخاذ “إجراءات قانونية ضد الأفراد أو المنظمات (بما في ذلك أعضاء من الحكومة الإيرانية) الذين يستمرون في حملة التشويه”.
كما قال أبراهام لنكولن ذات مرة: “يمكنك خداع بعض الناس طوال الوقت، وكل الناس لبعض الوقت، ولكن لا يمكنك خداع كل الناس طوال الوقت.” قد تنجح محاولات النظام في تشويه سمعة من يكشفون عن جرائمه في تضليل البعض، لكن الحقيقة ستنتصر في النهاية. يجب على المجتمع العالمي أن يظل يقظًا ونشطًا، ويرفض السماح للتضليل بإخفاء الواقع المظلم الذي يعيشه العديد من الإيرانيين.
ومن الضروري ألا يكتفي المجتمع الدولي برفض هذه التكتيكات المخادعة فقط، بل يجب أن يدين بشدة أولئك الذين يستخدمون ويديمون مثل هذا السلوك المشين. الصمت أو القبول السلبي يمنح هذه الأفعال شرعية غير مستحقة ويشجع الجناة. إن الواجب الأخلاقي يقتضي إدانة هذه التكتيكات بشكل صريح وقوي، مؤكداً الالتزام الجماعي بالحق والعدالة.
أقف متضامنًا مع البروفيسور رحمان وكل من يسعى إلى كشف ومحاكمة جرائم الفظائع على مستوى العالم. إن الضغط الدولي المستمر والدعم الثابت للحقيقة هما أمران أساسيان لإنهاء دائرة العنف والإفلات من العقاب في دول مثل إيران. النداء للعمل واضح، وحان الوقت للتحرك الآن.
كين بلاكويل هو سفير الولايات المتحدة السابق لدى لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة.