شعر..محمد عيَّاد الملوحي
حلَّ المَغيبُ إذا انطَفَت أَنوارُ
وَالرُّوحُ نامت وانزَوَت أفكَارُ
قد ضاقتِ الدنيا غداةَ رحيلها
والرِّيحُ تعصِفُ والنَّوى مُنشارُ
وأرى الغُروبَ جماله مُترقرقاً
والسِّحرُ فيهِ شَواهِقٌ تَنهارُ
فالشَّمسُ ترقدُ في غياهب رحلة ٍ
و الشَّرقُ يَقتُلهُ الرَّحى الجبَّارُ
لمّا توارى نورُها عن ناظري
أحسستُ أنَّ مَخاوِفاً زوَّارُ
فالآهُ تنزفُ.. والجِراحُ مديدةٌ
ونزيفُ أفئدةِ البرى.. إصرارُ
وتنازعَ الرُّعناءُ عندَ ذَبيحَةٍ
نهشوا العِظامَ ولَحمُها المِحبارُ
هَتكوا الدِّيارَ وشرَّدوا زرعاً طوى
ألماً.. وجوعاً.. والرَّدى جَرَّارُ
لم تبقَ سامِقةٌ نلوذُ بِرَيعِها
وشواهِدٌ في ثَغرِها الإخبار
يا ليتنا كُنَّا حِجَارةَ طِفلةٍ
ترمي المُضلَّ.. و..قولها الكرَّارُ
طفلٌ يهُزُّ قواعدَ الدُّنيا .. أما
شعرَ الرُّعاءُ…و..فعلها الخطَّار
ضُعفاءُ والخَوفُ العتيُّ مُلاحِقاً
ومواجعٌ في مهدها الإبحارُ
يا صَرخةً رَحَلَت بأَمجادٍ لها
وغدا الخُنوعُ تلِادَها المِعيارُ
لَم يبق غيرُ سَذاجةٍ حَفيت بنا
وسَفاهَةٌ قُطِعَت لها الأزرارُ
لِمَ حاضِرٌ يبكي على ماضٍ له
وصَداقةٌ قد خانَها الإحضارُ
أينَ المَلاحمُ والبُطولات التي
قد دُوِّنَت بسُيوفها الأَحرارُ
غَدتِ المَرابِعُ بعدها مسلوبةً
ومَآثِرٌ حَفِلَت بها الأَضرارُ
تبّاً لِمَن أنهى كرامةَ أُمَّةٍ
غَرِقَت بِشُموخِها الأَبرارُ
رُحماكَ ربِّيَ ساكنُ مُهجتي
إرحمْ طفولةَ قلبيَ المُنثارُ
ترجو الشِّفاءَ مِنَ البلايا كُلُّها
مَن غيرُك الشَّافي وأنت الجارُ
فالأُمُّ تدعو بالكتابِ وَهَديهِ
أن ترحمَ الحُبَّ الذي ينهارُ
بِرضاكَ تخبو كُلٌّ مُعضِلةٍ نمت
تنجو.. وتصحو الرُّوحُ والأزهارُ
فَهِيَ البَراءةُ والوداعةُ.. عينُها
رمزُالسماحةِ والعُلا والغارُ
حسبي المُعينُ على الرّزايا لو دنت
فَهو المُجيرُ إذا أتاها الزّارُ
قد كُنَّ إلفَ جِنانِه وربيعُها
وبلاسِمٌ في دارها الأخيار
طيبُ الكلامِ وروضُه وبريقُه
ورهافةُ الإحساس لا تَنعارُ
وعذوبةُ النَسَمات فاح رحيقُها
بسَماتُ عطرٍ سِحرُها المِزمارُ
تدعو الإلهَ لدى الوداعِ لِروحها
غُفرانَ ذنبٍ صاغَه الفُجَّارُ
بنتُ العفافِ.. وأهلُ كُلِّ سجيَّةٍ
ومَكارِمُ الأخلاقِ لا تَنجارُ
وفراشةٌ عند السّخاءِ نديَّةٌ
هفهافةٌ.. ومشاعِرٌ أنهارُ
ذهبت إلى الرحمن مالكُ روحها
وحبيبُ دارٍ كُلُّها إعمارُ
فالشّوقُ في سَفرٍ يُسابِقُ ريحَه
وترائبٌ في صدرها المِسْمارُ
ياويحَ قلبيَ في لقاء أحبَّةٍ
قد باعدت بين الورى الأسفارُ
فالمصطفى تلقاهُ عندَ شفاعةٍ
طلبَ الحياةَ لِعُمرِها المُنثارُ
فاللهُ يغفرُ والذُّنوبُ ثقيلةٌ
زالتْ برحمةِ ربِّيَ الغفَّارُ
أنا في اشتياقٍ لا سبيل لِغيره
فالرُّوح في وَلَهٍ… بها.. الإعِصَارُ
ٗ