كتب : محمد شعلان
في كليه الطب جامعه الاسكندرية تدخل الدكتوره المدرج رقم 7
الدكتوره : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جميع الطلبه في صوت واحد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
الدكتورة : ازيكم عاملين ايه؟ كل عام وانتم بخير وصحه وسلامه.. النهارده اول يوم دراسي في الترم الثاني ومن حسن حظي اني هكون معاكم الترم ده….. قبل ما اعرفكم بنفسي او اقول اي حاجه… احب اقولكم ان اي حد ظروفه صعبه او مش هيعرف يشتري الكتاب بتاعي يكتبلي ورقه بعد المحاضرة ويبعتهالي مكتبي وانا هنعفيه من شراء الكتاب بإذن الله
فرد احد الطلاب قائلاً :ازاي يا دكتورة… ده كل الدكاتره اللي قبل حضرتك قالولنا اللي مش هيشتري الكتب هيسقط في أعمال السنة
الدكتورة بابتسامة: انا مليش دعوه بحد انا بتكلم عن كتابي انا
رد أحد الطلاب ضاحكاً: كده يا دكتوره كل الطلبه هتبقي ظروفها صعبه ومفيش حد هيشتري الكتاب خالص
ضحكت الدكتورة قائلة: مفيش مشكلة انا مسامحه و هحكيلكم قصه حلوه بما انها اول محاضرة ليا معاكم وانا مش بحب اشرح فيها بحب اتعرف فيها على الطلبه اللي عندي..
ثم بدأت تقص عليهم
من 20 سنة قبل انتو ما تتولدو وتشرفو على الدنيا كان فيه سواق ميكروباص اسمه احمد عبد التواب عنده بنت في اولي طب في سنكم بالظبط
………………
عم احمد سواق الميكروباص لابنته : يلا بقي زمان الميكروباص الموتور بتاعه سخن بره… انا مشغلها من ساعتها… يلا عشان اوصلك
فاطمه: يالا يااحل اب في الدنيا
عم احمد: تحبي اجي اخدك الساعه كام يا بنتي
فاطمه: لسه مش عارفه عندي محاضرات ايه وهطلع امتي… هبقي اطلع من الكليه واجيلك في الموقف
عم احمد: خلاص يا فاطمه يا بنتي هستناكي ان شاء الله
……………
نزلت فاطمه علي كليتها وذهب عم احمد بسيارته القديمة موقف اسكندريه دمنهور ليأخذ دوره
………… ………
عم جلال السواق قائلاً لعم احمد: ازيك يا ابو الدكتوره
عم احمد بابتسامة: الحمد لله يا عم جلال يا راجل يا طيب… انا دوري الكام
عم جلال: دورك الخامس ان شاء الله يا اسطي
والنهارده مفيش عجل كتير لان الجو وحش و شكلها هتمطر كتير
عم احمد: يلا الحمد لله… المطر ده رزق… فرصه اشتغل النهارده واسهر شويه…
عم جلال: ربنا معاك يا احمد
………………
وتمر الساعات وتخرج فاطمة من الكليه وتذهب الموقف الي والدها الذي يأخذها في الميكروباص مع الركاب ليوصلها لبيتهم الصغير جداً في دمنهور… وفي الطريق تحدث فاطمه والدها وتقول له… انها تحتاج 350 جنيه في الغد لكي تشتري بعض الكتب ولشراء جهاز قياس الضغط وبالطو ابيض… فيرد عم احمد قائلاً: لازم بكرا بكرا يا بنتي
فاطمه: اه والله يا بابا الدكاتره اللي طلبو مننا كده
عم احمد وهو لا يعرف كيف يدبر المبلغ: ربنا يسهل الحال يا بنتي …. خلاص روحي البيت اتغدى انتي وذاكري وانا هسهر شوية في الشغل
فاطمه بخوف: بلاش النهارده يا بابا الجو وحش وشتا جامد
عم احمد: ربنا هو الحافظ يا بنتي
ثم انزل الركاب في موقف دمنهور واوصل فاطمه الي المنزل وذهب الي الموقف مرة اخرى.
………………………
موقف دمنهور كان خاليا تماماً من السيارات التي تذهب إلى اسكندريه والركاب كثيرون…حمل عم احمد الميكروباص واتجه إلى موقف اسكندرية فوجد الموقف خاليا من السيارات ايضاً لسوء الأحوال الجوية.
ظل عم احمد يحمل الركاب في سيارته من العصر حتى الساعه الثانيه صباحا..
حتي لم أي ركاب في موقف اسكندريه لينقلهم لدمنهور فاضطر ان يمشي بسيارته فارغة دون اي ركاب بعد ان جمع لابنته فاطمة 200
جنيه فقط من الفلوس التي طلبتها منه.. وفي الطريق وقف احد الرجال مرتديا بدلة سوداء وقميص ازرق وكرافتة بيضاء يشاور لسيارة عم احمد وكأنه يستغيث به… وقف عم احمد بالميكروباص. فقال له الرجل: ممكن توصلني دمنهور وهديلك اللي انت عاوزه
فأسرع عم أحمد قائلاً له: اركب يا استاذ الله يكرمك بس من المطر ده ونتفاهم جوا
ركب الرجل بجانب عم أحمد في الامام فقال له الرجل: معلش يا اسطى انا مش معايا فلوس ممكن توديني لحد البيت وهحاسبك والله.
لم ينظر عم احمد الي بدلة الرجل الغاليه ولا لشياكته واناقته ويتساءل كيف لرجل مثله يلبس اغلي الملابس وليس معه اي فلوس.. وإنما قال له: فلوس ايه بس يا استاذ ربنا يحفظك.
نظر الرجل لعم أحمد وقال له: وانا مروح طلع عليا شويه بلطجيه سرقو عربيتي ورموني مكان ما لاقتني كده.
عم احمد بدهشة: معقولة… طب نروح نعمل محضر يا استاذ
رد الرجل قائلاً: محتاج بس اروح البيت اغير هدومي واطمن زوجتي واولادي واطلع على القسم اعمل محضر بالواقعة.
عم احمد: مش مهم العربيه ومش مهم اي شئ المهم انك بخير… الفلوس بتروح وتيجي يا استاذ.
ولما وصل عم احمد إلى دمنهور واتجه إلى بيت الرجل ليوصله الى باب بيته.
قال له الرجل: استناني بالله عليك يا احمد هغير هدومي واجي معاك القسم اعمل بلاغ بسرقة العربيه.
عم احمد: حاضر انا في انتظارك يا بيه
دخل الرجل وبعد أقل من دقيقة سمع عم احمد صوت الرجل وهو يصرخ الحقني يا عم احمد الحقني..
جري عم احمد الي البيت مسرعاً: في ايه يا بيه.. في ايه؟
الرجل وهو مرعوب: انبوبه الغاز مسربة وزوجتي واولادي غايبين عن الوعي… انقلهم معايا للعربية بسرعه..
فأخذ عم احمد الطفلين مسرعاً الي الميكروباص وحمل الرجل زوجته الي السياره واتجهو إلى مستشفى دمنهور.. وتم انقاذهما.. خرج الرجل بعد أن حمد الله كثيراً وهو يقول لعم احمد: انا مديون ليك بحياتي انا تحت امرك في اي وقت.. ثم أخرج بعض الفلوس لعم احمد فرفضها عم احمد قائلاً: يا بيه والله ما انا واخد حاجه… حتي لو ما كانتش عربيتك مسروقة أو حصل اللي حصل مكنتش هاخد منك فلوس برده.. عارف ليه يا بيه؟
فاستغرب الرجل قائلاً: ليه يا عم احمد؟
فقال عم احمد: انا اشتريت الميكروباص ده من 20 سنه.. زوجتي فرحت بيه اووووووووي الله يرحمها واتفقت معايا ان كل يوم وانا مروح اخر حمولة تبقي لوجه الله علشان ربنا يحفظني ويحفظ طريقي ويبعد عني ولاد الحرام..
ولما سالتها اشمعني اخر حموله؟ قالتلي عشان الليل وحش وصعب علي الغريب.
الله يرحمها يارب… عارف يا بيه اللي يشوف الميكروباص بتاعي مهكع كده يقرف يركب فيه ويقول مش هيطلع من الموقف اساساً… بس الحقيقه اني من يوم ما اشتريت الميكروباص ده وهو ما تعطلش غير مرتين والله يا استاذ من 20 سنه.
الرجل وهو في دهشة: ياااه انت راجل جميل اووووووووي يا عم احمد.. طيب ممكن تقولي اسمك ايه بالكامل لو مش عاوز تاخد فلوس اكيد مش هترفض اني اكون اخوك.
فرد عم احمد قائلاً: ده شرف ليا يا بيه والله… انا اسمي احمد عبد التواب اسماعيل احمد.
فقال له الرجل مبتسماً: وبنتك اللي كانت في الصوره دي اسمها فاطمه.
قال عم احمد: ايوه يا بيه.
الرجل: عندك اولاد غيرها؟
عم احمد: لا يا بيه؟
الرجل: طيب انت عرفت بيتي يا عم احمد ممكن تبقي تيجي تزورنا انت وبنتك بما اننا بقينا اهل.
عم احمد: ان شاء الله هنيجي علشان نطمن علي المدام والأولاد.
الرجل: إن شاء الله هستناك
……………………
ثم ذهب عم احمد الي فاطمة ابنته وقص لها ما حدث.. فقالت له فاطمة: معقوله يا بابا ما جمعتش غير 200 جنيه من 350 جنيه وكمان ربنا يرزقك بشغل وماتخدش منه فلوس ؟؟؟ ده انا ممكن اسقط بكرا في الكليه في أعمال السنة.
عم احمد: اسمعيني يا بنتي.. اللي وصلك لكلية الطب وحفظك ليا.. حمولة اخر الليل اللي بطلعها لله دي.. ومش معنى ان كان رزقها كتير اني ابص علي رزق انا طلعته لله وانا عارف انه هيعوضني أضعافه… وبعدين النبي صلى الله عليه وسلم بيقول
: ” مَنْ نَفَّسَ عَنْ أَخِيهِ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الدُّنْيَا ، نَفَّسَ اللَّهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ ، وَإِنَّ اللَّهَ فِي عَوْنِ الْعَبْدِ مَادَامَ الْعَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ ” .
فاطمه بعد ان شعرت انها اخطات: صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم… سامحني يا بابا بس انا خايفه بكرا اوووي.. ونفسي افرحك بيا واخليك تشوفني أكبر دكتوره.
عم احمد: ان شاء الله خير يا بنتي… روحي كليتك بكرا وادفعي ال 200 جنيه وسيبيها على ربنا.
فاطمه: ونعم بالله يا بابا.
……………………
ثم جاء اليوم الثاني وذهبت فاطمه الي كليتها وفي المحاضرة الاولي. دخل أحد العمال واستاذن من الدكتور الذي يشرح المحاضرة وقال: الطالبة فاطمة أحمد عبد التواب اسماعيل احمد.
فقامت فاطمة وهي خائفة: انا
فقال لها: اتفضلي معايا عميد الكلية عاوزك.
اتجهت فاطمه الي غرفه عميد الكلية وهي مرعوبه.. لماذا ارسل لها عميد الكلية؟ كانت ضربات قلبها تتسارع ويعلو صوتها لدرجه انها كانت تسمعها حتي وصلت الي غرفه عميد الكلية وقال لها: انتي فاطمه احمد عبد التواب اسماعيل احمد.
فقالت له: ايوه؟
فقال لها وهو يبتسم : انا عارف. باباكى بيشتغل علي ميكروباص في موقف اسكندريه دمنهور مش كده ؟
فقالت له باستغراب: ايوه.. ابويا جراله حاجه.
فقال لها عميد الكلية: الحقيقه لاء بس اولادي وزوجتي اللي كان هيجرالهم حاجه لو ما كنتش قابلت باباكي امبارح بالليل بعد عربيتي ما اتسرقت.
فقالت له فاطمة بدهشة: هو حضرتك الراجل اللي ركب مع ابويا امبارح وزوجتك واولادك كانو هيتخنقو من انبوبه البوتاجاز.
فابتسم عميد الكلية قائلاً: ايوه انا…. شوفتي بقي.
وهستناكي تشرفينا النهارده انتي وبابا في البيت.
فاطمه بعد ان اصبحت في قمة سعادتها.. ان شاء الله حاضر يا فندم.
وبعد ان شكرها كثيراً استأذنته فاطمه للذهاب لتكمل المحاضرة وبينما هي في اتجاهها لتخرج من باب غرفته قال لها: فاطمه
فنظرت له قائله: أيوة يا فندم.
فقال لها: دي كتب السنه دي وده بالطو وده جهاز قياس الضغط.. خديهم ولو احتاجتي اي حاجه انا زي بابا بالظبط فاهمه.
فخجلت منه فاطمه كثيراً وحاولت تكراراً رفض الكتب وما قدمه لها ولكنه رفض واصر بشدة.
………………………
بعد ان قصت الدكتورة لطلبه المدرج قصه بنت سواق الميكروباص قالت لهم: دلوقتي بقي نتعرف ببعض… انا الدكتوره فاطمه احمد عبد التواب اسماعيل احمد.. بنت سواق الميكروباص
………………..
شكرا لكل واحد مابينساش اصله