بقلم الاعلامى /سمير المسلمانى
رئيس تحرير جريدة الاخبار المصريه
المدن الجديدة في مصر: أثر متواضع وعدالة غائبة
والسؤال الذى يطرح نفسه..هل المدن الجديدة حله المشكله ..الاجابه لا !
تنظر الحكومة المصرية إلى المجتمعات العمرانية الجديدة على أنها الحل الناجع لكل مشاكل مصر العمرانية. ومنذ أن خُطِطَ لإنشائها في السبعينيات من القرن الماضي، بهدف توزيع النمو العمراني بشكل أكثر توازنًا عبر الأراضي الصحراوية الشاسعة في مصر، توالى ظهور هذه المجتمعات المخططة من قبل الدولة واحدة تلو الأخرى في جميع أنحاء الجمهورية.
سيطرت على الواقع المصري في هذا الصدد ثلاث سياسات رئيسية : أولها هو أن قطاعات العقارات والإنشاءات سوف تؤدى لتحفيز النمو الاقتصادى، وثانيها هو أن مبيعات الأراضي سوف تسد عجز الميزانية، وثالثها هو أن المساكن الجديدة سوف تحل أزمة الإسكان. وتمثل المشروع الذي تطرحه تلك السياسات الثلاث في إقامة مدن جديدة فى الصحراء. فى تلك الأثناء، لم يقم أحد بتقييم تلك الاختيارات والسياسات المؤسسية المرتبطة بإدارة الأراضى والعقارات وبناء المساكن والنظر فى مدى فعاليتها وكفاءتها.
والآن تعتزم الهيئة الحكومية المسؤولة عن المدن الجديدة – هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة استثمار مليارات الجنيهات فى العاصمة الإدارية الجديدة، بينما تستمر فى استثمار مليارات الجنيهات فى المدن الجديدة فى مختلف أنحاء البلاد. ولذا فإن طرح الأسئلة حول النفع الحقيقي لتلك المدينة الجديدة هو مهمة ملحة وعاجلة. ففي الوقت الذى يتم فيه إنفاق المليارات فى المدن الجديدة، تستمر المدن الأقدم في معانتها من نقص الموارد العامة وتدهور الخدمات بها. مما يزيد من معدلات غياب المساواة بين المدن القائمة والتى يسكنها الملايين من البشر، وبين تلك المناطق العمرانية الجديدة والتى توصف أحيانًا فى الصحافة بأنها “مدن أشباح” جريدة الاخبار المصريه، 2012).
وكان من المفترض أن تقدم إسكانًا اقتصاديًا لمحدودي الدخل، فإن المناطق غير الرسمية فى المناطق الحضرية الأقدم قد استمرت فى النمو نظرًا لأن الفقراء يرون أنها أنسب لاحتياجاتهم من الرحيل إلى المجتمعات العمرانية الجديدة فى الصحراء.
تسعى هذه الورقة إلى الإجابة على التساؤلات المطروحة بشأن نجاح المدن الجديدة فى تحقيق أهدافها وبشأن فائدتها المفترضة للبلاد ككل. لذا فإنه من المهم ان نقوم بتحليل التكاليف والفوائد المرتبطة بالاستمرار فى التوسع فى المدن الجديدة، والنظر فى امكانية أن تؤدى تلك السياسات إلى زيادة العبء على المدن والمناطق الحضرية الحالية بدون أن تخدم سوى نسبة ضئيلة من السكان. تبدأ الورقة الحالية باستعراض تاريخ المدن الجديدة كفكرة وأيضا كسياسة قومية. وبعدها تقوم الورقة ببحث أهداف سياسة المدن الجديدة ومقارنتها بأداء تلك المدن منذ إنشائها. وأخيرًا تقدم تحليلًا لعيوب تلك السياسة وتفند بعض الأوهام الشائعة عن مساهمة “هيئة المجتمعات” فى حل مشاكل الأمة المصرية.
وللحديث بقيه