”برجام“ حقوق الإنسان للنظام الإيراني
المحامي عبدالمجيد محمد
لم يحظ النظام الإيراني طيلة 4عقود من حكمه المفروض على كاهل الشعب الإيراني والمنطقة من الشرعية والقاعدة الشعبية إطلاقا حيث فرض نظامه بالقوة والقمع وتصدير الأزمات وممارسة الإرهاب من أجل ديمومته و إستمراره.
فرض هذا النظام في الايام الاخيرة من سبتمبر-أيلول 1980حربا ضروسة ومدمرة على العراق حيث قرع على طبولها 8سنوات وبتحمل وزر خسارة مادية قدرها 1000مليار دولار، فقط من جانب إيران، كما ترك أكثر من نصف مليون قتيل وأسير وحوالي مليوني معوق وجريح للشعب والعوائل الإيرانية.
نعم كان يعربد الخميني بأنه لوبقت فقط طابوق واحد من البيوت في طهران سيواصل الحرب وما شابه ذلك من التخرصات.
لكن حدثت هناك مفاجاة رغم عدم توقع الجميع، فعندما لم يبق أي رمق عنده لمواصلة ضرام الحرب، اضطر الخميني في 8/8/1988لتجرع سم قبول وقف إطلاق النار.
هذا و واصل من تبقى من أتباع الخميني كخامنئي نفس النهج في التدخل في شؤون البلدان المجاورة وكما أعلن جميع أزلام النظام وبمختلف اللهجات بأن خطوطهم المتقدمة ترسم في سواحل البحر المتوسط كما وبنفس النمط اختاروا سوريا كعمقهم الاستراتيجي وهو مادفعهم لدعم و مساندة نظام بشارالأسد اللاشرعي بالقوات والأسلحة.
وقد ذکر خامنئي وقادته العسكريين والشرطة الاجتماعية مرارا، بأنه لو لم نقاتل في حلب ودمشق والحدود السورية لإضطررنا للقتال في طهران ومشهد وتبريز وإصفهان وسائرالمدن الإيرانية ضد الشعب الإيراني.
نعم ، هذه حقيقة مجربة لمرات عديدة من إنه لو تخلى النظام الإيراني الفاشي عن ممارسة القمع الداخلي والإرهاب الخارجي لما بقى على الحكم و إنهار من الداخل فمصيره السقوط لامحالة. كما أكدت المقاومة الإيرانية مراار و تکرارا ومنذ السنوات الأولى من استلام الملالي دفة الحكم، بأن هذا النظام لا يعترف بالحريات للشعب الإيراني ولا يقبل السلام مع البلدان المجاورة والمنطقة، وقد أثبت هذا الكلام عمليا لأکثر من مرة .
لقد وصل الملالي الفاشيين القمعيين وبغية بقائهم في السلطة وابتزاز العالم الى قناعة أن يتسلحوا بقنبلة نووية حيث تواطٶا مع بعض البلدان سرا كما رتبوا بعض الإمكانيات لتصنيع القنبلة الذرية ، بيد إن المقاومة الإيرانية التي کانت ترى عدم شرعية هذه المحاولات للملالي کما إنها خلافا لمصالح الشعب الإيراني تماما، فقد بادرت الى بفضح جميع محاولات النظام ومراكزه النووية بأفضل و أدق المعلومات حيث أرغم النظام بتجرع كأس السم مثلما اعترف بذلك سلطات النظام بأنه لو لم تكشف المعلومات النووية لإيران بواسطة مجاهدي خلق الإيرانية والمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية لكان هذا النظام على مشارف الحصول على القنبلة النووية، جدير بالذكر أن تسمية”برجام” قد تم إطلاقها على تخلي نظام الملالي من فكرة تصنيع القنبلة النووية .
لكن النظام الإيراني وبغية البقاء على السلطة إضافة على ما أسلفنا من اعتماده سياسة ممارسة القمع السافر والجامح ضد الشعب الإيراني، بقي يواصل ممارسات التعذيب وسوء التعامل مع السجناء واعتقال الناشطين السياسيين والصحفيين وممارسة القمع السافر ضد النساء بمختلف الحجج الواهية كسوء التحجب أو عدم ارتداء الحجاب وما شابه ذلك في نفس السياق لإبقاء المجتمع الإيراني المنتفض و الملتهب تحت غيوم القمع الكامل إذ فإن جميع أزلام النظام وعلى رأسهم خامنئي بالذات يعرفون جيدا بأنه لو تخلوا عن القمع سينهار أساس نظامهم لامحالة فعليه ليس لا يقبلون التخلي عن هذه الخصلة فحسب ، وإنما يشددون يوميا على وتيرة الضغوط والقمع والخنق.
حاليا لقد وصل المجتمع الدولي والرأي العام الى قناعة بأن هذا النظام ينتهك حقوق الإنسان وخير دليل على هذه الحقيقة تقارير السيدة عاصمة جهانغير الممثلة الخاصة للأمم المتحدة في شؤون حقوق الإنسان والسيد آنتونيو غوترز الأمين العام للأمم المتحدة إلى الجمعية العامة التابعة للأمم المتحدة بأن النظام الإيراني نظام قمعي ومنتهك لحقوق الإنسان بصورة ممنهجة. الجدير بالذكر بأنه قد وصل تقرير الأمين العام للأمم المتحدة إلى مجلس الأمن يوم 14/آغسطس –آب 2017.
وجاء في المادة 73تقرير الأمين العام إلى الجمعية العامة كما يلي:
تدل التقارير على إعدام آلاف من الرجال والنساء واليافعين في شهر تموز/يوليو و آب /آغسطس 1988حسب فتوى المرشد الاعلى آنذاك آيت الله خميني وطبقا لقرار من لجنة ثلاثية لتحديد المستحقين للإعدام حسب رأيهم. وتم دفن الضحايا الذين أسلفنا ذکرهم آنفا في المقابرالجماعية والمخفية حتي من دون علم عوائلهم عن زمان ومكان الإعدام والدفن، إن هذه الأحداث المعروفة بمجازر 1988حيث لم يعلن عنها رسميا على وجه الاطلاق. و أعلن في جنيوري عام 1989”غاليندوبول “ الممثل الخاص للجنة حقوق الإنسان عن قلقه بشأن أوضاع حقوق الإنسان في الجمهورية الإسلامية بسبب ” التجاهل العالمي“ حيال الإعدامات مطالبا السلطات الإيرانية بإجراء التحقيقات لتقصي الحقائق ولكن دون جدوى ولم تحدث أية تحقيقات إطلاقا.
كما أكدت السيدة عاصمة جهانغير خلال لقاء أجرته معها قناة بي بي سي بالنسبة للتقرير الذي نظمته في مجال انتهاك حقوق الإنسان في إيران في تاريخ 7/آغسطس –آب قائلة:
«إن حقوق الإنسان مسألة سياسية وما تقوله البلدان المختلفة بأن حقوق الإنسان مسألة سياسية ، فإن هذا صحيح، نعم إن حقوق الإنسان مسألة سياسية، لقد درست الوثائق التي كانت بحوزتي، لا توجد هناك حتى كلمة واحدة في تقريري بإمکان النظام الايراني إنکاره و وضع علامة إستفهام عليه، لوكان لديهم ثقة کاملة بأنفسهم بخصوص يقولون عن الأخطاء في تقريري، فبإمكانهم أن يسمحوا لي بزيارة بلدهم ، لماذا يقومون بتوجيه الدعوة فقط لأولئك الذين بإمکانهم تضليلهم؟ أنا مبعوثة من جانب الأمم المتحدة وفي مهمة ولا يوجد في تقريري أي انحياز، وبالعكس إنني متفائلة تجاه الشعب الإيراني ولدي إعتزاز خاص بالنسبة لهم واحترمهم كما لدي نفس الإحساس تجاه أشخاص في الحكومة الإيرانية يريدون أن يحققوا الانفتاح في المجتمع الإيراني فلو يعتقدون بوجود الأخطاء في تقريري، لفتحوا الأبواب أمامي لزيارة إيران فيثبتوا لي أنا مخطأة».
http://www.bbc.com/persian/tv-and-radio-41184112
كما تلاحظون هناك لا يوجد ثمة شك بالنسبة لانتهاك ممنهج لحقوق الإنسان في إيران وأمامنا إجماع قوي جدا بهذا الصدد. نعم إن سلطات هذا النظام الفاشي هم منتهكي حقوق الإنسان بصورة ممنهجة وهذا يعني إنه ينبغي على المجتمع العالمي اتخاذ خطوات جدية وعملية ضد هذا النظام كما يستوجب أن يقوم مجلس حقوق الإنسان ومجلس الأمن بإدانة انتهاكات حقوق الإنسان من قبل هذا النظام وإحالة ملف انتهاكه لحقوق الإنسان إلى هيئة تحقيق دولية وإرغام جميع جميع القادة و المسٶولين الايرانيين المتورطين في إنتهاکات حقوق الانسان للوقوف أمام منصة العدالة الدولية.