خلال مطالعتي لكتاب الله العزيز وقفت عند آية كريمة في قوله: { أَفَلَا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ } (1) { وَإِلَى السَّمَاءِ كَيْفَ رُفِعَتْ } (2) __________ (1) سورة الغاشية الآية 17 (2) سورة الغاشية الآية 18 والسؤال: ما الحكمة من تقديم الإبل، وما هي الميزة التي تميز بها الإبل عن سائر الحيوانات، فنحن نعلم أن السماء قد رفعها الله وهذا شيء عظيم بدون أعمدة فما هو السر في هذا الحيوان؟ ج: ذكر الله تعالى هذه الآيات بعد قوله: { هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ } (1) استدلالا على البعث يوم القيامة، وتقرير لقدرة الله سبحانه على إحيائه الخلق بعد موتهم للحساب والجزاء، فإن من قدر على خلق الإبل على هذه الهيئة العجيبة، وخلق السماء ورفعها بلا أعمدة نراها، وخلق الجبال في الأرض تثبيتا لها ونصبها عليها كأنها أوتاد حتى لا تميد بمن عليها من الموجودات، وخلق الأرض وتمهيدها حتى تصلح لحياة الخلق فوقها، إن من قدر على ذلك لقادر على أن يحيي الناس وغيرهم من ذوات الأرواح وإنما قدم الإبل على غيرها من المذكورات؛ لأنها بأيديهم مسخرة لهم يصرفونها كيف شاءوا فيركبونها، ويحملون عليها أثقالهم إلى بلاد بعيدة لم يكونوا بالغيها إلا بشق الأنفس، ويقطعون بها الفيافي والصحاري مع يسير مؤنتها وصبرها على الجوع والعطش ومع سهولة قيادها للكبير والصغير، ومع بروكها ونهوضها ليتمكن الناس من ركوبها وتحميلها كيف شاءوا إلى غير ذلك من المنافع الكثيرة التي يجنونها من اقتنائها من غير مشقة ولا عناء، وقد خصها الله ببديع تركيب في عظامها يساعدها على حمل __________ (1) سورة الغاشية الآية 1 الأثقال، وبطول عنق يساعد في نهوضها بثقيل أحمالها، كما يساعدها في سيرها، وخصها بأخفاف تساعد على سيرها فيما لا يقوى على السير فيه ذوات الحوافر والأظلاف من الحيوانات، وما يخفى من عجائبها عن الناس كثير فسبحان من ميزها على ما سواها من الحيوان وسخرها مع عظيم خلقها ومزيد قوتها لعباده، وذللها لهم رحمة بهم وإعانة لهم على مصالحهم وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه وسلم