كتب:سمير صبري أكد الباحث الآثري أحمد عامر أنه منذو صغرنا وعندما يقترب شهر رمضان الكريم نشعر بأن هناك ضيفاً مهماً وعزيزاً علي قلوبنا جميعاً سوف ينزل ببيوتنا وعلينا أن نستقبله بعناية وبمودة فائقة ولذلك كُنا نرتدي الملابس الجميلة الجديدة ونحمل الفوانيس الصغيرة المصنوعة من الصفيح والزجاج الملون وكُنا نضع بها الشمع ونُشعلها ونمر بها علي بيوت جيراننا وأقاربنا ونحن نُنشد أنشودة لم نكن نستطيع فهم كلماتها ولكن لأن الأجداد والأباء نشدوها فنحن بدورنا كُنا نُنشدها وهي “وحوي يا وحوي إياحه” ومع مرور الوقت عندما أصبحنا شباباً فتوقفنا علي اللف بالفوانيس إلا أن هذه الأغنية ظلت كما هي تسحرنا،وعندما رجعنا إلي الماضي توصلنا إلي أن المصري القديم كان علي شغف كبير بملاحظة ومراقبة حركة الأجرام السماوية والأرصاد الفلكية فقد لعب القمر دوراً مُهماً في معتقدات المصريين القدماء وفي حياتهم العلمية والعملية،وقد نجحوا في تقسيم السنه إلي شهور حيث أنهم وجدوا أن النجم “سويدة” يظهر كل 365 يوماً،وخلال تلك الأيام يظهر القمر إثنتي عشرة مرة ومنها كان تقسيم الشهور المصرية القديمة حيث كان المجتمع المصري القديم مجتمعاً زراعياً فكان يستخدم المصري القديم تلك الشهور في تحديد مواعيد الزراعة والحصاد التي هي مرتبطة في الأساس بالقمر،فقد حملت تلك الشهور أسماءً مصرية قديمة تحولت إلي أسماء قبطية في مرحلتها الآُخري،وتعود أسماء تلك الشهور إلي الآلهة المصرية منها شهر “توت” نسبةً إلي “تحوتي” إله الحكمة،وشهر “بشنس” نسبةً إلي الإله “خونسو” إله القمر،وشهر “أبيب” نسبةً إلي الإله “عبب” وغيرها .
وتابع “عامر” أن أدوار التاريخ المختلفة قد غيّرت لغة البلاد ودينها مرات عديدة ولكن الغزوات التي توالت علي مصر لم تنل من شعبها بل نجدهم يتأثرون بقيم وعادات حضارة شعب مصر،أنه بالبحث والتدقيق فقد وُجد أن كلمة “وحوي يا وحوي إياحه” هي تحريف لجملة هيروغليفية كان الغرض منها الترحاب بالإله “خونسو” إله القمر وذلك عند ظهور القمر،حيث كان المصريين القدماء يقومون برصد تحركات الأجرام السماوية ومنها القمر ويقوم المُبشر مع بداية كل شهر أو مع ظهور الهلال ليُبشر بالشهر الجديد وعودة الإله “خونسو” إله القمر إليهم مرة آُخري وذلك بعد إختفائة لمدة يومين أو ثلاثة أيام فكانوا يستقبلونه بأنشودة جميلة عند عودته مرة ثانية وهي “واح وي واح وي إي إياح” والتي تعني “إكليلاً وترحاباً بمجئ وعودة الإله خونسو الهلال أو القمر”،وكانت تلك الإنشودة يتغني بها المصريين كل ليلة قبل ظهور هلال كل شهر،وهم يحتفلون لظهور هذا القمر نحو إثنتي عشرة مرة في السنة،وكان كهنة الإله “خونسو” يبدأون طقوسهم الدينية بإحراق البخور وإطلاق الروائح العطرية الجميلة وكانت تلك الإحتفالات تقام في أثناء الليل لإستقبال الهلال،كما أنه من المُحتمل أن الكهنة كانوا يحملون مصابيح زيتية بغرض الإضاءة ومباخر بغرض التبخير وهم ينشدون أنشودة “واح وي واح وي إي إياح” ويستمر هذا الإحتفال طوال الليل حتي شروق الشمس .
واضاف “عامر” أنه علي الرغم من مرور أكثر من 7000 عام حتي الآن ومع دخول التوراة والإنجيل والإسلام إلي مصر وطول أو قصر فترة الإستعمار فإننا مازالنا نتمسك بعاداتنا وتقاليدنا التي ورثناها عن أجدانا الفراعنة مع وجود بعض التغييرات لكي تتماشي مع واقعنا الحالي .