كتب – علي تمام حدد عدد من خبراء النقل البحرى بعض المشروعات المهمة التى يمكن أن تبدأ بها الحكومة فى منطقة محور قناة السويس، وتأتى على رأس تلك المشروعات محطات تموين وتخزين الوقود، وذلك للاستفادة من عدد السفن المستهدف أن يمر عبر قناة السويس ذات الاتجاهين، ويبلغ 95 سفينة يوميا بعد وصولها إلى الحد الأقصى.
وتعد محطات تموين وتداول الوقود من أهم المشروعات الخدمية بالموانئ العالمية، وأوضح المراقبون أن تحديد أماكن تلك النوعية من المشروعات يأتى وفقًا لموقع الموانئ المحورية من جهة، بالإضافة إلى قربها من ممرات ملاحية عالمية من جهة أخرى.
وكانت الهيئة العامة للبترول قد اختارت الشهر الماضى ثلاثة موانئ بمنطقة محور قناة السويس، لتكون الركيزة الحكومية لنشاط تموين السفن بالوقود خلال الفترة المقبلة، تضمنت «الأدبية» و«شرق بورسعيد» و«السخنة»، والتى بدورها ستوفر 300 ألف فرصة عمل.
من جانبه قال الدكتور تامر أبو بكر، رئيس مجلس إدارة شركة مشرق للبترول، إن مشروعات تموين السفن لابد أن تتصدر قائمة مشروعات منطقة محور قناة السويس لأهميتها بالنسبة للسفن العابرة خلال القناة، بالإضافة إلى استغلال الممر الملاحى العالمى، لما يدره ذلك النشاط من أرباح خيالية خلال الفترة المقبلة إذا أحسن استغلاله.
وأوضح أن سياسة الحكومة لم تتضح بعد بالنسبة لهذا النشاط “مشروعات تموين السفن”، رغم الإعلان أكثر من مرة عن الأماكن التى سيتم إنشاء مشروعات بها، مبررا ذلك بحداثته على السوق المحلية، مؤكدا فى الوقت نفسه ضرورة وجود رؤية واضحة عن النشاط، والتى يجب أن تشمل تحديد المواقع الملائمة لتلك المشروعات، بجانب الشركات العالمية ذات الخبرة، خاصة أن أى خطأ فى أداء تلك الشركات فى تنفيذ مشروعات لتموين السفن فى مصر سيضر بسمعة الميناء الذى تعمل فيه أو الممر الملاحى الواقع عليه الميناء “قناة السويس”.
وتابع: حتى تنجح تلك المشروعات فلابد أن يتم النظر إلى كيف تدار تلك المحطات على مستوى العالم وما أسباب التأخير عن السباق فى هذا المضمار، خاصة أن حصيلة ما يتم تموينه من السفن حاليا فى مصر يصل إلى «صفر»، ما يعد فرصة كبيرة للشركات الراغبة فى هذا النشاط، فى الوقت الذى تزيد فيه الفجيرة الإماراتية حجم تموين السفن لديها على 18 مليون طن، رغم عدم وقوعها على ممر ملاحى عالمى، بل تقع ضمن خليج مغلق فى نهايته.
وكشف أن مشروع شركته المزمع إقامته فى ميناء شرق بورسعيد يستهدف تموين نحو 3 ملايين طن سنويا بمعدل 250 ألف طن شهريا، موضحا أن الدراسات المبدئية للشركة أشارت إلى الطلب المتزايد على قطاع تموين السفن خلال الفترة الأخيرة بمصر، نظرا لموقعها الجغرافى حيث توجد منافسة شديدة فى هذا المجال على سواحل البحر الأبيض أو البحر الأسود أو بحر بلطيق ومنطقة روتردام، مشيرا إلى دراسة الشركة أسعار التموين العالمية، وعلى طول هذه السواحل حتى يتسنى للمشروع أن يكون منافسا عالميا.
وطالب بأن يكون المتحكم فى إصدار رخص هذا النشاط هو الهيئة التى ستكون مسئولة عن إدارة منطقة محور قناة السويس وليس الهيئة العامة للبترول، منعا لتضارب الاختصاصات بين الجهات المشرفة على هذا النشاط.
ولفت إلى أن شركته استطاعت أن تقوم بتدبير رأس المال الخاص بها، علاوة على إجراء مفاوضات مع بنوك أجنبية ومحلية لتمويل مشروعها، والذى تصل استثماراته إلى 2.5 مليار جنيه، تم إنفاق 200 مليون منها حتى الآن، متوقعا أن يتم إنشاء المشروع على ثلاث مراحل، تستغرق عام ونصف العام، وتم البدء حاليا فى إنشاء تنكات تموين السفن بالوقود.
وكان المهندس طارق الملا، رئيس هيئة البترول، قد أشار إلى أن المشروعات الخاصة بتموين السفن تستهدف زيادة حصة مصر من تجارة تموين السفن وخدمتها، حيث يحقق ميناء سنغافورة الدولى نحو 30 مليار دولار سنويا من بيع منتجات بترولية للسفن المترددة عليه، ورغم أن مصر بفضل موقعها الجغرافى الاستراتيجى فى قلب العالم، فإن نصيب الموانئ المصرية من تلك التجارة لا يتجاوز 178 مليون دولار فقط.
وأشار إلى أن الخطة تستهدف تعظيم استفادة مصر من المشروع القومى لتنمية محور قناة السويس من خلال استقبال ناقلات بترول حمولتها تصل إلى 120 ألف طن، وتعتبر من كبرى الحمولات فى العالم، وذلك بمناطق شرق التفريعة ببورسعيد والأدبية بالسويس والعين السخنة، لتقديم خدمات تموين السفن والمراكب العابرة للقناة بالمنتجات البترولية المختلفة.
وكشف عن إنشاء الهيئة العامة للبترول إدارة خاصة للمشروع الذى سيحقق لمصر موارد ضخمة تقدر بنحو 475 مليون دولار فى العام الأول ترتفع تدريجيا إلى 9 مليارات دولار فى السنة الخامسة، وتصل فى العام العاشر إلى 29 مليار دولار.
من ناحية أخرى أوضح اللواء هشام سرساوى، رئيس موانئ بورسعيد سابقا، أن أهم الموانئ التى يجب أن تقوم الحكومة بالتركيز عليه فى هذا النشاط هو ميناء شرق بورسعيد، لافتا إلى أنه خلال الفترة ما قبل 2005 طرحت هيئة موانئ بورسعيد ما يعرف بإبداء الاهتمام على شركات تموين السفن العالمية.
وتابع: فوجئت وزارة النقل وقتها بتقدم العديد من الشركات العالمية المتخصصة فى هذا النشاط، والتى وصلت إلى 10 شركات على الأقل للاشتراك فى مزايدة كانت ستطرحها هيئة موانئ بورسعيد لإنشاء وإدارة وتشغيل مرفق ميناءى لاستيراد وتصدير وتداول الصب السائل وتموين السفن بالوقود على مساحة فى حدود 250 ألف متر مربع بميناء شرق بورسعيد.
ولفت إلى أن إقبال الشركات العالمية والخليجية على المشاركة فى المزايدة، والذى اتضح من خلال الردود الرسمية التى وصلت للهيئة من جانب شركات ومستثمرين وشركات موزعة ما بين مصرية وخليجية ودولية، يؤكد مدى أهمية الميناء فى هذا النشاط.
وأشار إلى أن الهدف من من نشر إبداء الاهتمام كان إعداد وثيقة التأهيل الأولى للمستثمرين المؤهلين للمشاركة فى المزايدة، على أن تطرح كراسة االشروط والمواصفات النهائية المتعلقة بالمناقصة قبل نهاية نوفمبر 2007، وتم طرح المزايدة بعد ذلك، إلا أنه نتيجة وجود بعض الشروط لم يتقدم لها رسميا سوى شركة هولندية وأخرى مصرية أردنية، وفازت بها الأخيرة وتم الإلغاء حتى الآن.
وأكد سرساوى أن هذه التجربة تؤكد ضرورة النظر إلى طلبات الشركات العالمية فى هذا النشاط، وردودهم وقت جلسات الاستفسارات، حتى يتم إسناد تلك المشروعات والبدء فى التداول والتشغيل والنظر إلى العوائد من وراء التشغيل كفرص العمل واستيراد وإعادة تموين السفن بالوقود، لكى تكون مصر مركزا عالميا فى هذا النشاط.
ولفت إلى أن هناك دراسة أجراها أحد بيوت الخبرة الملاحية والبحرية الألمانية المتخصصة، أكدت أن ميناء شرق بورسعيد سوف يكون القوة المحركة لتطوير الموانئ المصرية كموانئ للحاويات بمنطقة الشرق الأوسط وحوض البحر المتوسط، خاصة مع مشروعات التوسيع المخطط لذلك الميناء فى المرحلة الثانية لتطويره.
من جهته أشار الربان هشام نعمانى، أحد خبراء هيئة قناة السويس، إلى أنه قبل المزايا التى يمكن التحدث فيها عن مشروعات تموين السفن لابد من الحديث عن الموانئ التى سيتم اختيارها وتصلح ليتم من خلالها مشروعات ومحطات لتموين السفن.
وأوضح أن محور قناة السويس يقوم على أساس القيمة المضافة، لذلك فنشاط تموين السفن من الأنشطة التى تقوم على تلك الميزة، ومن ثم لابد من أن يتم منح الشركات العاملة فى هذا النشاط على أساس استيراد الوقود وإعادة تصديره من خلال تموين السفن العابرة لقناة السويس.
وأوضح أن موانئ السخنة وبورسعيد فقط هى التى تصلح لهذا النوع من المشروع بمنطقة المحور، خاصة أنها تمتلك مساحات تصل إلى 22 كيلو بالسخنة و78 كيلو مترًا مربعًا بشرق بورسعيد.
وقال الدكتور إسماعيل مبارك، مستشار البنك الدولى فى قطاع النقل سابقا، إن أهم مناطق وموانئ تصلح لإنشاء تلك الأنشطة هى ميناء بورسعيد والسخنة من خلال شركتى مشرق للبترول فى شرق بورسعيد، و”موانئ دبي” و”سونكر” فى السخنة.
وتابع: خلال عام ونصف العام ستقوم شركة سونكر، المشغل لمحطة السخنة، بتموين السفن بالوقود لتنافس العديد من الموانئ العالمية العاملة فى هذا النشاط، خاصة إذا تم التغلب على المعوقات الخاصة به فى مصر، والتى من أهمها عدم وجود الوقود الصالح لعملية التموين محليا والاعتماد على الاستيراد وتحمل تقلبات الأسعار المستمر.