اسليدرالتقارير والتحقيقات

الولايات المتحدة ومطاردة زعماء داعش والقاعدة (1)

للواء الدكتور سمير فرج

متابعة : عادل شلبى

فجأة، ظهر الرئيس الأمريكي، جو بايدن، على شاشات التليفزيون، ليعلن، بنفسه، نبأ مقتل زعيم تنظيم داعش، أبو إبراهيم الهاشمي القرشي، خلال عملية عسكرية، بقوات أمريكية، في شمال غرب سوريا، مصرحاً برسالة موجهة للإرهابيين في العالم، بأن قوات بلاده ستطاردهم في بقاع الأرض، وستجدهم أينما اختبأوا.

وبعدها نشر البيت الأبيض بياناً رسمياً، أعلن فيه أنه بفضل مهارة وشجاعة قواتنا المسلحة، اقتلعنا من ساحة المعركة أبو إبراهيم القرشي، زعيم تنظيم داعش الإرهابي، مشيراً إلى دور جهاز الاستخبارات الأمريكية، في التخطيط لتلك العملية، لمدة شهر كامل، ومؤكداً على عدم سقوط أي ضحايا، بين صفوف القوات الأمريكية، خلال العملية.

ولمن لا يعرف من هو القرشي، زعيم داعش الأخير، فهو أبو إبراهيم أمير محمد سعيد عبد الرحمن المولي، المولود في عام 76، في بلدة تلعفر، على بعد 70 ميلاً، من الموصل لعائلة تركمانية، وهو الأمر الغريب، أن يقود داعش رجلاً ليس من أصل عربي.

تخرج في كلية العلوم الإسلامية، في الموصل، وخدم بالجيش العراقي، قبل أن ينضم لتنظيم لقاعدة، في أعقاب الغزو الأمريكي للعراق. وفي عام 2004، ألقت القوات الأمريكية القبض عليه، والتقى في محبسه بأبو بكر البغدادي، وبعد الافراج عنهما، أصبح من المقربين للبغدادي، خاصة بعد إنشاء تنظيم الدولة الإسلامية في العراق وسوريا (داعش).

وفي عام 2014 أصبح الهاشمي المندوب الديني للتنظيم، وتولى قيادة داعش بعد مقتل أبو بكر البغدادي في 2019. لعب دوراً كبيراً في تصفية الأقلية الأيزيدية في العراق، وكانت أخر أعماله، الهجوم على سجن الحسكة في سوريا، لتحرير أسرى داعش، إلا أن العملية فشلت، بعدما راح ضحيتها 50 شخصاً، على الأقل.

تمت عملية القضاء على القرشي في منطقة أطمه، في ريف إدلب الشمالي، في سوريا، على مقربة من الحدود التركية، وتحديداً في قرية باريشا السورية، التي قتل فيها زعيم داعش السابق أبو بكر البغدادي في أكتوبر 2019، في عملية، أخرى، نفذتها القوات الأمريكية، وهو ما كان مثاراً للعديد من التساؤلات، عن سبب اختيار قادة داعش لتلك المنطقة، تحديداً، على الحدود بين سوريا وتركيا، للاختباء بها؟ وهل تجهل تركيا وأجهزتها الأمنية بوجودهم؟

تفيد المعلومات بأن وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية، كانت تراقب المنطقة، عن قرب، عندما اكتشفت خروج أحد الأشخاص عرجاً، فكانت تلك البداية، حينما تم التركيز عليه، فعرفوا أنه أبو إبراهيم القرشي.

وبدأت عملية القبض عليه باقتراب المروحيات الأمريكية، لإنزال فريق من القوات الخاصة، لمحاصرة المبنى السكني، ونادت بمكبرات الصوت، باللغة العربية، بحتمية استسلام جميع من بالداخل، ولما أدرك زعيم داعش استحالة نجاته، قام بتفجير نفسه بحزام ناسف، ليلقى حتفه، على الفور، هو وأفراد أسرته، ممن كانوا معه.

كان الرئيس جو بايدن يتابع تنفيذ العملية، على الهواء مباشرة، من غرفة العمليات بالبيت، ومعه نائبه كامالا هاريس، ووزير دفاعه، وكبار قادة البنتاجون.

وتقول المصادر أن خطة القضاء على زعيم داعش، عُرضت على بايدن يوم الثلاثاء، ووافق عليها، وتم التنفيذ يوم الخميس، باتباع نفس أسلوب التحضير للعمليات السابقة، وأهمها عملية القضاء على بن لادن، حيث جرت محاكاة، كاملة، للعملية، والتدريب عليها، ببناء منزل بنفس شكل وتصميم المنزل الذي يعيش فيه زعيم داعش، والمنطقة المحيطة به، وكان مجموع من قتلوا، في تلك العملية، 13 شخصاً، بينهم ستة أطفال، وأربعة نساء، في عملية تم تنفيذها بمجموعة قتال خاصة أمريكية، قوامها 20 فرداً من الكوماندوز، مدعومين بطائرات هليكوبتر، وطائرات بدون طيار مسلحة، وطائرات هجومية.

ورغم أن جو بايدن قد عارض، من قبل، عندما كان نائباً للرئيس الأمريكي أوباما، حتى عام 2017، عملية القضاء على أسامة بن لادن، زعيم تنظيم القاعدة، في مخبأه في أفغانستان، إلا أنه وافق، هذه المرة، على القضاء على القرشي، وأصدر أوامره بالتنفيذ.

ولقد شكر بايدن قوات سوريا الديمقراطية المسيطرة على شمال سوريا، وهي من العناصر الكردية الموالية لأمريكا في هذه المنطقة، مؤكداً على استمرار دعم الولايات المتحدة لهم، خاصة وأنهم قد ساعدوا الولايات المتحدة الأمريكية، في القضاء على عناصر داعش، في شمال سوريا، خلال فترة حكم الرئيس ترامب.

ومؤخراً، أعلنت الولايات المتحدة الأمريكية، عن مكافأة قدرها 10 ملايين دولار، لمن يتقدم بمعلومات للتعرف على مكان زعيم تنظيم داعش، في ولاية خراسان، في أفغانستان، ثناء الله غفاري، الذي تبنى تنظيمه مسئولية الهجوم الإرهابي، على مطار كابول، يوم 26 أغسطس 2021، وراح ضحيته نحو 100 فرد، بينهم 13 عسكرياً أمريكياً.

جدير بالذكر أن ثناء الله غفاري تم تعيينه أميراً لتنظيم داعش خراسان في يونيو 2020، ذلك الفرع من التنظيم الذي تأسس على أيدي عناصر متطرفة من باكستان وأفغانستان وبعض الدول المحيطة، وركز في البداية على تجارة المخدرات لتدبير التمويل، وبعدها قام بالعديد من التفجيرات الانتحارية في كابول، ومدن أخرى، كان منها قتل موظفي الصليب الأحمر هناك.

وهكذا جاء القضاء على زعيم داعش إبراهيم الهاشمي القرشي، ضمن السلسلة الأمريكية للقضاء على قادة التنظيمات الإرهابية، بدءاً من بن لادن وأبو بكر البغدادي، والتي سأتناولها، ببعض التفصيل، في مقالات لاحقة، والتي يجمع بينها مشهد النهاية، بظهور الرئيس الأمريكي على شاشات التليفزيون، لإعلان نجاح قوات بلاده في عملية القضاء على الزعيم الإرهابي.

رئيس النحرير

المشرف العام على موقع العالم الحر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى