كتبت / فاطمة حسن الجعفرى
“أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً ،كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرةٍ طَيِّبَة ،ٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ ، تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللَّهُ ، الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ ، وَمَثلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ ، خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِن فَوْقِ الأَرْضِ مَا لَهَا مِن قَرَارٍ”
. سورة إبراهيم : 24 -26
للكلمة قوة وذبذبة وتفاعل حسب النية ؛واستحضار الهمة ،
والعكس ايضا ولكنها تكون سلاح ذو حدين، فالكلمة
إما أن تكون أداة بناء وتواصل وإما أن تكون مِعْوَل
هدمٍ وأداة تخريب ، و الكلمه القوية لا تنسى وتصبح
كلمات ملهمه تستخدم لشحذ الهمم ، الكلمة الصادقة
التي تخرج من القلب لها قوة إيجابية جبارة
لا تضاهيها اي قوة ، فالكلمات ليست صامتة
وليست مجرد أصوات نطلقها، أو أحرف نكتبها،
إن الكلمة معنى ندركه وأثر نتركه، فالكلمة منبع ،
القوه خطابة كانت ام كتابه ، فلا تستهينوا بالكلمة ،
وخاصة اذا كانت صادقة ومؤثرة ومعبرة تنطلق من ،
القلب وتعبر كالرصاصة الى القلب الأخر ،
الكلمة مسؤولية نتحملها، وأمانة نؤديها
الكلمة في ذاتها طاقة فاعلة وقوة مؤثرة في المتكلم
والمتلقي ، مستمعا وقارئا ، ولها تآثيرها وفي الوجود كله .
وفي الحياة الثقافية تجد الكلمة حضورها لأنها
أداة الفعل والحراك فكم كان للكلمات من
دور في الحرب والسلم ، والنزاع والوفاق، والقرب
والبعد، والحل والعقد، والبناء والهدم،
والوعي والتخلف كل ذلك في المعنى طيب مبارك ،
و الكلمة لا تحمل هذا المعنى الدلالي العقلي فقط
بل في المعنى قوة عاطفية تدعم العقل في
مفهومه وتوسع دلالة الألفاظ إلى آفاق لا يعهدها
العقل ولا يعرفها، إنها آفاق النفس وكونها الفسيح
وقال الله تعالى : “سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم “
فنحن نختزن في كلماتنا عاطفة كبيرة تؤثر في المعني
والدلالة والاستخدام يدركها المتحدث خطيبا أو
مؤلفا وكاتبا، أو يدركها المتلقي .
وربما لا نتفطن لها ولا ندرك ضلالها، أو لا نحسن
التعبير عنها تعبيراً علميا، أو لا نحتاج إلى التعبير
عنها باعتبارها أحاسيس ومشاعر يعبر عنها بالحال
أبلغ من المقال ، كل ذلك وارد وواقع ،
وصحيح أن الطاقة العقلية للكلمة تمثل المعنى الظاهر،
بينما تمثل الطاقة العاطفية المعنى الباطن،
فالإنسان مسئول تجاه كلماته، وهذا ما أكده الإسلام على
لسان سيدنا محمد الواعى الاول لمسئولية الكلمة
“صلى الله عليه وسلم” في تكريس الوعي بتلك
المسئولية فى هذا الحوار الذى كان مع احد الصحابة
يا نبي الله ،، وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به ؟!
سؤال وجهه معاذ “رضي الله عنه”
إلى حضرة النبي “صلى الله عليه وسلم”
عندما نصحه بقوله كف عليك هذا – وأشار إلى لسانه
– وكان رده صلى الله عليه وسلم :
” ثكلتك أمك يا معاذ! وهل يكب الناس في النار
على وجوههم إلا حصائد ألسنتهم ؟ “رواه الترمذي
– وقال ايضا الكاتب الرائع عبد الرحمن الشرقاوى فى
روايته الحسين ثآرا بخصوص الكلمة :
بعض الكلمات قلاع شامخة
يعتصم بها النبل البشري
الكلمة فرقان مابين نبي وبغي
بالكلمة تنكشف الغمة،
الكلمة نور ، ودليل تتبعة الأمة
عيسي ماكان سوي كلمة
أضاء الدنيا بالكلمات وعلمها للصيادين
فساروا يهدون العالم
الكلمة زلزلت الظالم
الكلمة حصن الحرية
إن الكلمة مسؤلية
إن الرجل هو الكلمة
شرف الله هو الكلمة
الكلمة نور ،وبعض الكلمات قبور
ما دين الله سوي كلمة
ماشرف الرجل سوي كلمة
مفتاح الجنة في كلمة
ودخول النار علي كلمة
وقضاء الله هو الكلمة
أتعرف مامعني الكلمة ؟
الكلمة لو تدري حرمة
زاد مذخور ، الكلمة نور
وبعض الكلمات قبور
أتعرف ما معنى الكلمة ؟
مفتاح الجنة في كلمة
ودخول النار على كلمة
وقضاء الله هو الكلمة
لـ عبد الرحمن الشرقاوي
– وقال واثق طهبوب عن الكلمة كلام جميل ايضا :
” قد تكون الكلِمة شعرًا أو نثرًا، لا يهم ،
ولكن صدق قائلها وعظم مضامينها كفيلٌ ،
– وقال سيد قطب بخصوص الكلمة
ما سرّ قوة الكلمة ؟
إن السرّ العجيب ليس في بريق الكلمات وموسيقى العبارات؛
وإنما هو كامن في قوة الإيمان بمدلول الكلمات وما وراء المدلولات !
إنه في ذلك التصميم الحاسم على تحويل الكلمة ،
المكتوبة إلى حركة حيّة والمعنى المفهوم إلى واقع ملموس ،
في هذا يكمن سرّ الكلمة وفي شيء آخر، في إستمداد
من ضمائر الشعوب، ومن مشاعر الإنسان، ومن
صرخات البشرية، ومن دماء المكافحين الأحرار.
ومن هنا اقول إن نقصان الخطاب للدفء العاطفي،
وإن الكلمة التي لا تحمل حرارة الصدق سوف تكون
قاصرة الأثر ناقصة الفعل سوف تتحول إلى دمار وهدم
عندما نتأمل النصوص القرآنية والنبوية ، وباعتبارهما
أكمل النصوص وأقدسها ، نجدها مليئة بالطاقة
العاطفية والعقلية بتوازن فريد ، يحقق لها الجاذبية الذاتية.
وقد حكى القرآن الكريم حال الجن لما حضروا عند
سماع القرآن لقوة كلماته ،وأخبار الإنس في ذلك أكثر،
ولذا جعل الله تعالى الكلمة هي الجهاد الأكبر
( وجاهدهم به -أي القرآن- جهادا كبيرا ً)
وإذا كان هذا واقع الكلمة في كمالها،
فإن الترقي للكمال كمال ،
هذا المخزون العاطفي في كلماتنا يجب استثماره ،
وتوظيفه لصالح حركتنا في الحياة، لأن الكلمة سلاح ،
العصر ونحن نعيش أقوى وأسرع وسائط الاتصال والإعلام ،
وحين نتوجه إلى التوظيف الاستثماري للطاقة العاطفية
في كلماتنا فإن البداية الصحيحة تكون هي التعرف
على العوامل التي تسلب تلك الطاقة وتهدرها فلننتبه لكلماتنا .