بقلم الجنرال
هانى غنيم
سنة 88 فيه زلزال عنيف ضرب دولة أرمينيا .. كانت قوته 8.2 ريختر ! .. دمر البلد حرفياً وبسببه مات أكتر من 30 ألف شخص فـ لمح البصر فـ أقل من 4 دقايق .. فـ وسط الخراب والفوضى اللى حاصلة وجابت البلد ع الأرض؛ فيه زوج ساب مراته فـ البيت بعد ما أطمئن عليها وطلع جرى ع المدرسة اللى فيها إبنهم عشان يشوف حصل له إيه .. وصل ولقى المدرسة بقت عاملة زى الفطيرة المهروسة .. خد الصدمة العنيفة دى بهيستريا وصراخ ونزل ع ركبته وهو بيلطم لما تخيل مصير إبنه .. فجأة قام وأفتكر إنه دايماً كان يوعد إبنه وهو بيمرجحه أو وهو بيعلمه السباحة أو وهو داخل ع إمتحان صعب بجملة واحدة ثابتة .. ( مهما كان الأمر؛ سأكون دائماً هناك إلى جانبك ) .. بص بصة ع كومة الإنقاض والطوب المتكومة فوق بعضها .. قام .. جرى ع الأنقاض .. قعد يحسب بالتقريب الفصل بتاع إبنه كان مكانه فين .. افتكر إنه كان فـ الجزء الخلفى مـ المبنى ناحية اليمين .. راح ناحية الحطام اللى فـ الحتة دى .. بإيده وبدون أدوات قعد يحفر فـ ويشيل الأنقاض ! .. طبعاً الموضوع كان مستحيل بالعقل والمنطق .. شوية و جه عليه أبوين تانيين لـ طفلين بيدوروا ع ولادهم برضه .. شافوه وحاولوا يجروه وهما بيعيطوا وبيلطموا وبيقولوا : ( لقد فات الأوان؛ لقد ماتوا جميعاً ، لا فائدة مما تفعله ، ماتوا ) .. نطر إيده مـ إيديهم وجرى تانى ع مكان الأنقاض وبص لهم وقال : ( هل ستساعدوننى ؟ ) .. طبعاً ولإن كل واحد فيه اللى مكفيه سابوه وقالوا عليه مجنون .. فضل يشيل الأحجار حجر حجر .. جت المطافى .. ظابط المطافى مسك الأب وحاول يبعده عن اللى بيعمله وقال له : ( سوف تشتعل النيران وسوف تحدث إنفجارات فى كل مكان، أنت فى خطر حقيقى رجاءاً عُد إلى منزلك ) .. الأب نطر إيده برضه وجرى ع الأنقاض تانى وبص للظابط وقال له : ( هل ستساعدوننى ؟ ) .. الظابط سابه وراح يشوف وراه إيه تانى هو كمان .. الحاجة الوحيدة اللى كانت قدام عين الأب هو وعده لـ إبنه .. قعد يحفر مدة طويلة .. 8 ساعات .. بقوا 12 ساعة .. بقوا 24 ساعة .. بقوا 36 ساعة .. و فـ الساعة الـ 38 شال حجرة ضخمة وظهر تجويف جوه .. نده بـ علو صوته بإسم إبنه : ( آرماند ) .. جاله رد مـ إبنه بصوته بدون ما يشوفه : ( أنا هنا يا أبى ؛ لقد أخبرت زملائى أنك ستأتى لأنك وعدتنى “ مهما كان الأمر؛ سأكون دائماً هناك إلى جانبك ” و ها قد فعلت يا أبى ) .. أبوه مد إيده وهو بيرفع الأحجار ورا بعض بـ حماس متضاعف : ( هيا يا ولدى؛ أخرج هيا ) ..
الولد رد : ( لا يا أبى دع زملائى يخرجون أولاً؛ لأنى أعرف أنك ستخرجنى مهما كان الأمر؛ أعلم أنك ستكون دائماً هناك من أجلى )
• الأديب “ شارلز ديكينز ” قال : ( الوعد إذا كُسر لا يصدر صوتاً؛ بل الكثير والكثير مـ الألم ) ..
محدش بيضربك ع إيدك عشان توعد غيرك؛ لو هـ توعد نفذ ولو ع رقبتك لكن لو مش هـ تقدر يبقى بلاها مـ الأساس .. قبل ما تطلع الوعد مـ بُوقك إحسبها مليون مرة .. بلاش تكسر وتوجع وتخلي اللي قدامك فاقد الثقه فـ كل البشر .. الناس وأحاسيسهم مش لعبة فـ إيدك؛ أياً كان بقى أنت مين ( أب ، حبيب ، صديق ) .. كلمة “ بحبك ” وعد .. كلمة “ هجيبلك ” وعد .. كلمة “ أنا معاك ومش هسيبك ” وعد .. كلمة “ هعمل كذا أو هسوى كذا ” وعد ..
الشاعر “ عبد الرحمن الشرقاوى قال : ( إن الرجل هو الكلمة ) .. الوعد كلمة؛ والكلمة شرف