قد ينكر الكثيرون بأن العالم العربي شرقا وغربا ، شمالا وجنوبا د، تتنازعه انقسامات داخلية ، وتتربص به قوى خارجية عاتية ، وبأن الوطن بكامله بات مقسما مجزأ ، ويستند هؤلاء بنظريتهم الغير عقلانية بأن الحدود مازالت هي ذاتها والخريطة لم تتغير .
وأنا شخصيا أرى بأن الوطن العربي لاهو في العير ولافي النفير ، قواه خائرة وأجزاءه مولى عليها من قبل قوى خارجية ، فكيف ننشد للنهضة والأصلاح في خضم تشتت القوة والموارد والهيبة؟؟
وإلى ذلك ، تهدد إيران بتدمير القواعد الأمريكية في المنطقة ، في حين تمنح الشرعية لتواجد القواعد الروسية !!
والرياض تعلن أحقيتها بقيادة القطيع العربي ، في ضوء دفعها الجزية لواشنطن عن كل العرب ، مما يدفع الدوحة ودمشق ونصف لبنان وربع البحرين وماتبقى من اليمن ، للقفز في أحضان الخامنئي لتنجو من الأطماع السعودية !!
هذا على مستوى الحكومات والقادة العرب ، أما وبالنسبة للشعوب العربية (العديمة الوزن والفعل ) المنساقة خلف رغبات زعمائهم فهم بلاحول ولاقوة ولاتشغلهم مجريات الأحداث وتفاصيلها ولايسعون لبدء المسير في زقاق حل ما يخلص الأمة العربية المستباحة من هوانها وضعفها .
فمابين أطماع إيران وعمالة الرياض ، مات كل العرب .
و( أسرائيل ) تقيم مجالس العزاء حزنا على العرب ..
فلاحياة بلا كرامة ، ولاكرامة مع الذل . فعندما يفقد الأنسان كرامته ويهبها لولاة الأمر وهم بدورهم يلقون بها على مذبح العلاقات غير المتكافئة مع الدول الكبرى مقابل أستمرارهم بالحكم إلى مالانهاية ، فاولئك هم الأموات الأحياء !!
وضمن ذات السياق ( سياق الهروب من مواجهة العدو الأساسي مقابل التجييش لمقارعة الأعداء الجدد ) ، تواصل (إسرائيل) التمسك بموقفها بالحديث العلني عن العلاقات مع الدول العربية ، المعتدلة ، رغم إنكار بعضها لهذه العلاقة أو صمت البعض الآخر ، ويتصدر بينيامين نتنياهو حملة الترويج لهذه العلاقات وأهميتها، انطلاقاً من أن هذه الدول ترى إسرائيل حليفاً قوياً لمواجهة إيران والإسلام المتطرف .
ف( إسرائيل ) اليوم تشكل طوق النجاة الوحيد لبعض الدول العربية في مواجهة التمدد الإيراني في المنطقة ، بينما بقية الدول العربية تعلن أنضمامها لاتباع ولاية الفقيه من أجل التصدي للخطر الأسرائيلي !!
وبهذه النظرة الواقعية يمكننا دحض أفكار الأصلاح والنهوض مستقبلا ، والتي كان يحلم بها العرب منذ أكثر من قرن ؟؟ فبالأمس كانت تنوع الأطروحات وكثرة الزعامات وفشل المحاولات هي الأسباب المباشرة لخيبة الأمل العربية بالخروج من عنق الزجاجة ، أما اليوم فالحسابات الخاطئة لبعض الدول والخطط الأرتجالية لبعضها الأخر بالأضافة إلى أحتكار السلطة وتفشي حب الهمينة على دول الجوار ، فلقد أضحى من السخف الحديث عن نهضة عربية من شأنها أعادة الأمور المتأرجحة إلى نصابها
وأسترجاع كرامة الوطن والمواطن ؟؟
إيران تقطف ثمار التدخل بالملف السوري ، وخشية الأسد المتزايدة من طهران ؟؟
سلطت صحيفة الفايننشال تايمز في مقال تحليلي الضوء على الدور الإيراني في الحرب الدائرة في سوريا التي ترى أنها تعيش مجموعة من الحروب المتقاطعة ، ونقلت كاتبة المقال عن أحد رجال الأعمال قولهم إن “مسؤولي النظام السوري أوقفوا تنفيذ هذه الاتفاقات ، لأن دمشق أضحت أكثر حرصاً على جذب الاستثمارات الروسية والصينية ولخوفها أيضا من زيادة نفوذ طهران” .
وهنا دعونا نستذكر تصريح مفتي سوريا الأعظم حول الدافع الإيراني للتدخل بالأزمة السورية ، وبحسب المفتي ، إيران نصيرة الحق .
وخلال خطبة الجمعة ، في مسجد الروضة بمدينة حلب المحررة وهي الخطبة الاولى بعد تحرير المدينة ، وجه المفتي أحمد بدر الدين حسون رسائل سياسية الى الدول العربية وخاصة دول الخليج الفارسي ، قائلا: “اخجلتمونا وما أصغركم بلجوئكم إلى أميركا وغيرها لحل أزمتكم” ، كما أكد أن إيران جاءت لمساعدتنا لنصرة الحق !!
فالمفتى الجليل يحرم لجوء بعض الدول العربية لأمريكا ، ويحلل لجوء دمشق لطهران !!
وبينما يشعر الأسد بالقلق الشديد من التمدد الإيراني في الداخل السوري ، يبرر المفتي للإيرانيين توسيع نفوذهم لينافسوا نفوذ الأسد داخل محميته كنتيجة حتمية لنصرتهم للحق !!
أسقاط الطائرة الأسرائيلية بعيدا عن الأسد ؟؟
ووسط أجواء الأحتفالات والالعاب النارية المشاعة في العاصمة دمشق أبتهاجا بأستعادة دمشق كرامتها مؤخرا بالتصدي لنزهات الطائرات الأسرائيلية ضمن الاجواء السورية ، تطفو الحقيقة إلى السطح معلنة أستمرار دمشق بالأحتفاظ بحق الرد
في الوقت المناسب فيمايتعلق بالضربات الجوية للعدو الصهيوني داخل الأراضي السورية !!
فقد قال الكاتب والباحث الإسرائيلي، رونان بيرغمان، وهو أحد أبرز صحفيي التحقيقات في إسرائيل ، إن المنطقة كانت على حافة انفجار حرب شاملة ليلة سقوط الطائرة الإسرائيلية بصواريخ من الجانب السوري بعدما وجّه رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، أوامره لتوجيه ضربات بالغة القسوة على عموم سوريا، قبل أن يتلقى اتصالات من موسكو .
ولفت بيرغمان إلى أن كل العملية توقفت بعدما اتصل الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، بنتنياهو وهو غاضب بسبب سقوط بعض القذائف الإسرائيلية قرب مراكز لقوات روسية، ما دفع نتنياهو إلى توجيه الأوامر للجيش من أجل وقف الهجوم وإلغاء خطة توجيه الضربات القاسية لسوريا، معتبرا أن ذلك “يُظهر من هو السيد الحقيقي في الشرق الأوسط، وهو روسيا وليس أمريكا” وفق تعبيره .
ونحن بدورنا نستنتج بأن قرار أسقاط الطائرة الأسرائيلية صدر عن موسكو لسببين هما :
– رد فعل روسي للضربات الأمريكية بتاريخ 7 فبراير الجاري ، والتي أدت إلى مقتل عدد من المرتزقة الروس جراء تلك العملية ، وقد تم نشر صور جنازتهم على الانترنيت .
– رغبة الجانب الروسي بأحداث ضوضاء ضخمة ضمن الجغرافية السورية توهم البعض بأن المنطقة على وشك الأنفجار ، لاشغال الراي العام عن الملاحقة القانونية للأسد جراء أستخدام الأسلحة الكيمائية مؤخرا ، والتي وصل صداها ( محاسبة الأسد ) أغلب العواصم الغربية قبيل أسقاط الطائرة الأسرائيلية بينما هدأت الحملة الأن ؟؟ أن لم نقل توقفت !!
وكما أفشيت لك السر عزيزي القارىء ، بأن أسقاط الطائرة الأسرائيلية صدر عن موسكو ولاشأن للأسد بتلك الواقعة على الأطلاق ، وذلك في المقال السابق تحت عنوان ” دمار الوطن العربي بين الحقيقة والخيال ” بتاريخ 10 فبرابر الحالي .
عزيزي القارىء ، وكما أصبح قرار السوريين بيد موسكو ، والخليجيين بيد واشنطن ، واليمنيين بيد طهران ، والبحرنيين بيد الرياض ، واللبنانيبن بيد جميع تلك القوى ،
فأن خلاصة المقال بأن الوطن العربي عصي على الأصلاح أن أستمر الوضع على ماهو عليه ؟؟ فأمراض العمالة والأرتهان والأنكفاء والخنوع العربي توشك أن تصبح قاعدة ثابتة للتعامل مع الدول الكبرى التي لاتكن بمشاعر المحبة والمودة للشعوب العربية ..
ومن لايحبك لايرغب بشفائك .
وينبغي بنا قبل الحديث عن معالجة مشاكلنا العالقة مع دول العالم ، معالجة أنفسنا المريضة بالحقد والكراهية تجاه بعضنا الأخر .