إننا نملك الكثير من الجمعيات الثقافية في مدننا بحيث لم يعد من الضروري إضافة المزيد منها ،ولكن إن أردنا حراكا أكثر فاعلية وتأثيرا في المحيط الخارجي ( الجمهور المحلي ) واستقطابه كما تستقطبه مباراة كرة قدم أو حفلة غنائية صاخبة لفنان أو فنانة،
فالحل الأمثل هو توحيد جهود هذه الجمعيات الثقافية والتنسيق فيما بينها،عوض التحركات الفردية التي لم تأتي بثمرها منذ سنوات،
بل عمقت الفارق ولم تكرس سوى أفكاراً شخصية لم ينجح أغلبها ولم يصل للهدف المنشود وهو التغيير من ذهنية المتلقي المحلي.
إن حاجتنا إلى توحيد الجهود الثقافية سواء على الصعيد المحلي أو الوطني،بات أمراً ضرورياً وطلبا ملحا على جمعياتنا النظر فيه بجدية للدفع بالفعل الثقافي بشكل واضح والمضي به قدماً قصد تحقيق النظرة التفاؤلية المستقبلية التي نعول عليها كطريقة ناجعة وسليمة في تغيير السلوك أو تعديله،
وهنا تحضرني المقولة القائلة:”إذا تحركت الأفكار سيتحرك السلوك بالضرورة في نفس الاتجاه “
إذ ليس من المعقول أن يتحكم ( جلد مطاطي ) لا يأتي من جرائه إلا وجع الرأس وتخريب للممتلكات العمومية،
في نمط حياة مجتمع برمته،ويلهي السواد الأعظم منا عن الانشغال بما يفيده ويهذب سلوكه وينمي مداركه ولعل الطفل والشاب المراهق هنا هو المقصود أكثر بكلامي،ناهيك عن الكثير من البالغين والراشدين.
كرة القدم عندنا لم ترقى بعد إلى ذلك المستوى الذي يجعلنا نضع الاهتمام بها على رأس قائمة أولوياتنا مع أن الحقيقة تقول عكس هذا تماماً،
وان لم يكن هذا الكلام واقعاً معاشا ،فما تفسيرنا لما يحصل عادة عشية كل نشاط ثقافي حتى أصبح خلوه من الجمهور سمة لا حول لنا ولا قوة فيها،بينما تغص مدرجات الملاعب بكل الشرائح والفئات..!!
هذا وبغض الطرف عن الاعلام الذي غيب وبشكل مقصود نفسه عن حضور ومتابعة الفعل الثقافي والمساهمة ولو بالشيء اليسير في الدفع بعجلته إلى الأمام وليس العكس،
فعدم مبالاة الاعلام المحلي وعدم الاكتراث والاهتمام بالشأن الثقافي الذي يسعى المهتمون به لترقيته وتنميته،
هو في الحقيقة هدم من جهة أخرى وتحطيم لواحد من أساسيات البناء المجتمعاتي الذي يعتمد على الحراك الثقافي في عملية البناء الفكري ،
وليس على جلد مطاطي لم يزد بلداننا إلا تمزقا وبعدا عن جوهر القضايا.
إن الاعراض عن الفعل الثقافي الهادف سواءً بعدم تشجيعه من طرف الفاعلين في ذات المجال،أو من طرف وسائل الإعلام المختلفة أو من طرف الجمهور المثقف وغير المثقف،
لدليل على تقلب الموازين الفكرية التي كانت قبل اليوم تحيا بالفعل الثقافي،
أين لا يكاد يخلو منه منبر إلا وقد غص هذا الأخير بجمهور عريض يعكس ثقل مستوى البلاد والعباد،على عكس اليوم أين بات الملاحظ والأكيد هو ما يعكسه من هشاشة وسطحية.
واني لأرى من زاويتي أن الكثير من النرجسية والأنانية حالت دون الوصول إلى الغاية والهدف المسطر الذي جعلت لأجله الأنشطة الثقافية،
بل وتأسست بناءً عليه كل الجمعيات التي تصب اهتماماتها في هذا المجال ما أدى بتحويل الفعل الثقافي والنأي به عن مجراه الطبيعي إلى مسالك ودروب أخرى قسمت أصحاب ذات الإهتمام شيعا وفرقا،كما وعجلت في موت أي نشاط ثقافي وانكسار درعه الذي كان سابق العهد فولاذيا لا يبنيه أيا كان وبالتالي يستحيل هدمه أو على الأقل لا يصل إليه من هب ودب .