أخبار إيرانأهم الاخبار

النظام الإيراني في حالة تأهب مع تصاعد الاحتجاجات ونشاطات وحدات الانتفاضة

احجز مساحتك الاعلانية

في الأشهر الأخيرة، حذّرت وسائل الإعلام الحكومية الإيرانية بشكل متكرر مما تسميه “عملية ألف حادثة” و”الحرب الإدراكية”. تعكس هذه التحذيرات القلق المتزايد للنظام إزاء “استراتيجية وحدات الانتفاضة” التي تعتمدها المقاومة‌ الإیرانیة، والتي كانت عاملاً رئيسياً في تأجيج الاحتجاجات المناهضة للنظام.

وتحت غطاء مصطلح “ألف عود ثقاب”، يعترف النظام ضمناً بأن الأوضاع الاجتماعية في إيران متفجرة، حيث يخشى من أن تؤدي موجة متواصلة من الأنشطة الثورية إلى إشعال انتفاضة شاملة قادرة على الإطاحة به.

وتدرك مراكز أبحاث النظام أن مستوى الغضب الشعبي بلغ مستويات غير مسبوقة. فالأزمات الاقتصادية، والقمع السياسي، والفساد المستشري، والتحديات الاجتماعية المتزايدة، كلها عوامل جعلت الاستياء يتصاعد بوتيرة متسارعة. وبدلاً من تهدئة الأوضاع، أدى القمع الوحشي للاحتجاجات إلى تعميق حالة الغضب الشعبي.

كما أشار أحد المصادر التابعة للنظام: “ما يأمل العدو في تحقيقه اليوم، وما سيحاول تنفيذه خلال فترة ستة أشهر، هو خلق انقسامات بين الفئات الاجتماعية داخل إيران وتفعيل الصدوع الاجتماعية والسياسية.” (1)

وأعلنت وسائل الإعلام الحكومية مراراً أن شبكات المعارضة تسعى إلى إشعال الاضطرابات الاجتماعية. غير أن الحقيقة هي أن النظام نفسه، من خلال سياساته القمعية، يُذكي لهيب السخط الشعبي. فكل حملة قمع، وكل إعدام، وكل تقييد للحريات الفردية والاجتماعية، ليس إلا عود ثقاب إضافي يُلقى على مستودع البارود.

استراتيجية النظام: التلاعب بالرأي العام وقمع الانتفاضات المحتملة

يخشى نظام خامنئي من اندلاع احتجاجات جديدة، ويسعى إلى توجيه الرأي العام لمنع الشعب من الانضمام إلى الانتفاضات المناهضة له.

وتستخدم وسائل الإعلام الحكومية مصطلح “عملية ألف حادثة” للإشارة إلى ما تدّعي أنه محاولة منظمة لتحويل الاستياء العام إلى احتجاجات في الشوارع. إلا أن هذا الخطاب يتجاهل حقيقة أن السياسات القمعية للنظام هي التي أوجدت هذا المناخ المتفجر. يدرك المسؤولون أن أي حادثة، سواء مقتل طالب جامعي أو اعتداء عناصر شرطة الأخلاق على امرأة في الشارع، قد تكون الشرارة التي تشعل فتيل انتفاضة واسعة النطاق.

“عملية ألف حادثة، أو تحويل المشاعر السلبية إلى اضطرابات، لا يمكن لأحد أن يتنبأ بأي حادثة، وأين، وتحت أي ظروف، قد تصبح الشرارة التي تشعل الاحتجاجات في الشوارع وتمتد إلى مختلف أنحاء البلاد. وبما أن الحفاظ على حالة السخط الشعبي لفترة طويلة غير ممكن، والشعب يعود في النهاية إلى حياته اليومية، فإن انتظار وقوع الأحداث ليس خياراً. الخيار الأكثر عقلانية هو خلق أحداث تحريضية ذات أبعاد متعددة، تستهدف النقاط الساخنة والانقسامات الاجتماعية.” (2)

إن استخدام مصطلح “ألف عود ثقاب” أو “عملية ألف حادثة” بدلاً من “ألف معقل انتفاضة” يعكس اعتراف النظام بأن المجتمع الإيراني على وشك الانفجار، وأن وحدات الانتفاضة تلعب دور المحفز في تسريع هذه العملية.

اتهام قوى خارجية بإثارة الاضطرابات

لطالما اعتمد النظام الإيراني على تكتيك اتهام “الأعداء الخارجيين” بإشعال الاضطرابات الداخلية، كوسيلة لصرف الأنظار عن أزماته الداخلية.

وتروج وسائل الإعلام الحكومية باستمرار لادعاءات بأن قوى خارجية وشبكات معارضة تدير مخططات لنشر الفوضى داخل البلاد. إلا أن هذه الرواية لم تعد تلقى قبولاً بين المواطنين. فقد اختبر الشعب الإيراني بنفسه أن عدوه الحقيقي ليس خارج البلاد، بل هو النظام نفسه، الذي ينهب ثروات البلاد، ويواجه الاحتجاجات بالرصاص، ويكمّم الأفواه.

وتصاعد المشاعر السلبية، من غضب وإحباط ويأس، ليس نتيجة لمؤامرات خارجية، بل هو نتاج مباشر لسياسات النظام نفسه. لا يمكن لأي قوة أجنبية أن تخلق هذا المستوى من الاستياء الشعبي.

ويحاول النظام السيطرة على الأوضاع من خلال تكثيف القمع وتعزيز أجهزته الاستخباراتية، ولكن التاريخ يثبت أن مثل هذه الإجراءات لا تؤدي إلا إلى تأجيل الانفجار، وليس منعه.

عاجلاً أم آجلاً، ستتحقق المخاوف التي تؤرق النظام. سواء من خلال انتفاضة شاملة أو حادثة غير متوقعة، فإن لحظة الحسم قادمة لا محالة. وعندما يحين ذلك اليوم، لن يكون بإمكان أي قوة قمعية إطفاء نيران الثورة.

 

المصادر: (1-3) صحيفة خراسان – 17 فبراير 2025

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى