أخبار إيرانأهم الاخبار

 النظام الإيراني بين التفاوض المراوغ وأزمات العقوبات الخانقة

يواجه النظام الإيراني، تحت وطأة العقوبات الاقتصادية المتزايدة وتفاقم الأزمات الداخلية، تناقضًا بين خطاب المقاومة الذي يروجه المرشد علي خامنئي وحتمية التفاوض مع الولايات المتحدة لتخفيف الضغوط. بينما يتمسك النظام بـ«الخطوط الحمراء»، يلجأ إلى مناورات دبلوماسية تحاول إيجاد مخرج دون تقديم تنازلات واضحة، مما يعكس مأزقًا سياسيًا واقتصاديًا معقدًا.

خطاب مزدوج في ظل الضغوط

في تصريح بثه تلفزيون النظام في 21 أبريل 2025، أكد الرئيس بزشكيان أن إيران لا تسعى للحرب لكنها لن تقبل «الذل»، مشددًا على الالتزام بإطار خامنئي الغامض. هذا الإطار، الذي يفتقر إلى تفاصيل عملية، يُستخدم كغطاء للمناورة الدبلوماسية. المتحدثة باسم بزشكيان، مهاجراني، أوضحت في اليوم التالي أن قضايا مثل مخزونات اليورانيوم المخصب تُعد «خطوطًا حمراء»، لكن بعض المواضيع قابل للنقاش. وأشارت إلى التعاون الوثيق مع روسيا، كعضو دائم في مجلس الأمن، لدعم موقف إيران في المحادثات النووية. أكدت مهاجراني أن رفع العقوبات بشكل ملموس هو المطلب الأساسي، داعية إلى تهيئة بيئة اقتصادية شفافة لجذب المستثمرين الأجانب، ومُحمّلةً القوانين الأمريكية مسؤولية تعطيل الاستثمارات. هذا الخطاب المزدوج يعكس محاولة النظام للحفاظ على صورة القوة مع السعي لتخفيف الضغوط الاقتصادية التي تهدد استقراره.

مأزق داخلي وجمود التفاوض

تتفاقم الأزمات الداخلية في إيران، من نقص الماء والكهرباء إلى الفقر المدقع، مما يضع النظام أمام ضغوط شعبية متزايدة. حذر نائب النظام رضايي من ربط حل هذه المشاكل بالمفاوضات الجارية في مسقط وروما، داعيًا الحكومة إلى معالجة القضايا الداخلية بمعزل عن الخارج. في الوقت نفسه، أفادت صحيفة «كيهان»، المقربة من خامنئي، أن اجتماعًا تمهيديًا سيعقد في 3 مايو في سلطنة عمان كوسيط بين طهران وواشنطن. لكن الصحيفة شددت على أن ملفات حساسة، مثل نسبة التخصيب وضمان رفع العقوبات، لا تزال محل خلاف رئيسي. أكدت «كيهان» أن «المصالح الحيوية» لإيران غير قابلة للمساومة، مما يبرز جمود الموقف الرسمي. هذا الوضع يكشف تناقضًا بين الحاجة إلى تخفيف العقوبات والتمسك بخطاب المقاومة، حيث يحاول النظام كسب الوقت دون تقديم تنازلات جوهرية. التسريبات حول المفاوضات تشير إلى محاولات لإيجاد صيغ وسطية، لكن غياب الثقة بين الطرفين يُعقّد التوصل إلى اتفاق.

طريق محفوف بالتحديات

يجد النظام الإيراني نفسه عالقًا بين شعار «لن نخضع» وحقيقة الأزمات التي تهدد بقاءه. العقوبات الاقتصادية أدت إلى تدهور الأوضاع المعيشية، مما يُغذي النقمة الشعبية ويُضعف شرعية النظام. في الوقت نفسه، يحاول النظام من خلال التفاوض تخفيف الضغوط دون الظهور بموقف ضعيف أمام قاعدته الداخلية. هذه المناورات، التي تتخفى خلف خطاب خامنئي المتشدد، تكشف عن توازن هش بين الحفاظ على صورة القوة والحاجة إلى حلول اقتصادية عاجلة. مع استمرار المفاوضات، تبقى الأسئلة مفتوحة: هل سيتمكن النظام من تحقيق اختراق دبلوماسي، أم أن الجمود سيُفاقم الأزمات الداخلية والخارجية؟ الإجابة تعتمد على قدرة النظام على التوفيق بين شعاراته وواقعه المرير.

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق

انت تستخدم حاجب الاعلانات

يرجي غلق حاجب الاعلانات للاستمرار فى تصفح الجريدة