الناقد والأديب سيد جمعة يكتب , ندوة منتدي الأصالة والمعاصر عن هجرة العلماء المصريين والتراث
” إنّ حماية التراث لا تعني حماية الحجارة والتماثيل وحسب. ففي مالي، عندما أعادت اليونسكو بناء الأضرحة في تمبكتو، رأينا قدرة الثقافة على معافاة وتوحيد الناس وشعر الجميع كما لو أنّهم أعادوا لأهل تمبكتو جزءاً من هويتّهم. يدرك المتطرّفون كل الإدراك قدرة التراث على توحيد الشعب وهذا هو السبب الذي يدفعهم إلى السعي لتدميره. وجدير بالذكر أن حماية التراث ليست مجرّد مشغل من مشاغل الفاعلين في مجال التراث وإنّما هي شرط من الشروط اللازمة ليسود السلم والأمان . د . يسري عبد الغني برحيل الرمز الأخير لثقافة التنوير من خلال الأصالة والمعاصرة د . / زكي نجيب محمود – الذي تم الإحتفال بمرور 25 سنة علي رحيله من ايام قليلة – نري هذه الشعلة ، شعلة الأصالة والمعاصرة إنتقلت إلي مُتيمٍ آخر بها مكملاً ومتمماً لها ولمشوارِ من سبقوه منذ بداية القرن الماضي ، واعني به د. / يسري عبد الغني ، هذا الباحث والعالم القدير تماماً كمن يُجايلهُ أو من سبقوهُ يحمل التراث والأصالة والمعاصرة في رأسهِ وبين يديهِ ، وفي عقلهِ و وجدانهِ يطوف بهما في كل المحافل الثقافية والوسائط الإعلامية المتعددة ، صارخاً هلموا ، تداعوأ ، تعاونوا ، ساعدوا معي ، من اجل مصر الماضي والحاضر والمستقبل ، ففضلا عن انه انشأ كيانا حرا وخاصاً و مستقلاً يحملُ إسم المنتدي الثقافي للأصالة والمعاصرة يضم مع افرادٍ من اسرته ، ونخبة متميزة في إدرارتهِ ، فضلا عن كوكبة ونخبة من العلماء والأكاديمين والباحثين والمهتمين بالتراثِ واهمية دور التراث للتأصيل والمعاصرة في حماية الهوية المصرية ودعمها امام مواجهات شرسة سواء من الداخل أو الخارج ، بخلاف الإصدارت التي يَكبُ عليها لتصبح من روافد هذا الدعم والإهتمام ، وكذا المحاضرا ت الثقافية والندوات الي يشارك فيها علي إمتداد الإسبوع والشهرِ بل والسنة كاملةٍ ( متعهُ الله بالصحة والعافية ) مع فريق العمل الذي يتولي التنسيق والإعداد للمنتدي . تأتي فعالية اللقاء الأخير الذي تم يوم 5 / 10 / 2018م إحتفاءً وتقديراً لعلم مصريِ مُهاجر من ستينيات القرن الماضي ، إلي إيطاليا كباحث فأعطي عمرهُ وجهدهُ كلهُ مُتخصصاً في التراث بجامعة فلورنسا ، حتي تبوأ فيهامركزاً علمياً مرموقا – نائباً لرئيس الجامعة – ولا زال يواصل إهتمامه كطالب علمِ وباحثٍ تأكيدا لدور التراث بإعتباره ركيزة اساسية في بناء ” الحضارة الإنسانية الواحدة ” رغم تعدد الجنسيات والأعراق والمعتقدات الدينية أو المذهبية ، هذا المهاجر المصر ي – كغيره من المهاجرين العرب والمصريين – الذين يحملون لأوطانهم الحق ، والواجب عليهم ، تجاه هذه الأوطان ، فيعودون إليها ولو – علي فتراتٍ – تأكيداً لهويتهم الوطنية ، وإعتزازاً بها . هذا المهاجر الباحث والعلامة أعد له منتدي ” الأصالة والمعاصرة ” ، مع صالون الأديب الرائع كاتبنا القدير د . / سليمان عوض ، إحتفالية بالغة الروعة من خلال الدعوات لقمم ثقافية للمشاركة في هذه الإحتفالية بمشاركات متنوعة تتناول لمحات عن هجرة هذا المهاجر وتجاربه العلمية والبحثية في ايطاليا وغيرها من الدول الأوربية ورحلة تتويجه نائباً لرئيس جامعة فلورنسا الإيطالية ، ومشاركاتهِ البحثية ولقاءاته وندواتهِ وإصداراتهِ عن التراث وفي التراث ، ايضا حَفلت المشاركات بإضاءاتٍ ولمحاتٍ عن الإيجابيات والسلبيات التي يواجهها الباحث وطالب العلم سواء في مصر او خارج مصر إلي ان تكون الهجرة هي الحل الأمثل بل الوحيد امام الباحث . إن الهجرة ، قد تتعدد اسبابها كهجرات الإنبياء والرسل ، والعلماء ، وعامة البشر ، من اجل غايات إنسانية نبيلة اتاحها الله لعبادهِ منذ بدء الخليقة وتكاد تكون من فِطرات الإنسان كأي فطرة حياتية تستوجبها عمارة الإنسان للأرض . وهي تزداد سمواً حين تحقق ” الهوية ” الخاصة للبلد او الوطن المُهاجر منهُ وتبدأ من الوعيّ الكامل بمعني ” التراث ” الذي يزامن “المعاصرة ” كأحد اعمدة بناء الحياة ومن اجل حاضرٍ افضل ، ومستقبلٍ واعدٍ ، خاصةٍ حين تواجه الأوطان محنةً التعثر ، وطوفان الإزاحة او الطمس المُتعمد من الداخل او الخارج . تحت دعاوي كاذبة كالعولمة الحديثة ، وصراع الحضارات أو حتي حوار الحضارت التي يُديرها مُتكبر متغطرس بنية المحو أو السيطرة بشكلٍ آخر جديد علي الشعوب . تحية تقدير للدكتور / يسري عبد الغني .. حامل راية ” الأصالة والمعاصرة ” من خلال منتداهُ الرائع ، وكل اعضاءهِ . سـيـد جـمـعـه ســيـد ناقد تشكيلي واديب 6 / 10 / 2018 م