الناقد الفنى والأديب سيد جمعة يكتب ,, إنسانٌ آخر مُنتظر في.. ” و .. عاد إنساناً آخر ” للقاص / ايمن عز الدين سكوري
يُتيحُ العملُ بالصحافة فضاءاً معرفياً بل وأحياناً دقةً متناهية متباينة في رصد التغيرات الدائمة في شرائح المُجتمع
يُتيحُ العملُ بالصحافة فضاءاً معرفياً بل وأحياناً دقةً متناهية متباينة في رصد التغيرات الدائمة في شرائح المُجتمع ومؤشرات التغيير علواً أو هبوطاً في النواحي الإقتصادية وما
يتواكب معها ويرافقها في مجالات عديدة مثل الّعلمْ والثقافة وما يندرج تحتها من قيم متعددة تشكل هوية المجتمع في تطورهِ ، ومدي تأثيرها الوقتي او المستقبلي علي الجيل الحالي او الجيل القادم ، والذي بدوره يحدد الملامح الرئيسية للمجتع في سنواتٍ او عقودٍ قادمة . وتأتي الفنون كا القصة والشعر ، والمسرح ، والسينما ، والموسيقي ،والطرب ، وفنون الصورة ” الفن التشكيلي بمفرداته وانواعه المختلفة ” يأتي هذا التنوع المُتعدد والمُعبر عن حالة ” المُجتمع ” من خلال هذه الوسائل ، بمادةٍ خصّبةٍ لعشاق الأدب وكُتاب القصة وحين يُصادف أن يَملك الصحفي مَلكات الكاتب والقاص مثل كاتبنا الصحفي والقاص / أيمن عز الدين سكوري . والذي بين أيدينا إصدارتهُ الثانية مجموعتهِ القصصية ” و .. عاد إنساناً آخر ” بعد ديوانهِ الشعري” خميلة الوادي ” . المجموعة يبغ عدد صفحاتها ست وتسعون صفحةٍ و تتكون من عشر قصص قصيرة يغلبُ عليها السرد والكتابة فيها تمزجُ بين العامية الراقية والفصحي البسيطة المناسبة للرصد الواقعي للمشكلات والتغيرات والتأثيرات المُتبادلة في تركيب الشخصية المصرية في كل الشرائح ، التي تعالجها المجموعة ، وإلتقطها الصحفي ، وعالجها القاص من خلال ” القصة القصيرة ” فيُذكرنا برائد تطوير وتحديث الكتابة القصصية القصيرة الراحل د . / يوسف إدريس . عناوين القصص كما سنري لها دلالات وتُمثلُ الرصد الدقيق لتغيراتٍ حدثت وتحدثُ في المجتمع المصري : إشراقة بددها الظلام & في بهو القصر ، فرقت نقطة & وعاد إنسانا آخر بلد اخر & أخر صورة بالألبوم & هلهلات داخل حجرة مُعبقة & رحلة& وجتها وجدتها & مالٍ هذا الرجل لا يضحك * الطعنة في صدري . إرتكز الكاتب في تحليقهِ ، وبنظرة الطائر وقدرتهِ الصحفية والإبداعية علي إلتقاط ونسج نماذج مُختلفة ومتباينة لإنزلاقاتٍ إلي هاوية كئيبة وبئرٍ مظلمٍ تداعت أحداثٍ تاريخية ربما غير مسبوقةٍ وشاركت فيها وسائل ونماذج لقوي ومصالح عديدة إلي دفع شرائح من المجتمع كلهِ ، إليها وبقوة ٍ غير عادية . متثلٌ في نقيصةُ أخلاقية تحملُ إسم ” الفساد ” وهي نقيصة عَدها وذكرها القرآن من الكبائر و َوسم بها كل سلوكٍ يخربُ الأرضَ وما عليها ، ويطيحُ بالمفسدِ إلي نار جهنمٍ . أجاد الكاتب نسج صورٍ لهذا الفساد من خلال مشاهد تُمثل شرائح مختلفة من طبقات المجتمع ، الغنية والفقيرة ، والمتوسطة التي لم يعد لها ملامحٍ محددة كما كانت من قبل ، ولعل في قصة ” بهو القصر ” التي تتحدث عن وتُوصف الفساد وبداياتهِ من راس الهرم المتمثل في السلطان الحاكم الذي يهرع إليه بشكواه من سرقة إحدي القطع الأثرية من احد المتاحف الذي قضي سنواتٍ من عمره وفجأءة يكتشف سرقتها ، فيبادر بحكم الأمانة ، والمهام الوظيفية ، والعشق للأثار ، يهرعُ للتبليغ عنها وفق التسلسل المُفترض في مثل هذه الحالات فلا يجد إلا إستهانة بالموضوع أو إستهانة بشخصهٍ أو ” الموالسة” لإخفاء معالم الجريمة بمبررات سأمها وعرفها واستنكرها ، ونسب كل ما رأه إلي حالة الامُبالاة التي إعتاد عليها الشعب من جراء القوانين واللوائح غير المُفعلة في الهيئات والإدارات المنوط بها محاربة الفساد ، فلا يجد وسيلة إلا مقابلة السلطان نفسهِ وعرضُ الأمر عليهِ وحده ، وبعد أن مر بالمراحل الأمنية المعتادة في مقابلة أي ” سلطان ” … ، من إستفسارات عن الموضوع ، والتفتيش الذاتي ، وحتي تحديد الموعد . وفي الموعد المُحدد يدخلُ علي السلطان ، فنجدهُ وهو في طريقهُ إليهٍ مضطرب ضربات القلب ، والخطواتِ ، يلمحٌ القطعة الأثرية المسروقة علي مكتب السلطان ، ترافقها الإبتسامةٍ الحانية من السلطان … ! وفي قصة ” الطنعةُ في صدري ” نموذج لصراع أبالسة رأس المالِ وطواغيتهُ و وسائلهم لدحر خصومهم من ناحيةٍ ، وتمكين الفساد وزرعهٍ من خلال الرشاوي المادية ممثلةُ في المخدرات وغيرها والتي تقضي وتقوض دعائم بناء المواطنة والضمير والقيم السمحة التي تُبشر بها الأديان لدي الشباب ، مُستغلةُ قهرهُ وإحتياجهُ المادي حين تتعثر أو تكاد وسائل الحصول علي المال بطريق الحلال ، ينسج القاص صورة من الصعب ان نقول أنها تَخيلية من فرط تكرارها ومعايشتها لها من خلال عملهِ الصحفي ، فتجد الصورة مجسمةُ وحقيقية بلمساتِ كاتب ومبدع . الكاتب والقاص / ايمن عز الدين سكوري … كانت لغتهِ السردية مُتسقة في بساطتها ، وأجاد حين جعل الحوار باللغة العامية وكانت الإجادة في الإستخدام الشائع من كلماتٍ مع عدم الإسراف في الجمل الحوارية حتي لا يسقط في الإسهاب الذي قد يُشتت القارئ ، وقد سبق أن اشرنا إلي حرفيتةِ في إنتقاء مظاهر الفساد وإعادة صياغتهٍ بتقنية وقدرات وادوات القاص فضلاً عن الإلتقاط الصحفي اوالواعي والمناسب لبعض الأحداث والمشاهد والموضوعات التي تزخم بها الوسائل الإعلامية المقروءة والمسموعة ، والمشاهدة . وآمل ان يتدارك الكاتب في الطبعة الثانية أخطاء إملائية طباعية ، كذلك إعادة التنسيق في حوارات الأشخاص ، وأيضا إضافة فهرس بعناوين القصص . ســيــد جــمــعــه ســيــد 10 / 11 / 2018 م