الموصل….مدينةٌ شُوِهَتْ ملامحها ألتاريخية وفًقِدتْ حُليتها الحضارية وتَحولتْ إلى رمادٍ !!
كُتبت
أُميمه الطائي – بابل
كثُر الحديثُ وتعددتْ الآراءُ وتباينت وجهاتُ النظرِ و النتيجةُ واحدةٌ الموصل الحدباء تحولت إلى مدينه أنقاض يسودها الخراب والدمار ! ثلاث من السنواتِ العجاف مرتْ على الموصلِ داستْ على كُلِ شيءٍ ونظرتْ لام الربيعين بعينِ الكره والحقد والخبث و ذلك محاولةً منهم لطمسِ تأريخ هذه ألمدينه ومسحهِ بالكامل حيث يؤكد الكاتب سعد محمد رحيم ” أنهم يريدون أن يقتلون الزمن العراقي، البشر والطبيعة والثقافة والحضارة والمستقبل …. “. لكن كل تلك المحاولات ورغم المحن التي مرت بها ورغم كل ذلك الدمار ستبقى واقفة ولن تنحني لأن الموصل قد تمرِض ولكن لَم ولَن تموتْ .
إن الشيءَ الذي يجعلُني أشد ألماً وحسرةً على الموصلِ إن العالمَ أصبح بأكملهِ لا يعرفُ شيءً عن تلكَ ألمدينة سوى إنها مدينةَ موتٌ ويأسٌ و سكانها موتى على قيدِ الحياةِ ولكن مَا لا يعرفه عنها إنها كانت ثاني أكبر مدينه بالعراق من حيث عدد السكان و كانت تمتاز بان لها أهميه اقتصاديه وتجاريه كبيره علاوة على ذلك فالموصل هي ليست مدينه فحسب , بل هي حضارة و تأريخ وتراث , فقد كانت إحدى أهم المراكز التراثية و المدن ألحضاريه بالعالم , فقد تركت بصمتها ألحضاريه من خلال مبدعيها الذين لا ينقطع إبداعهم وتواصلهم .
إلا إن فقدان الموصل لكل هذا سيجعلها مدينه تعيش أزمة هوية قد تؤدي إلى إنتاج هوية مشوهه تُفقِد المدينة رمزيتها ! لهذا نحنُ بحاجة إلى وقفةٍ تقييميه و تأمليه أمام تلك ألمدينه العريقة التي لحقها الخراب والدمار , لذلك لابد من تكاتف الجهود لإعادة أعمارها وأن نبذلُ جهداً يليقُ بمكانتِها وتاريخها وتراثها العمراني وأن نُقدِمَ ما نستطيعُ تقديمه لتلك ألمدينة التي كانت ولا زالت وستظل عروس العراق وأم الربيعين . فمسابقه أعاده أعمار الإسكان في الموصل ( مسابقه رفعة الجادرجي ) هي خير دليل على إننا لم نقف موقف المتفرج على مستقبل الموصل و إنما بذلنا الجهود ووحدناها من اجل مدينتا الموصل الحدباء ولكي نقول للعالم كله بأننا قادرين على إحياء مدينتنا وإعادة أعمارها . إذاَ إلام تهدف مسابقة إعادة أعمار الإسكان في الموصل ومن تستهدف ؟ مسابقة أعادة أعمار الإسكان في الموصل ( جائزة رفعة الجادرجي ) هي مسابقة معمارية تستهدف طلبة العمارة والمعماريين الممارسين العراقيين وغير العراقيين لتقديم أفكار معماريه و حلول للمشاكل التي تعاني منها الموصل للمساهمة في عمليه أعادة أعمارها , وقد سميت باِسم المعمار رفعت الجادرجي تقديرا لدورهِ الذي أسهم بإثراء المشهد الثقافي العراقي والعربي معمارياً وفكرياً , إن الهدفَ الرئيسِ من إطلاق هذه المسابقة ألمعماريه هو تعريف المجتمع المعماري العالمي بحجمِ الدمار الذي أصاب عدداً من المدنِ التي كانتْ ساحةَ قتالٍ لمعاركٍ عنيفةٍ , وهذا ما أوضحهُ المهندس المعماري ( أحمد الملاك – بريطانيا ) المؤسسُ لهذه ألمسابقة في محاضراتهِ ألتعريفيةِ عن ألمسابقة في مدينةِ ميلانو . وعلى الصعيدِ ذاته يرى المهندس المعماري أحمد الملاك إن الهدفَ من المسابقةِ قد تحققَ حيث كانتْ هنالك 223 مشاركةٍ دولية من 42 دولة بصورةٍ عامه و30 مشاركةٍ عراقية على وجهِ الخصوص وكل هذه المشاركاتِ تناقشَ المشاكلَ وتضعُ الحلولَ لتلك التحديات ألمحليه . ويواصلُ يتم عرضَ الأفكارِ الفائزة التي قدمت حلولاً واستجابت للتحديات التي تواجه ألمدينه على الجهاتِ الحكوميةِ المسؤولة كأفكار و حلول مفيدة لعمليةِ أعادة أعمار الإسكان في الموصل .
إما عملية أعادة الأعمار قد تُفهم على إنها أعادة أعمار ما هدمتهُ الحرب إلا أنها تمتد إلى أبعدِ من ذلك وتقع ضمن إطار سياسات عمرانية مختلفة لابُد من التفريقِ بينهما لاختيار الأصلح و لا تقتصر على عملية واحدة , بل هي مجموعة من العمليات المختلفة والمتباينة والمتداخلة فيما بينها والتي تتطلب كوادر متخصصة في من أجلِ وضع رؤية شاملة للمدينة والتعامل بحساسية عاليه للحفاظِ على هويتها العمرانية و ألمعماريه و أرثها الحضاري . تُرى كيف ستكون الموصل بعد إعادة أعمارها ؟ أنني أشدَ قلقاً وخوفاً من أن أرى موصلاً جديدة بلا هوية عمرانية , فالهوية العمرانية هي انتماء لحضارة معينه ولمجتمع معين فإذا ما فقدتْ الموصل ذلك الانتماء, ستصبح مدينة جديدة متبرئة من هويتها وتراثها وحضارتها التي لم تفلحْ يد الأعمارِ والبناء في إعادتها بعد أن شوهتها يدُ العبثِ والظلام !
أذاً هل سيكون الهدف الرئيسي لعملية أعاده أعمار الموصل هو الحفاظ على هويتها العمرانية والمعمارية ؟!
يُجيب المهندس المعماري العراقي ( ميثاق الذهب – كندا ) على هذا التساؤلِ قائلاً تحتلُ قضيةَ الحفاظ على التراث مكاناً متقدماً في سياق القضايا التي تهم دول العالم، لما لهذه القضية من أهمية ومنطقية تنبع من أهمية التراث ذاته، فالتراث هو ذلك السجل الخالـد الذي يحفظ تاريخ الأمم والشعوب، والدليل الواضح على تقدم الحضارات، وهو كـذلك المعـين الذي تستقي منه الأجيال اللاحقة ثقافتها وخصائصها. وبمعنى أعم وأشمل، فإن الحفاظ على الوسط التاريخي لمدينة الموصل يعني الإبقـاء علـى مـا تتضمنه من قيم : القيمة المعمارية، التاريخيـة، الأثريـة، الاجتماعيـة، الروحيـة، الوثائقيـة، الاقتصادية، السياسية . ويواصل إن من الضروري زيادة الاهتمام بالموصل القديمة وعمل خطة تنفيذية لإعادة أعمار الموصل ألقديمه وإحياؤها من خلال إستراتيجيات واضحة بالإضافة إلى ضرورة أن يخرج إحياء الموصل من الإطار الضيق المرتبط بحدود المدينة القديمة إلى الإطار الأوسع، ضمن خطة ترتبط مع باقي المعالم التاريخية القديمة في كل الموصل مع الاستفادة من المباني التاريخية ذات الطابع المعماري المميز والمواقع الأثرية الهامة وذلـك بجعلها عامل جذب (ثقافي، سياحي، ترفيهي) لارتياد المنطقة وخصوصاً أن الموصل القديمـة تشكل إرثاً تاريخياً يجب المحافظة عليه. أذا لابد من وجود آلية لاختيار المساكن التي تحتاج إلى ترميم وتأهيلها وذلك من خلال : *الترميم الفوري لعناصر معينة في المساكن تهدد سلامة المبنى والسكان. *الترميم الشامل للمساكن ذات المواقع الهامة أو المشاكل المتعددة. *إحياء مناطق سكنية كاملة وتأهيلها بعد إجراء الدراسات و المسوحات الشاملة لها.
*توفير آلية لصيانة المباني التراثية والمساكن التي رممت في الأماكن التاريخيـة وإدارتهـا لضمان فعالية العمل وديمومته .
بناءاً على ما تقدم نحن بحاجةٍ إلى أن نرى الموصل بعيونِ المستقبل , فمشروع إعادة أعمار الموصل (الذي يجب أن لا يقتصرُ على إحياء مبانيها فحسب وإنما يتعداه إلى إعادة هويتها التي سُرِقت وملامحها التاريخية التي شُوهَتْ ورمزيتها التي فُقِدتْ) سيروي للعالم بأكملهِ قصه المجد والإباء لهذه المدينة وتاريخها العريق.
تمت المراجعه بمعرفه الاعلامى/ سمير المسلمانى..رئيس التحرير