فى الآونة الأخيرة تسعى المملكة العربية السعودية لتغيير استراتيجيتها الاقتصادية على الصعيد العالمى، حيث اتجهت المملكة فى الأيام القليلة الماضية نحو إبرام صفقات اقتصادية مع دول الشرق الأقصى، فقد قام الملك سلمان بن عبد العزير خادم الحرمين الشريفين بعمل جولة موسعة فى الشرق الأقصى الأمر الذى يراه الكثيرون حدثًا تاريخيًا، حيث زار كلًا من إندونيسيا وماليزيا ثم توجه إلى اليابان بهدف تعزيرالعلاقات الاقتصادية وتوقيع عدد من الاتفاقيات التجارية والسياسية, يأتى ذلك فى ظل مجهودات الحكومة السعودية فى ايجاد حلول بديلة لعائدات النفط الخام والتى انخفضت بشكل كبير فى ظل تراجع أسعار النفط فى أسواق الفوريكس حيث تسعى السعودية الى انشاء وتطوير العديد من المشروعات فى العديد من المجالات بغرض تنويع الدخل. وقال الخبير الاقتصادي “محمد العنقري” لصحيفة الجزيرة أن خلال العشر سنوات الأخيرة تضخمت أعداد العمالة الوافدة للمملكة العربية السعودية التى تفتقر إلى المهنية والدرجات العملية مما أفقد البلاد الكثير من المزايا التنافسية، وعلى الرغم من أن العمالة تعتبر هامة بالنسبة لنمو الاقتصاد حيث يعتمد عليها فى أعمال شركات المقاولات والصيانة والخدمات إلا أنها تمثل عبئًا على كاهل الحكومة حيث أصبحت البلاد تعاني من الاعتماد عليها بشكل رئيسي، ونتج عن ذلك ارتفاعًا لمعدلات الطلب على الخدمات وارتفاع الاستهلاك المحلى للطاقة والمياه، وقد زادت العمالة من عام 2004 حتى الآن بأكثر من 50% حتى وصلت إلى أكثر من 10 ملايين من 6 ملايين، وصار الأمر حاليًا واجبًا على المملكة أن تتخلى عن الاعتماد بشكل أساسى على العمالة الوافدة.
خطط التعاون بين السعودية واليابان وذكر العنقري أنه من بين الاتفاقيات التى وقعت عليهاالمملكة مع اليابانهى إحداث ثورة صناعية كبرى فى المملكة من خلال استخدام التكنولوجيا الحديثة والمتطورة للانتقال من الأيدى العاملة إلى استخدام تقنيات حديثة، وسوف يتطلب هذا الأمر الكثير من الجهد والوقت كما يلزم تواجد التعليم على مستوى عالى خاصة فى التخصصات الهندسية من خلال إنشاء جامعات تواكب التكنولوجيا الحديثة واعتماد مناهج وطرق تعليمية لدعم هذا التغيير الجذرى، بالإضافة إلى ذلك وجود خطة تمويلية كبيرة لدعم تلك الوسائل الحديثة والعمل على تغيير خطوط انتاج الشركات الصناعية، وبالتالى سوف يضمن هذا ارتفاع حجم الفرص التنافسية للمملكة عالميًا مع تخفيض تكاليف الانتاج إلى جانب تواجد فرص عمل كبيرة للسعوديين المؤهلين على مستوى عالٍ من التعلم بدخل مناسب واستقرار وظيفي بنسبة كبيرة.
وأضاف العنقري أن من بين سبل التعاون بين البلدين سيشمل إنشاء منطقة صناعية خاصة باليابانين وهذا سيضمن الانتقال السريع والسلس للخبرات اليابانية للمملكة كما سيفتح آفاق جديدة لتأسيس العديد من المشروعات الصغيرة والمتوسطة بشكل جديد على الطريقة اليابانية وبتكنولوجيا عالية وسيعمل هذا على خلق فرص عمل كثيرة، وتُعد الشركات اليابانية من أكثر الشركات العالمية تقدمًا فى طريقة إدارتها واستخدام للتقنيات الحديثة بالرغم من افتقار اليابان للموارد الطبيعية.
واستطرد العنقري حديثه للجزيرة قائلًا أن التعاون المشترك مع اليابان فى وجود الموارد الطبيعية التى تمتلكها المملكة من النفط والغاز والمعادن إضافة إلى الموقع الإستراتيجي، سيجعل السوق السعودي من أسرع الأسواق نموًا فى العالم.
وذكر العنقرى أن الإستفادة لن تقع فقط على المملكة وحدها بل ستستفيد أيضًا اليابان فى ظل المنافسة الشرسة التى يشهدها الاقتصاد العالمي كونها من ثالث كبرى دول العالم اقتصاديًا، فاليابان بحاجة إلى سوق كبير لتوظيف إمكانياتها وتطورها التكنولوجي، ويتمتع السوق السعودي بأنه أكثر طلبًا على السلع والخدمات كما أنه سوق جاذب للكثيرين من المستثمرين.
ثمار التعاون الاقتصادى بين اليابان واندونيسيا
وقال أن اليابان كانت سببًا رئيسيًا فى التطور والنمو الاقتصادي لإندونيسيا، حيث قامت بالعديد من المشاريع الاستثمارية وأنشأت عدد من مصانع السيارات والأجهزة المنزلية والإلكترونية مما جعلها من أسرع اقتصاديات الدول الناشئة كما وفرت
فرص عمل كبيرة فى إندونيسيا، وتعتبر تجربة اليابان فى إندونيسيا محفزًا قويًا على الإحتمالية الأكيدة للنجاح الواسع لليابان في المملكة.
وبالنظر إلى تلك الاتفاقيات فإنها تُعد ناجحة لكن المهم هو التنفيذ الفعلي لها على أرض الواقع وتطبيقها، بل وسرعة تنفيذها وإنجازها من أجل تحقيق أهداف رؤية 2030، خاصة وأن المسؤولين اليابانيين أبدوا إهتماما واسعا برؤية 2030 لمعرفة الفرص المتاحة لهم لجعل المملكة أكبر دولة عربية اقتصاديًا.