بدأت موجة احتجاجات الممرضين والعاملين في القطاع الصحي الإيراني في الأسابيع الأخيرة تأخذ زخمًا متزايدًا، مع تفاقم أوضاعهم الاقتصادية وظروف العمل القاسية. وفي أحدث حلقات هذه الاحتجاجات، شهدت مدن عديدة تجمعات لممرضين يطالبون بتحسين رواتبهم، توفير بيئة عمل مناسبة، وإصلاح النظام الصحي الذي يعاني من أزمات متراكمة.
وفي 7 سبتمبر، شهدت مدينة أصفهان تجمعاً حاشداً أمام بوابة جامعة أصفهان. الممرضون المحتجون رفعوا مطالب واضحة، أبرزها تحسين الأجور والمزايا التي يرون أنها لا تتناسب مع الجهود المبذولة والمسؤوليات الملقاة على عاتقهم. كما شكا الممرضون من الأعباء الإضافية المفروضة عليهم نتيجة العمل الإضافي الإجباري دون تعويض عادل، وهو ما يؤثر على صحتهم الجسدية والنفسية.
ونقص المعدات الطبية وانخفاض مستويات الموارد في المستشفيات ساهم بشكل كبير في زيادة الضغط على الممرضين. إضافة إلى ذلك، تعاني شريحة واسعة من الممرضين من عقود عمل مؤقتة، مما يجعلهم عرضة لعدم الاستقرار الوظيفي ويؤثر سلبًا على حوافزهم.
ونظّم الممرضون في مستشفى نقوي بمدينة كاشان تجمعًا احتجاجيًا للمطالبة بحقوقهم المالية التي تأخرت لفترات طويلة، إلى جانب اعتراضهم على سوء تنفيذ آجور التمريض. وردد المحتجون شعارات تطالب بتحسين الأجور وظروف العمل، مع تسليط الضوء على قضايا الأجور المتدنية وتراكم المستحقات.
الاحتجاجات في مدينة قم، التي جرت في اليوم نفسه، كانت مشابهة في مضمونها. الممرضون هناك عبّروا عن غضبهم تجاه ظروف العمل القاسية والمستحقات المالية المتأخرة، حيث هتفوا بشعارات مثل “يا ممرض اصرخ، وطالب بحقك”، في دعوة واضحة لاستمرار النضال من أجل حقوقهم.
وتشمل مطالب الممرضين رفع الأجور بما يتناسب مع معدلات التضخم المتسارعة، تحسين ظروف العمل، وقف العمل الإضافي الإجباري الذي لا يتم تعويضه بشكل كافٍ، وتطبيق أجور التمريض بما يتناسب مع جهودهم المبذولة. إضافة إلى ذلك، يطالب الممرضون بتثبيت عقود العمل المؤقتة وتوفير بيئة عمل آمنة ومستقرة تضمن استمرارهم في تقديم خدماتهم الصحية.
ورغم اتساع نطاق الاحتجاجات، لا تزال الحكومة مترددة في الاستجابة لمطالب الممرضين، مما يزيد من مخاوف العاملين في القطاع الصحي بشأن مستقبلهم. يُذكر أن هجرة الممرضين الإيرانيين إلى الخارج في تزايد مستمر، حيث تشير تقارير إلى مغادرة ما بين 150 إلى 200 ممرض شهريًا بحثًا عن فرص أفضل، وخاصة إلى دول مثل ألمانيا.
الوضع المتردي للممرضين في إيران أصبح قضية ذات أبعاد اجتماعية واقتصادية خطيرة، مع تأثر نظام الرعاية الصحية بشكل مباشر جراء نقص الكوادر وزيادة هجرة العاملين في هذا القطاع. مستقبل الاحتجاجات يبقى غامضًا، إلا أن تزايد الغضب في صفوف الممرضين قد يؤدي إلى مزيد من التصعيد في حال استمر تجاهل مطالبهم المشروعة.