اسليدرالأدب و الأدباءالثقافة

المصادر التاريخية للشعر الجاهلي :

كتب:  لفته عبد النبي الخزرجي / العراق – بابل
في الحلقة السابقة .. تحدثنا عن الآراء المتضاربة في حقيقة الادب العربي في الجاهلية وخاصة الشعر الجاهلي . نحاول في هذه الحلقة ان نتحرى المصادر التاريخية التي تعرضت للشعر الجاهلي واوضحت صدق انتمائه لشعرا ء من العصر الجاهلي . في كتابه الشهير ” الجامع في تاريخ الادب العربي القديم , يتحدث الاستاذ القدير ” حنا الفاخوري ” ، عن السعر الجاهلي ويورد مصادر قديمة وحديثة ، تؤكد ان الكثير من الشعر الجاهلي ، ما هو الا نتاج لشعراء عاشوا في الجاهلية . الا ان الباحث نفسه يضع امام القراء ان هناك ثلاثة ضروب تناقش الشعر الجاهلي وتجلو عنه عوامل الاختلاف والغموض ، ومن هذه الضروب :
1 ) ضرب صحيح : وهو الذي اجمع عليه العلماء والرواة وأكدوا اثباته ، من خلال الفحص والتمحيص والدراسة .
2 ) ضرب يقول ان الشعر الجاهلي شعر منحول ، وهو ما كان يضعه القصاص في محاولة لاضفاء الرغبة عند المستمعين في تواصلهم مع القصص التي يرويها هؤلاء .
3 ) وهو الضرب الذي يدور حوله الخلاف ، حيث يقول ابن سلام في هذا الصدد ( وقد اختلفت العلماء في بعض الشعر ، كما اختلفت في بعض الاسياء ) . ثم ان هناك البعض من العلماء الرواة ، مثل حماد الراوية ، وابو عمرو بن العلاء والمفضل بن الاحمر ، ويعتبر هؤلاء من الطبقة الاولى في علم اللغة العربية و تاريخها الزاخر بالابداع الشعري المتميز . ويذكر الاستاذ حنا الفاخوري ، ان تراث الجاهلية من الشعر والاخبار والانساب ، كان قد وصل الى هؤلاء الرواة ، اما مدونا في مؤلفات ، او انه مكتوب في صحف الاسلاف او تناقله الناس وبقي متداولا خلفا عن سلف ، مما جعله في متناول هؤلاء العلماء الرواة ، وعلى هذا الاساس حملوا تلك الامانة الادبية والشعرية والمعرفية ، واضافوا اليها الكثير مما وصلهم وتعرفوا عليه ، فكانت الحصيلة هي محاولة ناجحة للفصل بين المنحول والمنقول والصحيح وغير ه . وقام هؤلاء العلماء الرواة ببث وتدريس وشرح هذا التراث لتلاميذهم ، مما شجع هؤلاء التلاميذ على مواصلة البحث والتنقيب عن الشعر الجاهلي ، فظهرت طبقة ثانية من رواد الادب والشعر وغيرها والتي كانت مغيبة عن الحضور في المحافل الادبية والمعرفية في العصور الاسلامية المتعددة ، ومن ثم تواصلت مسيرة البحث الاستقصاء وعملية الفحص والتمحيص كانت متواصلة لغرض وضع هذا الشعر في بوصلة التاريخ الفاحصة لغرض الوصول للحقيقة في ان الشعر الجاهلي ، لم يكن باجمعه شعرا حقيقيا وانما فيه المنحول وفيه المنقول عن السلف وفيه المختلف عليه . وما زال الشعر الجاهلي يحظى بالدراسات والمتابعة المعرفية وهو مع ذلك يبقى معينا لا ينضب للعلماء واصحاب البحث المعرفي ،لغرض كشف المزيد من الصدأ الذي يغلفه .

18733

رئيس النحرير

المشرف العام على موقع العالم الحر
زر الذهاب إلى الأعلى