الثانوية العامة بين المرونة والرعونة في جائحة الكورونا. (رسالة إلى الوزير)
سيادة وزير التربية والتعليم، بعد السلام….
إننا وفي ظل ظروفٍ استثنائية عصيبة لم نشهد بفداحتها من ذي قبل نثمن جهودكم الحثيثة المبذولة،
وتدابيركم الحازمة الرامية إلى الحفاظ على طلابنا في ظل وضعٍ معقدٍ يحتاج منا جميعًا التكاتف والتضامن؛
نحن – معاشر معلمي مصر – معكم شبرًا بشبرٍ، وذراعًا بذراعٍ، الكتف في الكتف، والقدم في القدم، نساند ونعضد وننهمك في دعمكم غير عابئين بإنهاكٍ أو إجهادٍ،
ولدينا القوة والعزيمة في مؤازرتكم. لكننا، ولمسئوليتنا التربوية ومن ثم الإنسانية،
نبادر بالقول الحسن، وبالحق نشهد أن طلاب الصف الثالث الثانوي على وجه الخصوص
أصابهم الوهن والضعف وقلة الحيلة لما تشهده جوارحهم من عسرٍ مفجعٍ أصابهم بشراسة في مقتل ليعصف بأحلامهم،
ويهدد مستقبلهم في شهورٍ يعولون على استثمارها الأمثل الكثير والكثير وبدلًا من أن تشكل لهم أمل النجاة إذ بها تلقي بهم دون رأفة وبمنتهى الضراوة بين براثن الذعر والهلع المهلكَين. إن تلك الظروف- الخارجة عن رغبة الجميع –
أرهقتهم وسببت لهم الإحباط، وتسرب اليأس إلى قلوبهم الربيعية؛ فشتتها واستنزفتهم المحنة والكرب العظيم. إن أكثر المتشائمين المغالين في التطير، و المتشددين في السوداوية، والغارقين في الظلام
لم يكن ليخطر ببالهم هذا السيناريو الحاد المتأتي في توقيتٍ قاتل ومدمر. فأختُرقت خطوط مناعتهم التعلمية، وأصيبوا بحمى التخلي عن مطالعة مناهجهم، وجفت مياه الاستعداد لامتحانهم المصيري في حلوقهم، وباتوا يبحثون عن عقار التشفي في معامل وزارتكم. وفوق نكبتهم نُضف أنهم آخر أعوام النظام القديم؛
فيمثل لهم الاحتكاك المباشر مع المعلم خيارًا لا مهرب منه، وهذا عكس طلاب الصفين الأول والثانى الثانوي اللذين اعتادا على الاستذكار عن بعد عبر المنصات التربوية على الشبكة العنكبوتية بل ويتم تقويمهم من خلالها.
وعليه، نناشد سيادتكم باتخاذ التدابير اللازمة التي من شأنها المساهمة في تطييب ندوبهم عن طريق إلغاء الامتحانات غير المضافة للمجموع، وحذف الجزء الأخير المتسق مع شهر أفريل ومايو في توزيع المنهج.
ربما تمثل لهم هذه الآلية- على المستوى النفسي – الرغبة في العمل الجاد المثمر الذي تُرك جراء سياقٍ راهنٍ متأزمٍ، ونازلةٍ روَّعتهم وأثبطت عزيمتهم.
كما أننا ننصح الطلاب أنفسهم بالثبات الانفعالي، وإثبات أنهم أقوياءٌ في مجابهة تلك الصعاب، و تخطيها بروح الواثق الجسور، وشخصية المتزن الشامخ.
عليكم – أبناءنا – بالجد والاجتهاد والمثابرة، وغلق منافذ مواقع التواصل الاجتماعي لما تسببه من خسارة؛
فعقوق الوقت إضاعته فيما لا منفعة فيه، وحتى لا تنساقون بسببها إلى الانجراف وراء الشائعات والأخبار الكاذبة التي من شأنها تجريفكم بعيدًا عن هدفكم وبغيتكم.
طلابَنا، لا تجعلوا الظن أن بدون المعلم لن يتسنى لكم الفهم …يصيبكم ، فيصيبكم تفشي فقدان الرغبة في المطالعة وتفقدون القدرة على استغلال طاقاتكم الإيجابية، وتلك معضلة هدامة، ودوامة شائكة كفيلة بعزلكم في متاهات الجهل،
فشمروا عن ساعدكم ، وابتروا خوفكم ، واكبحوا جماح بأسكم واستنفروا جهدكم ، واستبسلوا ، و توكلوا على من إليه المشتكى، تُبشَّروا بالنجاة.
وبها لن تستطيع الهزيمة التسلل إلى روحكم، وإننا في هذا الصدد نؤازركم ونشجعكم فأنتم وقود المستقبل وأنشودته التي تصدح بها أعمق أمنياتنا،
وأنتم المؤتمنون على الأرض والوطن، ونحن إذ نحصنكم بمصل الصمود والتحدي إنما نقوم بواجبنا تجاهكم.
وختامًا إننا نثق أننا سنتجاوز هذه المحنة معًا وهامة إنسانيتنا شامخة، ستقودنا التربية في الظروف القاهرة قبل الهانئة نحو روعة الحياة، وجمال الوجود. والسلام…