الكاتب رعد التميمي
منذ بزوغ فجر يوم الجمعة من كل اسبوع يتهيأ اغلب ابناء العاصمة بغداد للتوجه الى حيث الثقافة والفنون ونعنى بذلك شارع المتنبي المتفرع من شارع الرشيد . ومع كل خطوة تخطوها تجد انواع الكتب وأندرها والاسعار حسب نوع الكتاب وسنة طبعه ومادته .. الى ان تقودك قدماك لا شعوريا صوب مقهى الشاهبندر.
التي تعد من أشهر المقاهي القديمة في بغداد، وأصبحت من الأندية الاجتماعية التي تكمل دورة الحياة اليومية في الوقت الحاضر لذوي الميول المتقاربة والمهن المتشابهة، وهي من المقاهي التي تجلب الزوار الأجانب ايضاً وهي في الوقت نفسه مقهى شعبي يشعر فيه المرء عند الجلوس بالبساطة والانزواء، بعيداً عن هموم ومتاعب العصر واللهو البريء. ان هذه المقهى قد أنشئت عام 1917 في بداية الاحتلال البريطاني لمدينة بغداد، وان انشاء بنايتها يعود الى نهاية القرن التاسع عشر الميلادي، تمتاز هذه المقهى بالطراز المعماري البغدادي الاصيل، وهي مشيدة بالطابوق والجص، ونظراً لفخامة هذا البناء وانفراده من حيث التصميم والهندسة التي برع فيها المعمار العراقي فانه يعد من أهم المواقع الأثرية الشاخصة الى اليوم في بغداد، مما جعل السواح والمراسلين الأجانب والمحطات الفضائية يتوافدون اليها للتمتع بالمقهى والافادة من المثقفين والأدباء ويعقدون المقابلات الشخصية مع الجمهور البغدادي داخل المقهى، من الجدير بالذكر ان اسم هذا المقهى سُمّي بأسم أصحابه من أسرة الشابندر العائلة البغدادية القديمة التي عُرفت بالغنى والجاه، وانجبت رجالاً عرفوا في مجال التجارة والسياسة، وعميد هذا البيت هو الحاج محمد سعيد بن الحاج احمد اغا الشابندر الذي كان والده رئيس التجار في بغداد وعيناً من أعيانها وكرمائها وأخذ الاسم من هذه المهنة (رئيس التجار أي شابندر التجار)
الإعلامي علي الخالدي قال “مقهى الشابندر يمثل ذاكرة الثقافة والأدب في العراق، لأنها رئة شارع المتنبي الذي يحفل بالمكتبات الممتدّة من أول الشارع وانتهاءً بهذا المقهى الذي يستمتع فيه روّاد الشارع بعد تجوالهم بين المكتبات، وفي هذا المقهى جلس الكثير من أعلام العراق وأدبائه ومثقفيه. وحتى هذه اللحظة ما زالت النقاشات تدور في أرجاء المقهى حول الشعر والأدب. يبقى مقهى الشابندر جزءاً مهما من تأريخ الذاكرة العراقية.
الشاعر والاستاذ الجامعي قيس ياسين عدّ المقهى شاهداً على إصرار المثقفين على اللقاء رغم الظروف المريرة التي يواجهها البلد.وأكد أنه من رواد المقهى منذ أكثر من عشرين عاماً ولكن بشكل متقطع.وقال ياسين ” المقهى محطة استراحة للمتبضعين على اختلافهم، الأدباء والهواة والقراءة وأيضا أولياء أمور التلاميذ الذين يأتون لشراء القرطاسية، و ألتقي بمن ظل على قيد الحياة أو من لم تمنعه ظروفه الصحية من الحضور من الأصدقاء والزملاء والمعارف.
وعلى ما يبدو لو اننا قلبنا صفحات التاريخ الادبي والثقافي والعلمي في العراق لوجدنا اسم مقهى الشابندر مسطرا في اورق تأريخنا اذ لا يخلو ذهن اي زائر لشارع المتنبي من اسم مقهى الشابندر الذي يعد البيت الحاضن لادباء وعلماء العراق خاصة والعالم عامة .