الأدب و الأدباء

اللؤلؤ المكنون …

احجز مساحتك الاعلانية

كتبت ؛ فايزة ربيع ..

تلك هي نسمات الحياة وعبيرها …
رحمات الكون و أحضانه الدافئة …
تلك هي الأنثى التي احتارت الأقلام في شهادتها وهي تدلي بفضائل تلك المخلوقة الرائعة و التي تفنن كلاً من الشعراء و الأدباء في وصف جمال روحها والذي يضاهي الحياة بأسرها ..
نعم ! إنها هي تلك التي أراها كلما نظرت إلى أمي و أختي و صديقتي , فلم يسعني إلا أنحني حباً و إعجاباً لهذا الينبوع من الحب و الحنان الذي لا يجف و لا ينضب
فهي التي خلقت لتكون الونس و السكن …
فعندما خُلق آدم عليه السلام , و أسكنه الله الجنة فاستوحش , فبينما هو نائم خلقت حواء من ضلعه , فلما استيقظ رآها
فسألها : من أنت ؟ قالت أنا إمرأة
قال : ما اسمك ؟ قالت حواء
قال : لما خلقتي ؟ قالت لأكون سكناً لك
فهي خلقت و تعي دورها جيداً والتي فطرت عليه من أجل أن تعطي و تساند وتضحي بدون مقابل , وهبها الله قلباً هو في الحقيقة وطناً و ملاذاً لكل أحبتها و لكل من هم تحت مسؤليتها و رعايتها
و ذلك بتكليف من خالقها و برحمة من رحماته الكثيرة أودع فيها هذة القوة و التي بها ستحمل على عاتقها جعبتها المعبئة بهموم من تحب , و بيدها الحانية ستمحو الآلام و الدموع عند السقطات و الأزمات , و تحنو عليهم عندما تقسو الدنيا و تدير لهم وجهها , و تربط على ساعديهم لتدفعهم للأمام ’ و أيضاً تحميهم عندما يهنوا و يضعفوا ! نعم تحميهم ، فليست الحماية قاصرة على الأقوياء أشداء البنيه أصحاب القوامة !! فمن الممكن أن تتمثل القوة في قلب يتألم منك و من أجلك في نفس الوقت , قلباً تتحكم فيه الأحاسيس و المشاعر التي لا تكل و لا تمل من العطاء و الحب و التسامح
هي كذلك ….
خلقت بهذا النقاء و لكن !!!
قلما من يظل فينا كما خلق بدون أن تضع الدنيا و شقائها عليه لمساتها و صبغتها !!
فهناك دائماً الظروف ، و الأشخاص ، و ضغوط الحياة التي لم ترحم فينا من أحد , و التي لها دور في قسوة كلاً منا على الآخر ’ فهنا تتلاشى المشاعر , و في بعض الأحيان تتبدل الأدوار ’ و ما أصعبه من إحساس حين تضطرنا الظروف لتجسيد دوراً نتخلى فيه عن جزء من إحساسنا بذاتنا ..
فحينما فُقد من يمنحها الإحساس بالطمآنينة و الآمان لتستمد منه قوتها , فها هي على الفور و بكل بساطة تتخلى عن أنوثتها لتتحمل المسؤلية كاملةً, و كثيراً ما تكون هذة المسؤلية عبئاً عليها و أكبر من قوة تحملها , و لكنها لم تجد بديلاً , فليس كلهن يميلن لأن يعيشن في دور الضحية و المغلوبة على أمرها , و يمنعها من ذلك عزة نفسها و كبريائها , و أيضاً لما تمليه عليها عاطفتها التي تسبق عقلها , و ربما كانت هذة العاطفة سبباً في إيقاعها في المحظور أحياناً و الخطأ إلى حد ما كثيراً.!..
و لكنها غالباً ما تقرر بعد هذة الضغوط أن تخوض المعركة بنفسها في ساحة الحياة الدنيا , و كما نعلم أن الواقع دائماً صادم ! و خصوصاً في بادئ الأمر , لأنه يحول بينها و بين خيالها و الذي هو جزء من تكوينها , فهو عادةً ما يزين لها الأمور و يهيئ لها دائماً بأن كل شيئ سيصبح على ما يرام و لكنها يقيناً ستعاني لما ستجده من حياة قاسيه في مناخ لم تخلق له…
و ياليتها عندما تخطئ أو تتعثر تجد من يلتمس لها عذراً !!
فالكل قاضي .. و الكثير جلادون
و لو أن أحداً ممن يهمه الأمر إلتفت إليها و إلى ما تشعر به لانقضى الأمر و عادت الأمور إلى قواعدها سالمة ..
و لكن هناك الكثيرات اللاتي لم يدري أحداً عن مشاعرهن شيئاً و التي تكاد أن تنقجر بداخلهن كالبركان عندما تتخبط و تفقد إتزانها ..
لا يدركون أنها في أشد الحاجة لمن يحتويها و يكون مسؤلاً عنها و عن سعادتها , و هذا ليس بالكثير ! فكل ما تحتاج إليه هي الأخرى “سكناً” تصحو و تغفو فيه بسلام
فهل من يد حانية تمتد إليها لتحملها و تعيدها لمحارتها !!
نعم تعيدها إلى محارتها ، فهي بالفعل كاللؤلؤة التي طالما نراها جميلة براقة تزين مكانها أينما وجدت , و لكنها حين انتزعت من محارتها فقدت الحياة , فهي خلقت بداخلها كي تحميها و تحافظ عليها من أن تجرح أو تخدش ..
و لكن كما أن الغافلون عن هذا الكنز كثيرون , إلا أن هناك أيضاً الكثير من الأسوياء الذين يقدرون و يجيدون الرفق و المودة و الرحمة
فهنيئاً مريئاً لهؤلاء اللذين إذا رزقوا لؤلؤاً أجادوا تهيئة المحار اللائق به ..
فليسعدوا بحياة كجنة فيها يحيون و لهم فيها ما يشتهون مع اللؤلؤ المكنون .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى