حصرى لــ"العالم الحر"مقالات واراء

القيسى.. حلمي أن يتبعَ العراقُ خطى اليابان ؛ ونطمحُ مستقبلاً إلى الشّرِاكةِ الكاملة من أجلِ إعادة إعمار العراق ]

احجز مساحتك الاعلانية

 

الصحفى خالد عبد الكريم 

حصريا لجريدة الاخبار المصريه وجريدة العالم الحر

إلتقى الكاتب والصحفي ” خالد عبد الكريم ” معاونَ عميدٍ الشؤون العلمية في كلية الآداب جامعة بغداد
البروفيسور ” محمود القيسي ”
بين جنباتِ شارع الرشيد ومن مقهى الزهاوي تحديداً
فأنطلق اللقاء بالسؤال الأول

.
س / ماهي البطاقةُ الشخصيةُ للبروفسور محمود القيسي عرفنا بنفسك؟
– أنا محمود عبدالواحد محمود القيسي تخرجتُ من قسم التاريخ _ كلية الآداب جامعة بغداد عام 1989 وكنت الأول على القسم ، إلتحقتُ بخدمة العلم التي لم تدمْ إلا لثلاثةِ أشهر فقط! في ذلك الوقت كان الخروج من العسكرية حلماً وإنجازاً كبيراً . إلتحقتُ بالدراسات العليا عام 1990 فحصلتُ على شهادة الماجستير في التأريخِ الأوروبي عام 1993 ، وعينتُ في جامعةِ تكريت بذات العام . أستمرَ عملي في جامعة تكريت كلية التربية_ قسم التأريخ وتدرجتُ في المركز العلمي إلى أن وصلتُ إلى رئيس قسم حتى عام 2006 بذات الوقت كنتُ متواصلاً مع جامعتي الأم كلية الآداب قسم التاريخ تحديداً في بغداد؛ اواصلُ عملي كمحاضرٍ فيها حتى عام 2006 وتوتر الوضع الأمني تقدمتُ بالطلب النّقل إلى جامعة بغداد بإصرار من أساتذتي الذين هم أصحابُ فضل كبير علي جدا ومنهم الأستاذ الدكتور ” مرتضى النقيب ” الذي أصرَّ على تواجدي كرئيس قسم التأريخ خلفاً له وحدث ذلك من عام 2010 إلى 2013 بعدها عملتُ رئيساً للجنة الترقيات العلمية من عام 2013 وحتى 2017 . وبذات الوقت من نهاية العام أصبحتُ معاونَ عميدٍ للشؤون العلمية وهذا هو مركزي الحالي في كلية الآداب جامعةبغداد ، وأستاذٌ في قسمِ التأريخ متخصص في العصور الأوربية الوسطى وهذا التخصص صعب ومهم بذات الوقت ! لأنه يتطلبُ معرفةً باللغاتِ الأجنبية والحمدلله انا أتقنُ اللغة الإنجليزية والفرنسية والآن في طورِ التّعلُم للغة الألمانية .
س / حدثني قليلاً عن بدايةِ نشأتك؟ ومن هو الداعمُ لمسيرتِك الشخصية ؟
– بداية نشأتي ولدتُ في منطقةٍ شعبيةٍ في العاصمة بغداد وهي منطقةُ الفضل ، وهذا الأمر أعتزُ به كثيرا ؛ لأن المناطق الشعبية في بغداد تمتازُ بتنوعها الثقافي وخليطها السكاني المتنوع وقربها من شارعِ الرشيد في بغداد وانا أغلبُ حياتي قضيتُها في هذه المنطقة العزيزة. فأكملتُ الدراسةَ الابتدائية في مدرسةِ الهيثمية التي تتواجدُ في منطقة المهدية ثم أكملتُ الدراسةَ في الاعدادية المركزية. ومن مفارقات الغريبة في حياتي ؛ اني ذهبتُ إلى تخصصِ الأدبي بالتأريخ وانا درستُ الفرع العلمي ؛ وكان طموحي أن أدخلَ كليةَ الطبِ أو الهندسة ولكن شاءَ القدرُ أن تخطأ ابنة الجيران في ملّأ الإنسيابية الخاصة بيّ وذهبتُ إلى دراسةِ التأريخ التي لم أرغبْ فيها بالبداية وحاولت كثيراً لتصحيح الخطأ ولكن لم تفلحْ محاولاتي فواصلتُ الدراسةَ في قسمِ التأريخ وتفوقتُ في هذا التخصص .
س / بمن تأثرَ البروفيسور محمود القيسي؟ وما هي البصمة التي يسعى إلى ترسيخِها في الأجيال التي عاصرَها ؟
– ومن الشخصيات التي تأثرتُ فيها هو الأستاذ “حسين محمد القهواتي” ، الذي أثّرَ فيّ جدا فعشقتُ التأريخَ للعصور الوسطى من خلالِه وأيضاً الكبير ” كمال مظهر أحمد ” وهو أكبر أساتذة العراق بالتأريخ أيضاً الأستاذ “مرتضى حسن النقيب” وكذلك الدكتور” هاشم التكريتي” والأستاذ “صادق السوداني” كذلك الدكتور” صالح العابد ” الذي أشرفَ عليّ في دراستي للماجستير والدكتوراه ، هؤلاء الأساتذة جميعهم درسوا في الجامعات الغربية ولهم بصمة كبيرة في بناء جيلنا الذي كان يعاني من الإنغلاقِ والعزلةِ خاصة في عهد الثمانينات والتسعينيات ومعاناة البلد من الحصار والعزلة عن العالم فهم كانوا النافذةَ الضيقة التي نرى من خلالِها العالم ونطمحُ للوصول إليه .
س / ما هي الفائدة التي حققتُها من دراستك لتأريخ أوربا في العصور الوسطى؟ وهل أنت مؤمنٌ بأن التأريخ يعيدُ نفسه دائماً ؟
– التأريخ يقْسمُ على ثلاثة مراحل : الأولى التأريخ القديم , والثانية هي العصور الوسطى , والأخيرة هي التأريخ الحديثفالعصور الوسطى هي مرحلة إستمرتْ تقريباً ألف عام من حياة الأوربيين في هذه الحقبة من الزمن ظهرتْ الكنيسةُ الكاثوليكية وأصبحت المسيطرةَ على هذه الشعوب بشكلٍ تام ، كما هي الحالة اليوم في سيطرة الإسلام السياسي في المنطقة العربية ، كذلك هي تمتازُ بوجود علاقة بين جانب الغرب والشرق، سواء كانت علاقة تلاقح حضاري أو علاقات عداء ، فهذه الفترة من التأريخ صعبة وشاقة جدا ؛لانها تتطلبُ تحدٍ ؛ كون مصادر دراستها جلّها باللغات الأجنبية وأيضاً هي مرحلة مفصلية ومهمة . بالنسبة إلى التأريخ هل يعيدُ نفسه دائماً؟ قد تتكرر مرحلة من التأريخ ولكنها لا تُعاد بذات الطريقة التي مرت بها سابقا. ومثال على ذلك عندما حاولَ نابليون غزوَ روسيا عام 1812 فكانت مقبرةُ نابليون وجيشه هي روسيا ، فكسرُ جيشه على يد جنرال ونتر “وهو جنرال الشتاء ” كان الروس يعبروه المحارب الأقوى إلى جانبهم فدمر نابليون. كذلك هو التاريخ يعيد نفسه عندما قرر القائد الألماني هتلر أن يحتلَ الإتحادَ السوفيتي كان هو بداية النهاية للجيش الألماني ، هذا ما أكد عليه الخبراء في التأريخِ وتخيل لو سمعَ هتلر نصائحَ الخبراء ولم يقدمْ على إعادة تجربة نابليون بونابرت لتجنبَ خسارة الأمة الألمانية هذه الخسائر الفادحة . لذلك من دراستك لتأريخ تتعلم العبر والدروس التي ممكن أن توجهها في المستقبل. وما يحصلُ الآن بالوقت الحاضر في العراق لو نعود إلى التأريخ ونفهم لماذا سقطَ العهد الملكي ؟ ولماذا سقط نظام البعث ؟ واحد من أهم الأسباب الأساسيةُ في إسقاط هذه الأنظمة السابقة بالعراق وهو قمعُ الحريات والتجاوز على حقوق المواطنين ، كذلك التشبث بالسلطة، أيضاً استخدام السلطة في غير أماكنها الحقيقية . ومن الممكن أن يقومَ النّظام الحديث في البلد اليوم قراءةَ التأريخ السابق للعراق ودراسة هذه الأحداث جيدا والعمل على تجاوزها لما تواجدت المشكلات اليوم بين النظام والشعب .فمشكلة العراق هي القطيعة مع الماضي التأريخي وتتعاملُ معها على أنها فترةٌ مظلةٌ ويجب ان لا نعود لها مهما كانت الأسباب. وهذه هي الكارثة التي تولدُ إستمرار الخطأ دائماً وتؤدي إلى النتائج السلبية .
س / كيف بدأت بمشروع التعاون الأكاديمي بين جامعات العراق واليابان ؟ وما هي أهم أهدافك المستقبلية من هذا المشروع العظيم ؟
– في العام 2005 كان أول مرة في حياتي أخرج بها خارج أرض الوطن حيث شاركتُ في مؤتمرٍ علمي عن العراق كان يحملُ عنوانَ مفاهيم الذات والآخر في العاصمة الأردنية عمان وهنا تم لقائي بالدكتورة اليابانية كيكو ساكاي حيث كان لقائنا عابرا وسألتني الدكتورة اليابانية عن العراق وتأريخه . تبادلنا الحديث شاء القدر أن أعودَ إلى العراق بعد ثلاثةِ أيام اجدٌ رسالةً خاصة على إيميلي من الدكتورة “ساكاي” التي تخبرني فيها هل ترغبُ بالقدومِ إلى اليابان ؟ التي نطلقُ عليها تسمية بلاد (الواق واق) . وهذه التسمية أصلها من الصين وتعني( واكو _ واكو ) بمعنى قرصان قرصان . بسبب العداد بين الصين واليابان في ذلك الوقت التي أخذها العرب وأصبحتْ التسمية على تلك الشعوب بلاد الواق واق هي بلاد ما وراء النهر . فأجبت بالقبول لتلك الدعوة وانا فرحٌ بها وكان البرنامجُ لمدة شهرين من هذه السّفرة الشاقة بمراحلِ الطيران والإجهاد قررتُ أن اغيّرَ مسارَ حياتي وقلت بعد العودةِ آن الآوان أن أوسعَ تطلُعاتي خارج الوطن وان أقدمَ خدمةً لزملائي من الباحثين العراقيين فأنطلقتُ بتأسيس برنامج دراسات التأريخ العراقية اليابانية وكان أنطلاقُ هذا المشروع عام 2007 من جامعة بغداد كلية الآداب ، والحمدلله هذه هي البصمة التي أسعى إلى ترسيخِها دائماً.
هدفنا الأساسي هو فتحُ قناة التواصل مع اليابان والإستفادةِ قدر الإمكان من التجاربِ اليابانية في إعادة الإعمار والنهوض وتمثيل هذه التجارب الحية على أرض الواقع في العراق . واستثمارُها في إعادة إعمار العراق بشكل فاعل إن شاء الله مستقبلاً.
س / علمتُ بأنّكَ حصلت على ثاني أعلى وسام من إمبراطور اليابان، ماهو شعورك وانت تحصدُ هذا الوسام الفذ ؟
– نعم لقد كرمتُ من قبلِ وزير الخارجية الياباني بهذه الجائزة العظيمة التي تمنحُ فقط للشخصياتِ التي تقدم خدمة لدعمِ علاقات اليابان الخارجية مع دول العالم . وبما اني كنتُ من وجهة نظر اليابانيين سبباً في تطوير العلاقات الثقافية والأكاديمية بين البلدين كرمتٌ على أثرِها بهذا الوسام في عام 2014 والحمدلله. كان شعوري جميل جدا وقتها وسبب نجاحي يعودُ إلى العملِ الجماعي الذي قدمناه جميعا انا وزملائي الأساتذة والباحثين وإدارة جامعة بغداد وجهود الوزارة كلنا فريق عمل واحد نسعى إلى تحقيق النجاح دائماً.
س / من خلال معايشتك المستمرة ما هي أوجه التشابه بين المجتمع العراقي والياباني ؟وكيف تختصرُ لنا نقاطُ القوةِ بين المجتمعين؟
– من خلالِ زيارتي لليابان في العام 2005 كان العراقُ وقتها يعاني من الاحتلالِ الأمريكي وقد اشتعلتْ توا الحرب الطائفية وقتها اليابان أيضاً عاشت تحت سلطة الاحتلال من قبل الولايات المتحدة الأمريكية. إذن هنا وجه التشابه البلدان تعرضتْ لنفس المحتل . وكانت المحاضرات التي حضرتُ قسماً كبيرا منها تكون دائماً تحت عنوان ” كيف استطاعتْ اليابان النهوضِ من جديد بعد كل أزمةٍ وهزةتعرضت لها ” صراحة هذه الفكرة جداً جذبتني وقلت كيف لا نستفيد من تجربة اليابان ؟ خاصة وإنها تعرضتْ إلى مأساةٍ كبيرةٍ ؛ كانت الهزة الأولى في عهد الإمبراطور إيلو .حيث استطاع الأمريكان أن يخرجوا اليابان من عزلتِها وتكيف اليابان مع هذا الأمر وانفتحت على العالم .أما الهزة الثانية والأقوى هي عام 45 حينها اليابان تعرضت للدمار الشامل والكارثي كان يوميا مئة ياباني يموتون من الجوع . بعدها اليابان خلال 20 سنة فقط استطاعتْ بناء نفسها وتخلصت من الاحتلال الأمريكي . كذلك هي ذات الحالة تكررتْ في كوريا . وهذه التجارب استهوتني كثيراً وحفزتني في عمل هذا البرنامج الأكاديمي طبعاً بدعم وتفاعل العديد من الزملاء وعُمداء الكليات وحتى رئيس الجامعة متفاعل معنا والآن هو يتسع ويتطور مؤخراً جامعة بغداد عقدت مذكرة تفاهم مع جامعة جيباكا والآن نحن نفتخرُ بهذا البرنامج الأكاديمي الرائع .
س / بعد نجاح تجربةٌ اليابان كيف إستطعتَ تطوير مشروع التعاون الأكاديمي بين جامعات العراق وكوريا وحتى ألمانيا ؟ وماهي الفوارقُ التي تعايشَ معها البروفيسور محمود القيسي بين مختلف الجامعات العالمية التي تعاملت معها ؟
– اقول لك بكل صراحة انا لا أنسبُ النجاحَ إلى نفسي فقط بل نحن مجموعة وفريق كامل جميعنا نشاركُ في نجاح هذا العمل . فبعد نجاحنا في اليابان توسعَ عملُنا والآن لدينا مشاريع جديدة نحن في صدد تطويرها بشكلٍ جدي ، منها مشروع “تعاون مع الإتحاد الأوروبي” يحمل اسم أون لادو . ومشروع آخر أسمه ايدو . وهو مشروع تعاون مع جامعات لندن .غالبيةُ الجامعات التي تعاملتُ معها هي جامعات عالمية رصينة الفوارقُ ، هنا تكون بسيطة وترتبطُ تحديداً بطبيعة كل شعب ونحن من كل جامعة تعلّمنا شيئا منها ؛ فمن الجامعات الألمانية تعلمنا الصرامة والدقة والرصانة ، أما الجامعات اليابانية تجمعُ بين الدقة والرصانة والإنسانية خاصة في التعامل مع الشرق الأوسط اما الجامعات الكورية أيضاً لها أهمية كبيرة لا تقل عن نظيراتها.
س / عند دراسة وتحليل البروفيسور محمود القيسي للتجارب الكورية والنهضة التي حققَها الكوريين كيف يمكنُ ان تستغلَ هذه التجارب والحلول في الوضع الحالي للعراق ؟ وهل هناك أوجه للشبهِ بين العراق وكوريا الجنوبية برأيك الشخصي ؟
– صراحة عندما زرتْ اليابان في البداية وشاهدتُ وتعرفتُ على التجربة اليابانية الناجحة في النهوضِ والازدهار ، أصبح لدي الشغف الكبير في التعرف على البلدان التي تأثرتْ بتجربة اليابان ومنها تجربة كوريا والصين وماليزيا ، التجربة الكورية كنت قريب منها بزيارتي الأولى لعام 2008 بزمالة بحثية وأيضاً بعدها زرتها مرتان كمشاركة بمؤتمرات فلاحظتُ عندما تتجول في كوريا تتخيلُ نفسك في اليابان من شدةِ التأثر بالتجربة اليابانية وان كوريا أقرب إلى الشرق الأوسط والعراق من اليابان على الرغم من اختلاف المعتقدات ولكن كوريا استطاعتْ النهوضِ خلال 40 عام واستطاعَ تجاوز الاحتلال الأمريكي والنهوض والتحول من الدكتاتورية إلى الديمقراطية وهذا كان موضوع أحد طلبتي المتميزين ” فاروق المعيوف ” الذي قدمها برسالة الماجستير وكانت رسالة رائعة تلخصُ عملية نهوض كوريا وتحولها اقتصادياً من دولةٍ فقيرة في القاع إلى دولةٍ عالمية غزتْ منتجاتها جلّ دول العالم بالصناعة المختلفة الآن من 60% إلى 70% من ميزانية كوريا تعتمد على شركة هونداي و سامسونغ، والآن كوريا هي الحقل البكر الخاص للدراسة للدراسة وتحليل النتائج وتطبيقها في أرض الواقع.
س / ما هو سرُّ نجاحِكم ؟ وبماذا تنصحُ شباب اليوم لمواصلةِ مشوراركم والسّير على نهجكم العظيم ؟
– صراحة انا لا أحبُ أن أنسب النجاح لي وحدي بل هو نجاح جميع أعضاء الفريق الذي يعمل معي وأقولُ نحن حققنا النّجاح في بداية رسم العلاقات الثقافية والأكاديمية بين العراق وهذه البلدان المتقدمة اليوم في مختلفِ المجالات. إن كل مشروع يبدأ بفكرة والفكرة تستمر لتصبح مشروع وينمو ليكون هدف دولة بكاملها . حلمي أتمنى أن يتبعَ العراقُ خطى اليابان ونطمحُ إلى شراكة كاملة مع اليابان والإستفادةِ من تجارب اليابان العظيمة. خاصة في القضاءِ على الفساد وهنا انا اقول برأي الشخصي أسهل طريقة للقضاءِ على الفساد هي وضع ميزانية الدولة العراقية في “بنك بيتسوي” ؛ وهو واحد من أكبر المصارف اليابانية ، واليابانيون معروفٌ عنهم الشّفافية والنزاهة من هنا يستحيل على أصحاب الكومشنات أن يحصلوا على واحد دولار. من هنا الفساد لا يستطيع النفاذ .أنصحُ الشباب العراقي أن لا يعتمدْ الإعتماد التام على الدولة حددْ المجالَ الذي ترغبُ الانطلاق فيه، ادرسْ المشروعَ على الطريقةِ اليابانية وهي أن تأخذَ أطول فترة بالدراسة ومن ثم تنفذ بسرعة البرق بعد أن ضمنتَ نقاطَ القوة والنجاح.
س / لو طُلِب من البروفيسور محمود القيسي أن يقدمَ خطةَ عملٍ مستقبلية لإصلاح المؤسسة التعليمية في العراق ، ماهي الخطوات الأساسيةُ التي ستعتمدها ؟ وهل العراق قادر على اللحاق بالدول المتقدمة في هذا المجال؟
– في البداية انا لا أدعي إن لدي حل سحري لكن فكرتي الأساسيةُ هي الآتي :أولا : التخلص من المركزية في التعليم . وهذا ما يحدثُ بشكل واسع في العالم هناك نوع من المرونة واللامركزية في التعليم ، بمعنى كل جامعة لديها نظام خاص وميزانية خاصة بالاضافة الى الدّعم الحكومي .ثانيا : الإعتماد من أجلِ الجودة على المزيد من الإندماج مع الأكاديمية العالمية ومواصلة طرق التواصل إلى ما توصلت إليه الجامعات العالمية وهذا ما كان حاصل في العراق بزمن السبعينات. ثالثا : يجب ان تخصصَ ميزانية الدولة الحصةَ الأكبر للتعليم من وجهة نظري ؛ اذا كان لديك تعليم جيد لن تحتاجَ إلى شرطةٍ كثيرة ولا جيشٍ كبير ، فإذا عملتَ على تخريج جيل ذا عقليات متنورة ومستويات عالية من العلم والمعرفة ؛ لن يستطيعَ داعش وغيرها أن يغير أفكارهم ويدخل قلوبهم .أما بالنسبةِ للشقِ الثاني من السّؤال فمن خلال اختلاطي بالاجانب جميعهم يقدرون العقلية العراقية وحتى جينياً نحن معروفون لدى العالم بالذكاء والتّميز بالرغم من كل الظروف الصعبة التي تحيط بنا . لكن العراق لازال يملكُ فرص كبيرة في التقدم والازدهار لأنه يمتلك إمكانية وعقليات كبيرة جدا ونحن قادرون على اللحاق بالدول المتقدمة اذا ما قضينا على الشّواذ الذين يحاولون استغلال الفرص في مخلف المجالات لتحطيم العراق وإيقاف عجلة التقدم.
س / ما هي أهم الرسائل التي أشرفَ عليها البروفيسور “محمود القيسي” وتركتْ فيه نفسه أثرا طيبا ؟ وبمن تعتز من تلك الرسائل التي قدمها طلابك ؟
– أنا أشرفت على العديد من الرسائل العلمية بصراحة وإن اوّل رسالة أشرفت عليها في جامعة بغداد واعتزُ بها كثيرا هي رسالة (طارق جاسم حسين) عن جذور التحديث في اليابان، أيضاً هناك رسالتنا عن العصور الوسطى كانت للدكتورة “مواهب عدنان أحمد ” ، الماكناكارتا العهد الأعظم وأيضاً رسالة ( فاروق خالد المعيوف) من الرسائل التي أعتز بها جدا ومهمة جداً وهي كانت عن التجربة الكورية بعهد شونك هي بارك ودوره الاقتصادي والسياسي والاجتماعي في تطوير كوريا ، أيضاً رسالة الطالب “مرتضى” عن هارون الرشيد وشارلمان كانت من الرسائل القمة التي أشرفت عليها. ايضا علاء فاضل أحمد و صالح حسن عبدلله من جامعة تكريت، ولا أريد أن نسى أحد طلابي كونهم سوف يأخذون من خاطرهم عني فكل من أشرفت عنهم كانوا متميزين وناجحين والحمدلله.
س / لمن تحبُّ أن تقرأَ دائماً ؟ وهل لديك مؤلفات خاصة ؟
– أحب أن أقرأ دائماً في تخصصي ولدي الحمد لله مكتبةٌ كبيرة جدا باللغتين الإنكليزية والفرنسية. وأيضاً لدي مكتبة أخرى أصبحتْ كبيرة جدا في الدراسةِ اليابانية .من الكتاب العراقيين الذين اقرأ لهم دائما واكتشفُ الأشياء الجديدة له هو الأسطورة “علي الوردي” وأيضاً المرحوم “فالح عبد الجبار”والذي يعتبرُ شخصية عالمية وهو صاحب مشروع “كيف يمكن إعادة بناء مفهوم الأمة والدولة في العراق” وهو من تلاميذ الوردي .أما بالنسبةِ للمؤلفات الحمدلله لدي العديد من المؤلفات عن تأريخ العصور الوسطى لدي كتاب (شارلمان والآخرون) وأيضاً كتاب مترجم اسمه (هارون الرشيد وشارلمان ) لأحد المؤرخين الإنكليز اسمه بوك لان. عملت على ترجمته للغة العربية. وأيضاً لدي كتاب مترجم آخر عن تأريخ العراق المعاصر . ولدي أيضاً مجموعةُ كتب عن اليابان اعمل في ترجمتها انا واحد الزملاء منها كتاب مشروع الأحزاب الإسلامية في العراق والآخر عن العلاقات بين العراق واليابان ، ولدي أيضاً كتابان عن علي الوردي ، كذلك لدي أكثر من مئة مقالة منشورة في جريدة الزمان العراقية تتحدثٌ عن تجارب اليابان وغيرها وأحيانا أنشر مقالات مترجمة عن اللغات الإنجليزية والفرنسية.
* كلمةٌ أخيرة تُحبُ أن توجهها لكلِ من سيتابعُنا ؟
– في نهاية هذا اللقاء الرائع أحبُ أن أشركَ شخصياً استاذ خالد على هذا المجهود الرائع وأيضاً الشكر موصول الى الأستاذ فاروق المعيوف الذي رتب لنا هذا اللقاء الممتع واسعدتني أسئلتك الذكية جداً صراحة اشكرك عليها وأتمنى لكم التوفيق والنجاح الدائم انتم جيل الشباب والمستقبل النير للعراق .
ونحن أيضاً نقدم شكرنا للبروفسور محمود القيسي الذي إستضافنا في أجمل مكان يحبه في العاصمةِ بغداد وهو شارع الرشيد ومقهى الزهاوي تحديداً الذي أجرينا فيه الحوار وتحيه للقائمين على امر مقهى الزهاوى بالرشيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى