اود بداية أن أعرب عن شكري لجميع من تضامنوا معي بأي صورة على مدى الأيام الثلاثة لـ”استضافتي” من قبل الجيش المصري.
المجال والتوقيت غير مناسبين هنا لرواية تفاصيل الأيام الثلاثة، ولذلك سأكتفي هنا بتسجيل الوقائع بإيجاز.
توجهت صباح الأحد الموافق 8 نوفمبر لمقر إدارة
المخابرات الحربية بناء على استدعاء كتابي للحضور، تسلمته على عنوان منزلي قبلها بثلاثة أيام.
قضيت قرابة ثلاث ساعات في المخابرات قبل أن يتم اقتيادي من
سيارة عبر باب خلفي وتحت حراسة مسلحة إلى هيئة القضاء العسكري بعد أن تم رفض طلبي الاتصال بأسرتي أو بمحامي أو بزملائي المنتظرين خارج المبني.
في القضاء العسكري تم الإبقاء عليّ تحت الحراسة في السيارة لمدة تجاوز خمس ساعات وبعدها مثلت أمام عضو بنيابة شمال القاهرة العسكرية للتحقيق معي كمتهم. قاومت محاولات عديدة من الترغيب والترهيب للتنازل عن حقي في استدعاء محامي ولكن تصميمي على موقفي انتهى بالسماح لي بإجراء مكالمة واحدة لإخطار صديق بمكان تواجدي وباحتياجي لمحامي.
مع حضور عدد كبير من الزملاء والأصدقاء والمحامين من رفاق نضال السنوات بدء التحقيق معي بمعرفة العقيد رئيس النيابة شخصيا وفي حضور قرابة 25 من محامي الدفاع المتطوعين.
انصب التحقيق حصريا على تحقيق صحفي نشرته بموقع “مدى مصر” في 13 أكتوبر الماضي بعنوان “”تفاصيل المحاكمة العسكرية لضباط بالجيش بتهمة التخطيط لانقلاب”. جرى التحقيق على خلفية بلاغ مقدم ضدي من المخابرات الحربية.
في نهاية التحقيق أخطرني رئيس النيابة أنني متهم بإذاعة أخبار كاذبة من شأنها إلحاق الضرر بالمصلحة الوطنية، وبنشر معلومات تضر بالسلم العام بسوء قصد، بموجب المادتين ١٠٢ مكرر و١٨٨ من قانون العقوبات.
بعد انتهاء التحقيق وصرف المحامين تم تسليمي للمخابرات الحربية مرة أخرى وانتظرت في نفس السيارة حتى الحادية عشرة مساء قبل أن تحضر سيارة أخرى على متنها ثلاثة مسلحين يرتدون الملابس المدنية قاموا بتفتيشي بعناية فائقة ثم نقلي إلى سيارتهم ووضع عصابة لتغمية عيني وطٌلب مني خفض رأسي على المقعد المقابل لي.
وصلت إلى مكان لا أعلمه ووقفت فترة في العراء جاءني خلالها طبيب سألني إن كنت أشكو من أمراض أو أتناول أدوية ثم طلب مني خلع القميص والبنطلون وقام بمعاينة جسدي ظاهريا. بعدها سُمح لي بإعادة ارتداء ملابسي وتم اصطحابي لداخل المبني ونزع العصابة عن عيني والتحفظ على كافة متعلقاتي ومن بينها نظارتي الطبية ثم اصطحابي إلى زنزانة ضيقة مظلمة خالية من أي شئ إلا بطانيتين على الأرض.
بعد حوالي ربع ساعة في الزنزانة جاء الحارس لتغمية عينيّ مجددا واصطبني للحديث مع مسئولين لم يفصحا عن هويتهما أخبراني بأن المسألة ستنتهي في الصباح وأمرا بتحسين ظروف احتجازي ونقلي إلى “الفيلا”. تم اصطحابي إلى غرفة متواضعة نظيفة إلى حد كبير بها سرير وملحق بها حمام صغير وسُمح لي بإدخال بعض الطعام والشراب اللذي حصلت عليه من المحامين في النيابة.
بقيت داخل الغرفة المأمنة بباب خشبي خلفه بوابة حديدية منذ منتصف ليل الأحد 8 نوفمبر وحتى ظهيرة اليوم الثلاثاء 9 نوفمبر. خلال هذه الفترة لم يتم التحقيق معي وباءت كل محاولاتي بالفشل في مطالبة الحراس بإبلاغ المسئولين رغبتي في معرفة قرار النيابة العسكرية بشأن احتجازي أو معرفة وضعي القانوني كمحبوس احتياطي أو محال للمحاكمة أو مخطوف أو حتى بمقابلة أي من الضباط.
ظهيرة اليوم الأحد تم تغميتي مجددا واصطحبني حارس مسلح في سيارة إلى المخابرات الحربية مجددا حيث اجتمعت لمدة ساعة بضابطين برتبة لواء ومقدم وعلمت للمرة الأولى منهما بأن النيابة قررت حبسي أربعة أيام على ذمة التحقيق ولكن المخابرات الحربية قررت إطلاق سراحي اليوم