د/محمود دسوقى
سلسة مقالات الانسانية والمرض تتناول الصراع بين الانسان والمرض على مر العصور و تحضرنى مقولة الطبيب الفيلسوف (اوسلر ميلر) : ان من بين اعداء البشرية الثلاثة الحروب والمجاعات والامراض فان المراض المعدية هى الاشد فتكا بالانسان و كلنا نتذكر وباء الانفلونزا الذى حصد ثلث سككان العالم فى عام 1918 و سبب من الوفيات ابان الحرب العالمية الاولى فى عدة شهور ما لم تسببه الحرب فى 4 اعوام
وكنا نتحدث دائما ان هذا الصراع بين البشرية والمرض يتقلب ما بين لحظات انتصار ولحظات اخفاق وعجز والم و اليوم نسرد قصة من قصص الانتصار الذى غالبا ما يصاحبه اكتشاف علاج جديد او اكتشاف وسيلة تشخصية جديدة وكان للتقدم التكنولوجى المتسارع دور كبير فى هذه الانتصارات فبعد ان كان البشر قديما يستخدمون السحر و الشعوذة لعلاج الامراض الان نستخدم التكنولوجيا لعمل هذا السحر فى علاج الامراض و التشخيص المبكر للامراض ولان هذه الادوات التشخيص والعلاج هى سلاحنا نحن معشر الاطباء فهذا يفسر شغفنا الدائم بالقراءة و الاطلاع و التدريب والتعلم انها وسلتنا للحياة !!!!!! قصتنا اليوم هى الــعــين الســـــحرية (Magic Eye)
حلم وامنية الاطباء كان هو النظر الى داخل الجسم ليس فقط لمعرفة ما به من خلل ولكن لاصلاح هذا الخلل بدون فتح هذا الجسم كان يحلم بعين سحرية ينظر منها الى داخل الجسم لكن هذا الحلم كان ضرب من ضروب الخيال وان كان خيال علمى ولكنه خيال الى ذلك اليوم الموعود فى عام 1868 م حيث كان العالم الطبيب ( ادولف كوزمال Adolph Kussmaul ) يشاهد عرض لاحد السحرة و هو يبتلع سيفا فذا به يقف منتفضا و ذهنه شارد فى ما يراه و عيناه محدقة لم تكن لحظة انبهار بالسحر و لكنها كانت لحظة من لحظات تغيير مصير البشرية مثل تلك اللحظة التى شاهد فيها نيوتن التفاحة تقع من الشجرة هذه اللحظة التى شهدت اول فكرة لاختراع
المنظار او ( العين السحرية) وكان هذا العالم هو اول طبيب فى تاريخ البشرية يقوم بعمل منظار وهو اول من شاهد المعدة من خلال امبوب معدنى فى عام 1868 م و ان كانت هذه ليست هى اكتشافاته الوحيدة الا انها تعد اهم اكتشاف وانجاز لهاذ العالم
و توالت بعد ذلك المحاولات لعمل منظار لاستخدامه فى التشخيص ليس فقط فى الجهاز الهضمى و لكن ايضا فى امراض الجهاز التنفسى والبولى ووالتناسلى و تطورت المناظير واصبحت ليست فقط للتشخيص ولكن ايضا للعلاج و تم ابتكار المناظيرالجراحية و كان للتقدم التكنولوجى واختراع الالياف الضوئية والكاميرات دور فى حدوث طفرة كبيرة فى مجال المناظير و شهدت الفترة من 1968 الى 1990 عصرا ذهبيا فى تدور المناظير الطبية حيث تم تطوير مناظير المعدة و القولون والقنوات المرارية ومناظير الامعاء الدقيقة و منظار الموجات الصوتية و لم يتوقف العلم والتطور على حصول الاطباء على عين سحرية فقط بل تعدى الامر الحصول على يد سحرية من خلال المنظار يتم بها عمل كثير من الاجراءات التشخصية والعلاجية انها حقا طفرة طبية و انتصارا كبيرا فى معركة الانسانية ضد المرض