الحقيقة. لقد سمع كل واحد منا الكثير في الأشهر القليلة الماضية أن “رأس الأفعى الذي يثير الحرب هو في طهران”. ماذا تعني هذه الصيغة، ما سوابقها والأفق المنظور لها؟
إنَّ شعوب العالم، وقبلها الشعب الإيراني، وغالبية أعضاء البرلمانات والحكومات في العالم، ينادون بسحق “رأس أفعى إثارة الحرب”. من وجهة النظر هذه، من الطبيعي أن يتم تقييم أي تطور فيما يتعلق بحرب الشرق الأوسط وقياسه بمثل هذا المؤشر. كما يتم تقييم الهجمات الأميركية الأخيرة على قوات نظام ولاية الفقيه ووكلائه في الشرق الأوسط من خلال هذا المؤشر، بالرغم من أن لها انعكاسات مختلفة.
لذلك، من الطبيعي أن يكون “ميزان المعادلة” هذا في يد كل جماعة وتيار، ولكل منها تفسيراتها وتوقعاتها الخاصة للتطورات، وخصوصاً هجمات القوات الأميركية على القواعد الإيرانية في الشرق الأوسط. لكن هذه الرؤى ستصل بسرعة إلى نقطة الوحدة والقواسم المشتركة. لأنَّ القاسم المشترك بينها هو عبور “نقطة تحول” فيما يتعلق بـ”رأس الأفعى المروج للحرب”!
جانب من كلمة وزير الثقافة السعودي الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان في قاعة غولد سميث في لندنزرقاء اليمامة… أول أوبرا سعودية تنطلق من الرياض في أبريلعودة صلاح تساعد ليفربول على اكتساح برنتقوردصلاح يعود ويصنع ويسجل التوجهات المستقبلية للزراعة العضوية في السعودية حاضرة في المعارض الدوليةالسعودية تستعرض تجربتها في أكبر تجمع للزراعة العضوية في العالم
الهجمات الأميركية الأخيرة على القواعد والقوات الإيرانية، والتي يقول مسؤولون أميركيون إنها “ستتواصل”، جعلت النظام الإيراني “قلقاً”، و”فاجأت” مؤيدي الاسترضاء مع النظام.
من الواضح أنَّ الإطاحة بالدكتاتورية في إيران هي مسؤولية والتزام الشعب الإيراني ومقاومته. ولكن بقدر ما ينأى المهادنون في الغرب بأنفسهم عن دكتاتورية إيران، فإنَّ الشعب الإيراني سيقترب مما يريد. لأن هذه السياسة كانت حتى الآن “حاجزاً” خطيراً أمام انتفاضة الشعب الإيراني.
البداية وسابقة الأمر!
قبل عشرة أيام من سقوط محمد رضا شاه بهلوي في 11 شباط (فبراير) 1979، وصل الخميني إلى إيران وجلس في منصب “قيادة ثورة الشعب الإيراني المناهضة للشاه”. هذا التغيير في النظام من “ملكية الشاه” إلى “عهد ولاية الفقيه”، الذي حدث مع ديماغوجية وإساءة لمشاعر الناس الدينية، كان على خلاف مع ما أراده الشعب الإيراني والمنظمات الشعبية. كانت الإطاحة بدكتاتورية الشاه مطلب الشعب الإيراني وأيدتها القوى الشعبية. لكن صعود الدكتاتورية الثيوقراطية لم يصادق عليه الشعب والقوى الشعبية والثورية في إيران.
وقال السيد مسعود رجوي، وبعد أربعة أيام فقط من تحرره من سجن الشاه، في خطاب ألقاه في 24 كانون الثاني (يناير) 1979، بينما لم يكن الخميني قد دخل إيران بعد، قال: “لم نأتِ لتأكيد ما هو موجود. عليك أن تفكر في ما يجب أن يكون وما لا ينبغي أن يكون”. كانت هذه بداية “وجهتي نظر” حول “مصير الشعب الإيراني” التي فهمها الخميني قبل أي شخص آخر! لهذا السبب عارض انتفاضة الشعب والقوى الشعبية، وكانت نتيجة وصوله وأفكاره “دكتاتورية ولاية الفقيه” و”قمع الحرية” في إيران و”إثارة الحرب” في الشرق الأوسط.
سعت القوى الشعبية في ذلك الوقت إلى إلغاء الدكتاتورية في إيران وإقامة “الحرية” و”الديمقراطية” و”الحكومة الديمقراطية”. في ذلك الوقت، كان الطريق الصحيح هو “تجاوز أفكار الخميني” وإبعاد دكتاتورية ولاية الفقيه، أو بكلمة واحدة، “إبعاد الحركة الرجعية الحاكمة” وتحريك المجتمع نحو “الحرية والديمقراطية”. المسار الذي وصل إلى 20 حزيران (يونيو) 1981 و”مظاهرات نصف مليون شخص” في مظاهرات طهران التي كانت “نقطة تحول” بعد عامين ونصف العام من المواجهة السياسية، كان لا بد من الرد على “رصاصة برصاصة”. بداية “حرب أهلية” في إيران كانت السبب الرئيسي لها ديكتاتورية الفقيه الحاكم!
لم تكن هناك قوة شعبية في تاريخ الدول التي أرادت الحرب. كانت بداية الحرب دائماً نظاماً دكتاتورياً. لهذا السبب في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، يتم الاعتراف بـ”الدفاع” كحق مشروع لكل إنسان وكل حركة شعبية ضد الديكتاتورية!
ماذا يعني “رأس الأفعى” وأين الحرب؟
بالرغم من أنَّ النظام الديني الإيراني متورط منذ فترة طويلة في إثارة الحروب في المنطقة، إلا أنه كان مسؤولاً بشكل خاص عن إثارة الحروب في الشرق الأوسط منذ 7 تشرين الأول (أكتوبر) 2023. ما هو مذهل ولافت هو خوف النظام الإيراني من انتشار الحرب في الوضع الحالي. حتى التيارات والحكومات التي وصلت إلى السلطة مع “استعادة خطة العمل الشاملة المشتركة” وفكرة الحلم بـ”التفاوض مع هذا النظام” لا توقع الآن أوامر الهجوم العسكري على قوات النظام خارج حدود إيران فحسب، بل تعلن أيضاً أن “هذه هي بداية الهجمات!” هذه وثيقة لا يمكن إنكارها لإثبات شرعية صيغة “رأس الأفعى هو ولاية الفقيه في طهران”.
والآن، يرى علي خامنئي فشل نظامه وإسقاطه في فشل سياسة الاسترضاء ويخشى بشدة من مثل هذه الهزيمة. لأنه داخل حدود إيران، تغيرت المعادلات السياسية “بسرعة” وبشكل متسارع، وترسخت انتفاضة الشعب الإيراني ونشاط المقاومة الإيرانية بطريقة تجعل الإطاحة بالدكتاتورية الثيوقراطية في الأفق. لهذا السبب عندما تقترب حرب الشرق الأوسط، أو انهيارها، من حدود إيران، سيهبط الحجر الذي في يد الشعب الإيراني والمقاومة على رأس “أفعى ولاية الفقيه في طهران”! ومن هذا المنطلق، فإنَّ استهداف رأس أفعى الولاية في إيران هو الحل الذي لطالما دعت إليه المقاومة الشعبية الإيرانية وأرادت من المجتمع الدولي أن يفعله.