كتبت / دلال كمال راضى
في الصالون الأدبي للشاعرة دلال كمال راضي
في ندوته الشهرية
التي كان عنوانها ( الضمير الأدبي والتواصل بين الأجيال )
الضمير الأدبي وقيم الحق والخير والجمال
كتبت / دلال كمال راضى
إن الضمير كما يعرفه البعض وصف وكلمة تجسد كل المشاعر والأحاسيس والمبادئ والقيم التي تحكم الإنسان وتأسره ليكون سلوكه جيدا محترما مع الآخرين يحس بهم ويحافظ على مشاعرهم ولا يظلمهم ويراعي حقوقهم وباختصار شديد هو ميزان الحس والوعي عند الإنسان لتمييز الصواب من الخطأ مع ضبط النفس لعمل الصواب والبعد عن الخطأ
على مر العصور عانت النفس البشرية من الترنح و التأرجح بين الخطأ و الصواب و بين الخير و الشر فحسم المولى سبحانه وتعالى هذا بتشريعات سماوية بينت الخطأ من الصواب و الخير من الشر
ولأن الإنسان يولد على الفطرة فهو وعاء للخير ، أما الشر فهو انحراف عن هذه الفطرة و يكتسب بتصدع الانسجام النفسي بين الإنسان و ما حوله ..
و لما كانت النفس البشرية في سلوكها الداخلي و نياتها لا تخضع لأي تشريعات أو قوانين تحكم إنحرافها عن الفطرة جعل الله الضمير رادع عظيم و زاجر كبير لأي خطأ أو شر و خاصة الضمير الحي الذي يؤنب صاحبه على أي إنحراف فقد أقسم الله بالنفس اللوامة لعظمتها و هي التي تلوم صاحبها على الخير و الشر كما ورد عند أغلب المفسرين قال عز من قائل ( لا أقسم بيوم القيامة و لا أقسم بالنفس اللوامة ) صدق الله العظيم
و لأن الضمير كل لا يتجزأ فقد يستغرب البعض من مصطلح الضمير الأدبي الذي عنونت به هذه الندوة و الذي أريد منه مخاطبة فئة محددة هي فئة الأدباء و لفت أنظارهم بهذا العنوان
فنحن كأدباء و شعراء رسل حرف نخاطب الضمائر من خلال ملكاتنا الربانية التي سخرها الله لنا فتدوي كلماتنا لتهز الضمائر و تحركها و تحييها بالحب و الخير و السلام فلا أدب ان لم يؤدِب و لا شعر ان لم يشع شعور و مشاعر
و لأن الضمير الأدبي قد يضعف بل قد يموت إذا انحرفنا عن انحيازنا له و عن رسالتنا السامية الممتدة عبر العصور و التي حفظت للأدب وجوده و للشعر خلوده فما زلنا نردد ما قيل من شعر في العصر الجاهلي على سبيل المثال فيهز
ضمائرنا و يحرك وجداننا كما كان يفعل في ذلك العصر لانه رسالة تواصل إنساني بين الأجيال الماضية و الحاضرة ..
فإذا مات الضمير الأدبي أنقطعت هذه الرسالة فكيف سيخاطب الضمير من ليس له ضمير فما خرج من القلب وقع في القلب و ما أخرجه الهوى ضاع في الهواء
و لأننا كأدباء الآن من يحمل رسالة الأدب الممتدة عبر الأجيال فنحن مكلفون بإيصالها بكل أمانة و مسؤلية إلى الجيل الذي يلينا ليستمر معين الحب و الخير و السلام و الجمال بالتدفق عبر العصور ..
و لن يتسنى لنا ذلك إلا بالتحرر من السيئات الدخيلة على عالمنا السامي الجميل كالأنانية و الاحتكار و التحقير و التصغير و التزوير و التشهير ..
فإن لم تتجاوز ضمائرنا هذه الأمراض الخبيثة فستضمر كلماتنا و تضمحل و تضيع في غوغاء جدلنا و غلنا و تنقطع رسالة الأدب الممتدة فينا و نكون خاتمة سوء لفن إنساني عظيم حفظ للإنسان جمال روحه و تميزه و سيغدو الضمير الأدبي بلا ضمير و بلا أدب .