بقلم | مجاهد منعثر منشد دنت ساعةُ الرحيل , اذ تلقت مسامعي ما أصابني ذعرا . ناعٍ يبلغني بين اصحابي , فأوقرهم سمعاً وأذهلنا فكرا. غالطت مسامعي لكن قوله أرجفنا , فتيقنت ما اخبرنا به, وعلمت بأنَّ الشهادة فوضت مجداً شامخاً وطوت فخرا. غاب عنا بجسده غير مودعٍ , وروحه تشرق وتسلم علينا بطلعتها الغراء . كان يوم أمس يودعنا , قائلا : لن تستطيعوا معي صبرا. عشقته الشهادة فسارعت روحه شوقا كالبرق الى سبحان من أسرى في جنة المأوى . وله قصر مشرف هناك يتفاخر القصر بروحه بين الأنجم الزاهرة. كان يرى اعمار الضعفاء بحرا والحياة سفينة , اذا عبرت كانت روحه ودمه لها جسرا . هكذا ديدن الشهداء عبروا الملايين بأعمارهم ,فجلبت ارواحهم نفعا ودماؤهم دفعت ضررا . كل فرد منهم ضياء جبينه أغرّ إنْ اظلم الــــدجى , وتبدَّى بسنا أنواره يُخجل البدرا. لنقف ونسأل التاريخ عنهم فأنهم للقرين عظة والاحرار موعظة كبرى . قفوا واسالوا قبرا حوى جسداً أو رفات خيرِ أمّة حيرى؟ يجيبكم جسده حزتُ العلى والندى معا ,فاعجب عند تسميتي الورى قبرا ! يقولُ عياله : نبكيه عندك مدمعا في موعد الذكرى . اجابتهم المدامع شعرا اذا سكبت نثرا فقد سكبت شعرا .. صبرا آل الشهيد لفرط الاسى ,فما فارقكم إلا بجسده ,وابقا عندكم روحه خصالا حميدة للهدى والتقى عزا و ذخرا .