اسليدرالأدب و الأدباءاهم المقالات

الشباب العربي ورحلة البحث عن الفرص الضائعة

احجز مساحتك الاعلانية

كتب م/ امجد عبدالوهاب الشعيبي

الشباب هي مرحلة التطلع لمستقبل مزهر، وهي أكثر المراحل التي تتواجد فيها خصائص مميزة عن باقي فئات العمر. ومن أهم هذه الخصائص القوة والحيوية والنشاط والإبداع. وعلى جميع شبابنا استغلال هذه المرحلة استغلالاً صحيحا قبل فواتها. فكما قال الحديث الشريف (اغتنم خمساً قبل خمس: حياتك قبل موتك، وصحتك قبل سقمك، وفراغك قبل شغلك، وشبابك قبل هرمك، و غناك قبل فقرك) . فالشباب يعتبر من اكبر الشرائح الاجتماعية الهامة بصفته جانب رئيسي من جوانب المجتمع. وان كسب واستغلال هذا الشريحة في شتى القطاعات يعني كسب معركة التغيير والحداثة. والشباب أما أن يكون قوة فاعلة للإبداع والإنتاج في حال تم تمكينه وتوجيه طاقاته في الطريق السليم والمفيد، أو قد يتحول إلى قطاع راكد وغير فعال في حال لم يحسن توظيف هذه الشريحة وأيضا في حال لم يتم التعامل مع مشاكله والإسهام الجاد في حلها.
فقد ذكرت بعض التقارير أن نسبة الشباب في الوطن العربي والذين هم دون الـ 25 بلغت ما يقرب من 70 بالمائة من مجمل سكان المنطقة . وأكدت تلك التقارير إن الشباب هم الأكثر تعليمًا وتؤهلا ولديهم خبرات ومهارات لم تتح للأجيال السابقة؛ خاصة في مجالات تكنولوجيا المعلومات والاتصال وسهولة التواصل والاندماج، وهم الأكثر تفاعلا وتواصلا مع ثقافات العالم المختلفة، وهم الأكثر قدرة على الابتكار والإبداع والإنتاج، والأكثر طموحًا وتطلعًا وتخطيطا للمستقبل. وإن وجود نسبة كبيرة من الشباب بين السكان في بلد ما قد يحقق إسهاما ملموسا في أداء ونمو هذا البلد اقتصاديا واجتماعيا على المدى البعيد إذا ما ترك لهذه الفئة العمل بشكل أوسع ودمجها في الأعمال التنموية والمجتمعية.
ولكن إن عدم إتاحة الفرص لهؤلاء الشباب قد يعيق استغلال قدراتهم ومهاراتهم التي اكتسبوها خلال مراحل تعليمهم. وقد يؤدي هذا إلى رغبة عالية لديهم للبحث عن طرق أخرى قد تؤدي في نهاية المطاف إلى الانحراف والعمل بالطرق الغير شرعية والغير قانونية، أو قد يضطر البعض للهجرة وترك الوطن بحثا عن مجتمعات أخرى تقدر طاقاتهم وإمكانياتهم وإبداعاتهم التي تجاهلناها في بلداننا ولم نُقدر هذه الإمكانيات والقدرات التي لو استغلت لاستفاد منها المجتمع ولاستغلها أفضل استغلال.
فا هناك العديد من المشاكل والتحديات التي تواجه الشباب، وفي الغالب هي تحديات مركبة تَحَولْ بشكل كبير دون تحقيق تطلعات وطموحات هؤلاء الشباب. ومن أهم هذه المشاكل هي عدم إتاحة فرص عمل للشباب مما أدى إلى ارتفاع نسبة البطالة بين الشباب العربي، والتي بلغت في عام 2011م حوالي 26 بالمائة في المتوسط، وهي أعلى نسبة بطالة في العالم. وتتركز هذه النسبة بين الفئات العمرية 15-39 سنه وهي فئة الشباب المنتج. ومن التحديات الأخرى التي تواجه شبابنا هو انخفاض نسبة المشاركة في العديد من جوانب الأمور الحياتية؛ منها الاقتصادية والاجتماعية والسياسية. وكذلك التردي في جودة ونوعية التعليم بكل مراحله وعدم الربط بين التعليم والتنمية, وأيضا التردي والتدهور المخيف في الخدمات الصحية وانتشار الفقر في اغلب بلدان وطننا العربي، إضافة إلى ذلك ضعف السياسات ووضع الخطط و البرامج التنموية لكل من المؤسسات الشبابية والحكومية والأهلية.
هل سئلنا أنفسنا يوما ما لماذا نعيش في هذا المستوى من التخلف والانحطاط الفكري والتنموي وفي مختلف جوانب الحياة ، في الوقت الذي يتطور كل من حولنا من شعوب العالم ؟!!!!!
هل لان الشباب في هذه المنطقة الهامة من العالم (الشرق الأوسط/الوطن العربي) قد قاده حظه العاثر أن يعيش في بلدان لا يوجد للشباب فيها ألمكانه الذي يستحقونها! ففي مثل هذا العُمر لا يُمكن لمعظم الشباب أن يتقلّد منصباً وظيفياً مرموقاً، ويضل الأغلبية ينظر إليه بأنه لا يمتلك الخبرة والقدرة الكافية لتولي أي منصب أو حتى للتفكير بالطريقة الحديثة لطرح الخطط والاستراتيجيات أو لطرح حلول للمشاكل المجتمعية المعقدة. فمثلا عندما نشاهد في كل الدول العربية وبالأخص ما يسمى بدول الربيع العربي والتي اجتاحتها الثورات الشبابية؛ لم نرى أي شاب تقلد منصبا رفيعا في حكومات هذه الدول. وهذا الشيء قد يشعر شبابنا بالإحباط، وبالأخص عندما يرى كل المسئولين أو اغلبهم أناس قد تجاوزوا الستين والسبعين من العمر وفي بعض البلدان يتم استدعاء أناس من المعاش ليشغلوا هذه المناصب أو حتى مناصب الإدارات الوسطية يتم التعامل معاها بالمثل. وبهذا يظل كبار السن في كل مفاصل بلداننا هم السائدون وهم القاعدة الأصل ، وللأسف لا يتم مراعاة حقوق وإمكانيات الشباب في التفكير الحديث،التخطيط السليم، التنفيذ الصحيح، المُتابعة الجادة، والتأسيس لمستقبل مشرق و في جميع نواحي الحياة. ويتم التعامل مع الشباب على قاعدة نحن نفكر بالنيابة عنكم أيها الشباب فما عليكم إلا تقبل هذا الوضع والتماشي معه مهما كانت النتائج. إذا ما الذي جناه الشباب من ثوراتهم غير الدم الذي سفك في شوارع هذه البلدان وتم إخراجهم من دوائر التفكير والتخطيط لمستقبلهم القادم مرة أخرى.
هل بالفعل انه مازال هناك صراع بين الأجيال في وطننا العربي؟ هناك جيل قديم يتمسك بكل شي ويصر انه صاحب الحق والسيادة والفكر وجيل جديد يطمح لمستقبل أفضل ويرى إن معظم الجيل القديم لا يستطيع مواكبة التطور الهائل والسريع في كل المجالات، وان التفكير النمطي لم يعد مجديا إلى حد ما، ويجب البحث عن طرق أفضل وانجح من الطرق القديمة ويدعي انه يمتلك الكثير من هذه الأساليب. علينا إن ندرك مدى التطور الذي يعيشه عالمنا اليوم ، ومدى اندفاع الشباب الفطري لكل ما هو جديد وحديث ومُتطور، وعزوفه وتخليه وملله السريع من كل ما هو قديم تقليدي قد يعيق من التقدم في مجالات عده. فعلى الغير إن يتركوا لشبابنا المجال والفرص حتى يثبتوا أنهم عند حجم المسؤولية الملقاة على عاتقهم تجاه مجتمعاتهم وشعوبهم. ولكن هل يوجد حل وسط يتم المزج فيه بين أصالة وخبرة الجيل القديم وحداثة وتطور ومواكبة الجيل الحديث؟ اعتقد في مثل هذه الحالة من الممكن إن يتم التوازن والرضاء بين الجيلين وقد يساهم بالدفع في عملية التنمية للدوران إلى الأمام.

رئيس التحرير

المشرف العام على موقع العالم الحر

Related Articles

Back to top button