جرى حوار بيني وبين معالي السفير البروفيسور الدكتور/ محمد حسن كامل رئيس اتحاد الكتاب والمثقفين ورئيس اتحاد سفراء فوق العادة – باريس حول إعادة تنوير الفكر في المجتمع . وكان الحوار شيقا ومن ثم تبلورت الفكرة في ذهني لتناول هذا الموضوع . التنوير الفكري مهمة شاقة جدا في الوقت الحالي لان أنماط التفكير في بلادنا أصابها العقم والبلادة والترهل ، ولكي يقوم المثقفون بحملة تنويرعقلانية فهم بحاجة الى قنوات إعلامية وبرامج ثقافية لمحو ما تَركز في العقل العربي منذ حوالي قرن كامل من تشويش فكري وخلط مفاهيم . المثقف التنويري واقع بين السنديان والمطرقة ، اذا هاجم الحكومة للتقصير والتقاعس في هذا المضمار فسوف يُقابل بالتنكيل وغضب السلطات الرسمية عليه وأن هاجم فكرا ضلاليا من فئة معينة فله الويل كل الويل حيث انه يوضع على القوائم السوداء ، كل هذايجعل المثقف التنويري قابعا في مكانه فلا خطوة للأمام . ولكن السؤال المهم هو كيف سيطر هذا الفكر اللاعقلاني على الناس ؟ لو فرضنا ان المثقفين المصريين نجحوا في ترميم عمليات التنوير العقلية ، فكيف سينجحون في كسر هذا الكم الهائل من الظلام العقلي والفكري الوارد من جهات متعددة من خارج الحدود ؟ هنا في أوروبا لا أحد يخشى سلطة الدولة ولا سلطة اي حزب كان من ناحية ما يُطرح من الأفكار . الكل يقول رأيه ولا يخشى الاخر ولكن نحن لا نقبل ولا نتقبل الرأي الاخر اذا كان معارضا للنظام او لسطوة جماعة دينية او حزب ما . هذه الاشكالية اي اشكالية الخوف من قول ما يريده الشخص معدومة هنا في أوروبا ولكن في بلادنا فالخوف من مصير مظلم هو رأس الحكمة للحصول على لقمة العيش والسكينة النفسية والهدوء الاجتماعي . في بدايات القرن الماضي كان الفكر الضال محاصرا ومحصورا في فئة قليلة جدا ولكن منذ حوالي ثلاثة عقود رسم طريقه بوضوح ووضع خططه وتمارس في أساليب تشويه الفكر الإنساني ، وهكذا اصبح خطره كبيرا وهداما . منذ بداية ما يُسمى بالربيع العربي تعالت الصيحات والمطالبات بتغيير الخطاب الديني ولكن لا حياة لمن تنادي !! يؤم المساجد الكثير من المصلين الذين يسمعون الأئمة والذين غالبا ما يحشون عقول الناس بتفكير نمطي ديني مشوش . والاغرب ان هؤلاء الأئمة يغلقون أفواههم في المسائل السياسة التي تحتاج لتنوير الناس . إذن فليبدأ المثقفون التنويريون بإزالة العفن المتراكم ليحل محله نقاء الفكر التنويري العقلاني دون اللجوء لمهاجمة نصوص قرآنية او اخري دينية ، عليهم دائما التركيز على الجوانب الإيجابية . ان الحل الأمثل للتنويرالعقلي والفكري هو تضافر الجهود من المثقفين وفتح أبواب قصور الثقافة المهجورة حاليا وإقامة الندوات على مستوى الجمهورية لمحو وإزالة الأنماط الفكرية اللاعقلانية السابقة والتركيز على القيم والمبادىء التنويرية وعدم الخوض في السياسات وهذا يتطلب مجموعة من هؤلاء المثقفين والاُدباء والباحثين من الذين تشربوا القيم العقلانية الفكرية والتفكير السوي .